الثلاثاء 2022/11/08

آخر تحديث: 06:06 (بيروت)

هل سيحافظ نتنياهو على صداقته مع بوتين؟

الثلاثاء 2022/11/08
هل سيحافظ نتنياهو على صداقته مع بوتين؟
increase حجم الخط decrease

حين سئل رئيس تحرير الأخبار في القناة التاسعة الإسرائيلية الناطقة بالروسية دمتري دوبوف عما إذا كان نتنياهو صديق بوتين، كما يشاع في روسيا، كاد الرجل أن ينقلب على ظهره من الضحك، وقال بأن مبنى مقر الليكود أثناء الحملة الإنتخابية كانت عليه ثلاث صور كبيرة لكل من رئيس وزراء الهند الحالي والرئيس الأميركي السابق ترامب، وصورة بوتين. ولم يكن مقدما البرنامج على قناة تلفزة  المعارض الروسي ميخائيل خاداركوفسكي يقدمان برنامجاً فكاهياً، بل برنامج سياسي يتحدث عن عودة نتنياهو إلى السلطة ومستقبل العلاقات الإسرائيلية الروسية. فبعد خروج نتنياهو من السلطة، كانت هذه العلاقات قد تدهورت بشدة على خلفية موقف إسرائيل المحايد من حرب بوتين على أوكرانيا وتصريحات سيرغي لافروف عن أصول هتلر اليهودية. ويشيع إعلام الكرملين أن "الصداقة" الشخصية بين بوتين ونتنياهو سوف تنقذ هذه العلاقات من وضعها السيء الراهن. 

صحيفة الكرملين vz نشرت في 3 الجاري نصاً بعنوان "صداقة بوتين ونتنياهو تنقذ علاقات روسيا مع إسرائيل". قدم الكاتب لنصه بالقول أنه، بينما كان نتنياهو في المعارضة، طرأت تغيرات كثيرة تركت آثارها على العلاقات بين موسكو وتل أبيب. فقد تعزز التحالف بين روسيا وإيران واندلع الصراع بين روسيا وأوكرانيا. وتساءل الكاتب ما إن كان نتنياهو سيتولى دور الوسيط في هذا الصراع. 

لوهلة بدا وكأن الكاتب كان لا يزال يشاطر رأي صحيفة Times of Israel بأن نتائج الإنتخابات قد تتغير في نهاية أسبوع إحتساب عدد أصوات المقترعين سلفاً من الدبلوماسيين والعسكريين الإسرائيليين، والذي كان يقدر بحوالي 500 ألف صوت. لكنه عاد وأشار إلى قرار يائير لبيد في عدم المشاركة في مؤتمر أنصار البيئة في شرم الشيخ، وسيمثل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بلاده في المؤتمر بدلاً منه. 

ينقل الكاتب عن مدير المجلس الروسي للعلاقات الدولية RIAC أندريه كارتونوف قوله بان علاقات وثيقة "إلى حد ما" لا تزال قائمة بين نتنياهو وبوتين الذي يقدر جيدا سيرهما معاً في مسيرة "الفوج الخالد" (مسيرة سنوية منذ العام 2012 بمناسبة يوم النصر على ألمانيا النازية، شارك فيها نتنياهو العام 2018 خلال زيارة موسكو). لكن كارتونوف إستدرك بالقول أن الحكومة الإسرائيلية ستكون إئتلافية، وسيتعين على رئيس الوزراء أن يقدم على تنازلات. ويرى أن علاقات بوتين ونتنياهو ستكون ذلك العامل الذي يميز الحكومة الإسرائيلية الجديدة عن سابقتها. غير أن العوامل الموضوعية باقية، وأي خطوة لنتنياهو سوف تبقى تحت المجهر، وهو ما سيجعل من العسير عليه الإقدام على أي مناورة.

يرى كارتونوف أن من الخطأ إهمال عامل الكيمياء الشخصية بين بوتين ونتنياهو. ويقول بأن نتنياهو يجيد فن مصالحة وجهات النظر المختلفة. وفي المجتمع  الإسرائيلي ثمة من يتعاطف مع الأوكرانيين، وتتعرض إسرائيل لضغوط بشأن أوكرانيا من شركائها الغربيين، والأميركيين في الطليعة منهم. ومن المحتمل أن نتنياهو، حتى في ظل هذه الضغوط، قد يحاول أن يكون وسيطاً آخر في الصراع الأوكراني الروسي، حيث فشل الوسطاء الآخرون. ومن أجل اكتساب صفة الوسيط، قد يحاول نتنياهو خلق مسافة عن هذا الصراع.  

ويقول كارتونوف أن نتنياهو، وفي مطلق الأحوال، سوف يحاول الحصول على نقاط إضافية لصالحه على الإتجاه الإيراني. فهو يخشى تعزيز قوة حزب الله بأسلحة إيرانية جديدة، بما فيها المسيّرات الإيرانية المعروفة. ويتوقع أن يدعو نتنياهو موسكو للتأثير على إيران لتضبط نفسها في توريد مثل هذه الأسلحة للبلدان المجاورة للدولة العبرية. وإذا كان نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي "القبة الحديدية" قد أثبت فعاليته في التعامل مع الصواريخ يدوية الصنع التي تطلقها "حماس" من قطاع غزة، يتساءل كارتونوف عن قدرة هذا النظام على التصدي للمسيّرات الإيرانية التي قد تسلمها إيران لحزب الله. 

وتقول الصحيفة بأن وزارة الخارجية الروسية تتوقع تعديل إسرائيل موقفها من الصراع الأوكراني، وتأمل في إستمرار التعاون بين إسرائيل وروسيا في ظل الحكومة الإسرائيلية الجديدة مهما كانت. وتنقل عن الناطقة بإسم الوزارة ماريا زاخاروفا قولها بأن نهوض النازية الجديدة وأيديولوجية التعصب القومي وكراهية الإنسان من جديد في أوكرانيا، مسألة مهمة وحساسة بالنسبة لإسرائيل. وهي لا ترى ما يمكن أن يمنع القيادة الإسرائيلية "الحالية، القادمة بغض النظر عما تكون" من تقبل الموقف الروسي. 

ويبدو أن التوقعات الروسية بشأن موقف نتنياهو من الحرب على أوكرانيا ليست بعيدة عن الواقع. فقد نشر موقع قناة التلفزة الأوكرانية 24tv في 3 الجاري نصاً بعنوان "في إسرائيل رئيس وزراء قديم جديد يقف ضد مساعدة أوكرانيا..." يقول الموقع بأن إسرائيل لا تقدم السلاح لأوكرانيا، إلا أنها تزودها بمعلومات مخابرات حول المسيّرات الإنتحارية الإيرانية. وأشار إلى أن نتنياهو أعلن الشهر المنصرم بأن موقف إسرائيل من الحرب الروسية الأوكرانية "متعقل". لكنه وقف ضد تزويد أوكرانيا بالسلاح، وذلك لأنه رأى أن التقنيات العسكرية الإسرائيلية قد تقع بيد إيران. وينقل عن نائب مدير مركز الدراسات الشرقية في كييف قوله بأن نتنياهو تربطه فعلياً علاقات صداقة وثيقة مع فلاديمير بوتين، حيث التقى معه أكثر بكثير مما التقى مع الرئيس الأميركي. كما ينقل عن بوليتولوغ أوكراني آخر قوله بأن أوكرانيا ليست على أجندة إسرائيل الإجتماعية الإقتصادية. 

موقع الخدمة الروسية في Forbes الأميركية نشر في 5 الجاري نصاً للباحثة  والمستعربة الإسرائيلية من أصول روسية وعضو الكنيست السابق Ksenia Svetlova نصاً بعنوان "عودة نتنياهو: ما هي المشاكل التي تنتظر حكومة إسرائيل الجديدة". وكانت الباحثة مراسلة  الشؤون العربية في قناة التلفزة الإسرائيلية "إسرائيل +"، وتصفها موسوعة ويكيبيديا بالجريئة وتنشر صورة لها، حسناء شقراء في الـ43 من العمر، تتجول بمفردها في شوارع القاهرة. تقول الباحثة أن إسرائيل، وبعد 5 جولات إنتخاب خلال 3 سنوات، حصلت أخيراً على حكومة مستقرة "إلى حد ما". إلا أنه من المستبعد أن تتمكن من تخفيض "الإنقسام العميق" في المجتمع الإسرائيلي حول العديد من المسائل المهمة ـــــ من الصراع مع الفلسطينيين إلى علاقة الدين بالدولة. وترى أن هذه الإنتخابات شهدت ظهور وجوه يعتبرها إسرائيليون كثيرون متطرفة وفاشية. وتقول أن إيتمار بن غفير سبق أن أدين لعضويته في منظمة إرهابية، كما نظم شريكه بتسليل سموترتش إحتجاجات ضد المثليين، وشريكه الآخر آفي ماعوز المعادي للمثليين أيضاً، فقد دعا إلى إطلاق النار على الفلسطينيين الذين يرشقون الحجارة. 

ترى الباحثة أن إئتلافي الإنتخابات نالا عدداً "متساويا تقريباً" من أصوات الناخبين. لكن إئتلاف الليكود حصل على عدد أكبر من المقاعد في الكنيست لأنه تمكن من  الجمع بين عدد من الأحزاب. في حين "إئتلاف التغيير" لم يتمكن أحد الحزبين فيه ــــــ  حزب يسار الوسط ميريتس ـــــــ  من تخطي الحاجز الإنتخابي، وبقي الحزب الآخر "إسرائيل بيتنا" دون توافق على توزيع الأصوات المتبقية. 

وتقول الباحثة الإسرئيلية أنه ، بغض النظر عن تركيبة إئتلاف نتنياهو، إلا أنه سيتعين عليه الإثبات لشركاء إسرائيل بأنه يلتزم النهج العام للبلدان الغربية بشأن أعمال روسيا في أوكرانيا، سيما وأن الزعيم الإسرائيلي كان يتباهى سابقاً بصداقته مع بوتين، واستخدم صورة معه في حملته الإنتخابية العام 2019. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها