الثلاثاء 2021/05/18

آخر تحديث: 08:23 (بيروت)

حرب المدن الإسرائيلية

الثلاثاء 2021/05/18
حرب المدن الإسرائيلية
increase حجم الخط decrease

" ما يثير القلق لدينا أكثر مما تثيره الصواريخ من غزة، هي أعمال الشغب والاضطرابات في شوارع المدن الإسرائيلية المختلطة بين اليهود والعرب، وفي الحواضر العربية في إسرائيل" ــــــــ هذا ما رآه صحافي إسرائيلي في مقابلة مع الموقع الإخبار الأوكراني المستقل "ynian". وقال الصحافي بأن الإسرئيليين لم يتوقعوا مثل هذه "الفورة من الكراهية والزعرنة ورمي السيارات والسكان الآمنيين بالحجارة". ويقول بأن الإسرائيليين يدركون بأن الأمر إشارة إلى أن المجتمع مريض، وأن على الإسرائيليين أن يبحثوا عن علاج لهذه المشاكل . 

الملحق العسكري الإسرائيلي السابق في عدد من بلدان أوروبا الشرقية الكولونيل دافيد مزراحي كان أكثر تفصيلاً في الحديث عن حرب المدن الإسرائيلية بين العرب واليهود. قال في مقابلة مع الموقع الأذري المستقل المتخصص في الدفاع عن حقوق الإنسان "Haqqin.az" في 16 من الجاري، بأنه لو قيل له قبل أسبوع بأن الإسرائيليين سوف يتعرضون للقصف، لما "كنت دهشت كثيراً". لكن لو قيل له بأن سكان اسرائيل، "الذين يعيشون في وئام منذ عشرات السنين" ينتفضون ضد بعضهم البعض، ما كان ليصدق . 

وقال الكولونيل بأن العمليات العسكرية بين حماس والجيش الإسرائيلي ستتوقف قريباً. لكن بموازاة هذه العمليات يتكشف صراع أكثر جدية. وسائل الإعلام تركز على صواريخ حماس، لكن الخطر الرئيسي "ينتظرنا في الشوارع". فمنذ أن بدأ تبادل القصف مع حماس وهو يترقب الشارع أكثر من السماء "أتفحص الأرصفة أمامي حين أسير بالسيارة". فالتناقض الحالي بين الإسرائيليين العرب واليهود "جدي للغاية"، وهو"صدمة" للإسرائيليين، كما لو كان البولونيون يشتبكون يومياً مع الأوكران الذين يعيشون سوية معهم، او كما لو أن الصراع إندلع بين الكاثوليك والأرثوذوكس البولونيين. ويذكّر مزراحي بأن العرب واليهود يعيشون ويعملون مع بعضهم جنباً إلى جنب على امتداد سبعين عاماً، وغالبية العرب لا يريدون مغادرة إسرائيل "حتى في حال نشوء دولة فلسطينية". "منذ يومين كنا نحضر الأعراس سوية"، لكن، ثمة أشخاص عدائيون وسط العرب، كما وسط اليهود، برأيه . 

أشار مزراحي إلى أنه يعيش بين حيفا وتل أبيب، وتوجد قرية عربية قريبة من سكنه، حيث كان يوميا يشتري منها حاجياته، "ولا أتصور الآن حتى أن أذهب إلى هناك". ولغالبية اليهود وجهة النظر هذه ، كما أن العرب بدورهم يتحاشون الظهور في الأحياء اليهودية. 

ويقول بأنه في طريق عودته إلى البيت من تل أبيب "كنت أعبر قرى عربية كل دقيقة". إلا أنه كان يفضل خلال هذا الأسبوع العودة إلى المنزل قبل حلول العتمة، علماً "أنني قبل هذه الأحداث كنت أعود مطمئناً بعد حلول الظلام". ويتذكر أيام خدمته في بولونيا، ويقول بأنه خلال سنوات طويلة "كنت أردد لأصحابي  بأن المدن الإسرائيلية إحدى أكثر المدن أمنا في العالم، وأكثر أمناً من المدن البولونية"، لكن الآن يمكن القول بأنها كانت كذلك، لأن الإسرائيليين اليوم لم يعد بوسعهم التجول فيها ليلاً ، "وهذا هو ما شكل صدمة حقيقة لنا، وليس القصف" من غزة. ومن الطبيعي أن تكون القذائف المتطايرة فوق الرؤوس أمراً غير طبيعي مخيف، "لكننا اعتدنا على ذلك" .

ويشير مزراحي إلى أن القانون الإسرائيلي يلزم كل منزل أو شقة بأن تضم غرفة من دون نوافذ ، كملجأ. ومنذ يومين واقاربه في تل ابيب ينامون الليل في هذه الغرفة كي لا يهرعوا إلى الملجأ في كل مرة تدوي فيها صفارة الإنذار. ويقول هذا مرعب بالطبع، لكن ليس في ذلك "ما هو غير عادي لنا، على عكس الوضع في الشوارع" . 

ولدى سؤاله من الموقع عما سيطرأ على الصراع الداخلي في حال عاد الهدوء إلى قطاع غزة، قال  بأنه خلافاً لقطاع غزة، هذا صراع منفصل، وهو يجد صعوبة في القول ماذا سيحدث. لكن الجيش لا يمكنه التدخل، إذ حسب القانون البوليس وحده له حق التصدي لأعمال الشغب والصدامات بين السكان المدنيين. لكن البوليس الآن لا يقوم جيداً بالمهمة لأنه لم يكن مستعداً لمثل هذا التطور في الوضع.

في معرض رده على السؤال عن حل قضية غزة، قال مزراحي بأن قادة حماس يختبئون في ملاجئ تحت الأرض، ولا يتصورون حجم الدمار في الخارج الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي. لكن لدى خروجهم من مخابئهم سوف يدركون الحاجة إلى وقف العمليات العسكرية، إلا أن هذا سيكون من جديد حلاً مؤقتاً وليس إتفاقية سياسية . 

يختتم الموقع المقابلة بالقول بأن مشكلة الصراع الداخلي بين العرب واليهود أوقعت الكولونيل بالحيرة، كما  الكثيرين من العقلاء، وليس في إسرائيل فقط، وحل الصراع الداخلي في الأرض المقدسة لا يتوقف على العسكريين، بل على السياسيين.

بالاضافة الى الشهادة المفصلة للضابط والملحق العسكري الإسرائيلي السابق، التي حمّلت اليهود والعرب المسؤولية بالتساوي تقريباً عن حرب المدن الإسرائيلية، نقلت وسائل الإعلام الناطقة بالروسية شهادات أخرى عن هذه الحرب تحمل تفاصيل ووجهات نظر مختلفة . 

موقع "Dailystorm" الإخباري الروسي ( وهو غير الموقع الأميركي اذي يحمل الإسم نفسه) نقل شهادات مواطنين إسرائيليين عن قصف حماس وعن إضطرابات شوارع المدن الإسرائيلية. الدليل السياحي في القدس مكسيم بالو قال للموقع بأنه رأى تحت نوافذ منزله في القدس مشاركين يهود وعرب في أعمال الكسر والتخريب، التي تبدأ مع حلول المساء في المدن المختلطة بين العرب واليهود. وقال بأنه حين كان يخرج السكان العرب في اللد أو يافا أو عكا إلى الشارع ويضرمون النار في الكنيس ويحرقون السيارات ويهاجمون يهوداً منفردين، كان يخرج في اليوم التالي شباب يهود "ليردوا بشكل ما على أعمالهم". كانت المناوشات تستمر حوالي ساعتين، ومن ثم يتم تفريقها مع حلول الليل، "وننتظر مساء اليوم لنرى من سيخرج إلى الشارع". وقال بأنه كان يعتقد في البداية أن الشبان العرب يريدون بخروجهم التعبير عن إحتجاج ما لديهم، لكنه تبين له لاحقاً أنهم يخرجون بلا سبب ويبدأون أعمال التكسير والهجمات على السكان اليهود، وبرزت لديه "شكوك في نواياهم الحقيقية" . 

لكنه هو نفسه يعود ليتحدث عن أسباب خروج العرب إلى الشارع ، ويقول بأن من يخرج هم الشبان العرب بصورة رئيسية، وهم "فائرون، كثر منهم بعد الكورونا عاطلون عن العمل". أما الشباب اليهود "فيصرفون طاقة هذه السن في الخدمة العسكرية، التي تمنحهم فرصة التعقل وإكتساب مهنة". ويعتبر أن السبب الرئيسي للعنف في شوارع المدن الإسرائيلية "يكمن في البروباغندا الفلسطينية" .

المدير العام للجمعية الإسرائيلية الأذرية العالمية ليف سبيفاك قال في مقابلة مع  موقع "Vestnik Kavkasz"، بأن "سكان إسرائيل العرب انقلبوا ضدها". وكرر ما قاله الآخرون، بأن الخطر على إسرائيل ليس من صواريخ غزة، بل من حرب شوارع المدن الإسرائيلية بين اليهود والعرب. وقال بأن أكثر ما يسر الإسرائيليين هذه المرة، هو موقف الإمارات العربية المتحدة، التي "أصبحت أول دولة عربية تدعم إسرائيل في الصراع مع الفلسطينيين"، أول صوت عاقل في العالم العربي وجد في نفسه الشجاعة ليقول عن الوضع ما يفكر به الجميع في الحقيقة، "بمن فيهم العرب".  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها