السبت 2021/09/11

آخر تحديث: 06:37 (بيروت)

بوتين وسيطاً بين واشنطن وطهران

السبت 2021/09/11
بوتين وسيطاً بين واشنطن وطهران
increase حجم الخط decrease

تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول نشاط إيران النووي، وتنديدها بعدم تعاون طهران في إطار مراقبة برنامجها، رفع منسوب القلق على مصير "الصفقة النووية" وإمكانية عودة إيران إلى مفاوضات فيينا، دون طرح شروط جديدة تعرف مسبقاً أنها مرفوضة أميركياً. وكان القلق على الصفقة قد بدأ يتصاعد مع وصول المتشددين إلى السلطة في عملية إنتخابية، تمت هندستها بدقة، لإستبعاد أية إمكانية للحؤول دون ذلك. وكان سبق نشر الوكالة تقريرها الثلاثاء المنصرم بيوم واحد تحذير للناطق بإسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده من أن "إستخدام الوكالة الذرية لأغراض سياسية" سوف يستدعي "ردة فعل مناسبة" من جانب  طهران. وأضاف خطيب زاده بأن الإجتماع القادم لمديري الوكالة سيكون عادياً، ولا يجدر بأحد أن تكون لديه خلال الإجتماع "حسابات خاطئة" حيال إيران، وحذر من أن إستخدام منصات الوكالة لأغراض سياسية سوف يستدعي "ردة فعل مختلفة" من قبل إيران، حسب ما نقل موقع روسي عن وكالة "تسنيم" الإيرانية.

وإذ يشير الرجل إلى التعاون "التقني والإحترام المتبادل" بين إيران والوكالة الذرية، يقول بأنه يأمل في ألا يتدخل أي طرف في هذا التعاون، وبأنه "سمع أنباءاً" عن خطط لزيارة مدير الوكالة رافائيل غروسي إلى طهران.

في رده على سؤال بشأن مستقبل مفاوضات فيينا، قال خطيب زاده بأن المفاوضات "يجب أن تكون لمصلحة إيران" وفقاً لما تنص عليه إتفاقية الصفقة وينص قرار مجلس الأمن 2231، واللذين خرقتهما الولايات لمتحدة غير مرة. وحذر البيت الأبيض من أن إنتهاج سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب في "الضغط الأقصى"، لن يؤدي إلا إلى "الفشل الأقصى". ونصح واشنطن بأن تأتي إلى مفاوضات فيينا مع جدول أعمال "حقيقي" وتنفيذ كامل للإتفاقية. 

عض الأصابع بين إيران والولايات المتحدة بدأه وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان بعد أقل من أسبوع من نيل الحكومة الإيرانية الجديدة ثقة البرلمان الإيراني أواخر الشهر النصرم. فقد صرح بأن إيران "لن تهرب من المفاوضات" في فيينا، لكنها لن تعود إليها قبل شهرين أو ثلاثة أشهر حتى تكون الحكومة الجديدة قد درست الملف. وعلقت وكالة الأنباء الأذرية "haqqin.az" على التصريح بنص نشرته في 2 من الشهر الجاري، وعنونته "رئيسي ليس روحاني. لا تحشروا لنا في الصفقة ما لا لزوم له". وقالت الوكالة في مطلع النص بأن طهران، ومنذ أسبوعين، تضع الحطب في النار وتتلاعب بأعصاب الأوروبيين والأميركيين بشأن مصير مفاوضات البرنامج النووي. ولا تنسى عند هذا أن تذكّر في كل مرة بأن إيران لا تتخلى عن هذه المفاوضات. و رأت أن طهران تشبه القطة التي رفعوا صحن القشدة من تحت أنفها، وبقيت جامدة في مكانها غاضبة تتوعدهم بأنه "لن يكون إلا كما أريد". واختارت في ردها تكتيك "الشرطي الشرير"، إذ تتهم واشنطن بكل شيئ وتجبر الأوروبيين على القيام بالجزء الأساسي من العمل، أي إقناع واشنطن "كم هي مهمة العودة إلى المفاوضات"، وفي الوقت عينه إسترضاء طهران للعودة إليها. 

تصريح عبد اللهيان بأن حكومته لن تذهب إلى المفاوضات قبل شهرين أو ثلاثة، إضافة إلى التقريرين الأخيرين لوكالة الطاقة الذرية عن الإنتهاكات الإيرانية وعرقلة عمل مراقبيها، دفع واشنطن للرد بتصريح من وزير الخارجية بلينكن بأن الولايات المتحدة تصبح "أقرب فاقرب" من التخلي عن الصفقة النووية مع إيران، حسب صحيفة "MK" الروسية في 9 من الشهر الجاري. كما رد على عبد اللهيان أيضاً وزير الخارجية الألماني هيكو ماس، حيث قال بأن فترة شهرين أو ثلاثة للعودة إلى المفاوضات "هي مدة طويلة جداً". كما أعلن، حسب الصحيفة، بأنه اتصل هاتفياً بزميله الإيراني لإقناعه "بالعودة سريعاً إلى طاولة المفاوضات، وقال بأن برلين، مع ذلك، مقتنعة كما في السابق بأن الحكومة الإيرانية الجديدة تؤيد النتائج التي تم التوصل إليها في المفاوضات.

واشنطن، وفي محاولة منها لإقناع طهران بالتخلي عن مناوراتها المكشوفة وتسريع عودتها إلى مفاوضات فيينا، أرسلت مبعوثها الخاص إلى إيران روبرت مالي إلى العاصمتين اللتين على علاقة جيدة مع طهران، موسكو وبارس. ونقل موقع "Sputnik" الروسي في 8 من الجاري عن نائب وزير الخارجية للشؤون الأميركية سيرغي ريباكوف قوله بأن "المشاورات مع مالي جرت على مدى يومين. وأشار إلى أنه تم التخطيط لها خلال مدة طويلة، وذلك لمناقشة "الوضع بأكمله وتفحص المستقبل". وقال بأن المشاكل كثيرة، واللحظة الراهنة هي لحظة "من المهم جداً تحاشي إرتكاب خطأ فيها". وقال ريباكوف بأن روسيا تحذر الغرب من رفع الرهانات على إتفاقية "الصفقة النووية، بما فيه على خط مجلس مديري الوكالة الذرية"، وهي عازمة على طرح هذه المسألة مع مالي. 

وفي إشارة منه إلى موافقة روسيا على إتهام إيران للوكالة الدولية بتسييس عملها، قال ريباكوف بأن الدبلوماسيين الروس عازمون على تحذير زملائهم الغربيين من تضمين صياغات إدانة لإيران في التقرير المفترض لمجلس مدراء الوكالة الذرية الدولية.   

توجهت "المدن" إلى الصحافية الروسية المتابعة لشؤون المنطقة وإيران في موقع RT يوليا يوزيك  بسؤال عن التجاذبات الأميركية الإيرانية بشأن العودة إلى مفاوضات فيينا، وعن زيارة روبرت مالي إلى موسكو. قالت يوزيك بأن مالي هو أحد أبرز الشخصيات المتخصصة بالشؤون الإيرانية في فريق الديموقراطيين. شكلياً هو الممثل الخاص للرئيس بايدن، لكنه كان أحد أهم المسؤولين عن الشأن الإيراني في فريق باراك أوباما، وأحد مهندسي الصفقة النووية في العام 2015.

وتعتبر أن مالي هو ،بدون شك، "كنز بالنسبة لإيران. وليس عبثاً أن طهران "هكذا ضغطت" لتعيينه، من خلال ممارسة الضغط على بايدن والمحيطين به في البيت الأبيض في الميديا الإيرانية وعبر قنوات الضغط الأميركية. 

وتقول بأن مالي، وقبل أن يصبح ممثلاً خاصاً في إيران، كان يترأس المؤسسة الأميركية الخاصة للأبحاث والدراسات صاحبة النفوذ Crisis Group، وساعد "على نحو مذهل" الحرس الثوري بتوصياته كيف يعملون في ظل إدارة ترامب. وتقول بأننا سوف ننذهل إذا عرفنا أن "التوسع النووي" كان واحدة من هذه التوصيات. 

وتقول يوزيك أن مالي وصل إلى موسكو بصورة "سرية تقريباً"، ولم يتسرب شيئ للصحافة عن الزيارة، إلا بعد أن كان قد غادر. ومالي هو "لاعب خلف الكواليس"، وقد إقترح على موسكو المشاركة في قرار ضد طهران لرفضها المفاوضات، ولرفعها تخصيب الأورانيوم 4 أضعاف (الرقم الرسمي فقط) إلى درجة 60% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. ومن المتوقع أن تكون موسكو قد رفضت الإقتراح ، وتفهم مالي هذا الرفض بالطبع. 

موسكو من جانبها، دعت إلى عدم الضغط على إيران. وقالت يوزيك بأنها تتوقع أن يقوم بوتين قريباً بدور الوسيط بين واشنطن وطهران، مما قد يطلق عملية المفاوضات بشأن الصفقة. وبوتين يحب أن يقدم لواشنطن مثل هذه الخدمات السلمية، كما كان في قصة سلاح الأسد الكيميائي، أو برنامج إيران النووي. 

بوتين سيدعو إيران للتفاوض، وخامنئي سوف يستمع إليه برأيها. ومالي سوف يضغط من أجل الصفقة ويساندها. وبينما تتواصل المفاوضات، من الممكن جداً أن تبلغ "النهاية المنطقية" لبرنامجها النووي. وتختتم بالقول هذه صفقة win-win، وهي مربحة لجميع أطراف العملية. 



   

 

    

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها