الخميس 2019/03/21

آخر تحديث: 06:49 (بيروت)

مقاتلو الكرملين اللبنانيين

الخميس 2019/03/21
increase حجم الخط decrease
اللقاء الثلاثي بين العسكريين الإيرانيين والسوريين والعراقيين ، الذي عقد في دمشق الإثنين المنصرم، أثار حفيظة الجانب الروسي ، الذي لم يدع إليه . وقد دفع هذا التجاهل بعدد من المعلقين الروس إلى القول ، بأن محادثات دمشق الثلاثية تثير الشكوك ، وأن القيادة الإيرانية تحاول الإتفاق مع دمشق بدون روسيا . وذكّر موقع "news ru" بزيارة الأسد إلى طهران ، وكيف أتت عشية لقا الرئيس الروسي بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو ، وقبل أيام من جولة وزير الخارجية لافروف في الخليج العربي ، في إطار التحضير لجولة بوتين المنتظرة إلى هذه المنطقة .

ومن جانبه تساءل موقع القوميين الروس "SP" عن ما توافقت عليه دمشق وطهران من "وراء ظهر الكرملين" . ويقول الموقع ، أن ما رشح عن توافق الأطراف حول مواصلة القتال ضد الإرهاب ، وضرورة انسحاب جميع القوى الأجنبية ، التي لم تدع من قبل دمشق ، يبدو باهتاً بالنسبة لاجتماع على هذا المستوى . لكن الموقع يستدرك بأن اللقاء حدث مهم لطهران ، التي وظفت الكثير في سوريا للمحافظة على نظام موال لها . وهي تسعى في الفترة الأخيرة لتطوير نجاحها في مشاريع غير عسكرية تضم حقول البناء والموانئ والطاقة ، وحصلت من الأسد أخيراً ، دون مقابل تقريباً ، على مرفأ المستوعبات في اللاذقية . ويرى الموقع أن الإيرانيين أرادوا من خلال الإجتماع القول للجميع ، بأن سوريا والعراق في أيديهم ، وهو ما قد يكون صحيحاً ، إلا أن من الغباء ، برأيه ، عدم الإعتراف من قبلهم بأن 50% من هذا الإنتصار مدينون به لروسيا ، التي "بفضلها بدأ الشيعة وكل القوى الموالية للأسد بالإنتصار" .

وينقل الموقع عن أحد المستشرقين الروس قوله ، في تعليقه على لقاء دمشق ، بأن إيران وروسيا تقفان إلى حد ما بمواجهة بعضهما في سوريا، وهذا صراع على النفوذ ، وهو منطقي في مثل هذه الحالات . وما لقاء دمشق ، برايه ، سوى أحد تجليات هذا التنافس ، حيث كل فريق ، مهما كان حليفاً للآخر ، له أهدافه الخاصة، التي يسعى لتحقيقها . والهدف الرئيسي بالنسبة لروسيا الآن يتمثل في استقرار سوريا وسحب جميع القوات الأجنبية من هناك ، بما فيها القوات الإيرانية .

أما السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين ، وفي مقابلة مع الصحيفة الروسية المعارضة "novaya" في  15من الجاري ، فيرى أن "أسطورة التوسع الإيراني" هي عنصر أساسي في التكتيك الأميركي المعتمد في العالم كله لتشويه صفحة أخصام أميركا ، وتحميلهم مسؤولية أعمالها غير المشروعة . ويقول أن إيران وحزب الله لم يظهرا في سوريا سوى في مرحلة معينة من الصراع ، حين مزّق المقاتلون البلاد ، وحولوا المناطق ، التي استولوا عليها إلى جيوب للإرهاب . حينها لجأت السلطات السورية إلى إيران وحزب الله وروسيا لطلب المساعدة . ويبرز الآن فجأة ، على قوله، من ينادي : " فلتنسحب إيران بسرعة" ، زاعماً أن هذا يساعد في استقرار الوضع . لكن من يضمن حينها ، أن المجموعات الإرهابية لن تعود؟ هل أولئك الذين دعموا هذه المجموعات ؟ اي أنهم يقترحون تسليم المبادرة لأعداء سوريا ، حسب السفير، الذي يقول أن "محور المقاومة" وروسيا لم ينقذوا سوريا فحسب ، بل ولبنان أيضاً.

وفي تعليقه على قول الصحيفة ، بأن آمالاً كبيرة معقودة على روسيا في حماية النظام السوري الحالي من نفوذ إيران ، يقول السفير أن لا ضرورة لحماية النظام السوري من نفوذ إيران ، إذ بين دمشق وطهران وحزب الله تحالف راسخ لا يتزعزع . ويؤكد أن هذا التحالف باق كذلك في المستقبل أيضاً ، وأن الرأي السائد بأن عودة العلاقات بين سوريا والبلدان العربية سوف تضعف التعاون والتنسيق السوري الإيراني هو وهم ، برأيه.

ومع أن كلام السفير الروسي للصحيفة الروسية المعارضة جاء قبل انعقاد لقاء دمشق الثلاثي "من خلف ظهر الكرملين " ، إلا أن الصورة ، التي قدمها عن عمق التحالف السوري الإيراني ، جاءت بمثابة تحذير لأولئك الذين "يعقدون آمالاً كبيرة" على روسيا من الوقوع في مطب "تبسيط" تعقيدات الصراع السوري . ويشير اللقاء المذكور وزيارة الأسد "المفاجئة" قبله لطهران ، إلى أن أطراف "تحالف الحرب" على سوريا تجد أن الوقت قد حان لإبراز كل طرف ما بحوزته من أوراق "رابحة" في هذا الصراع .

وليس من المستبعد أن يندرج في هذا السياق بالذات التحقيق ، الذي قامت به الصحيفة الروسية المعارضة مع "متطوعين" شيعة في الجيش السوري الخامس بقيادة روسية سورية مشتركة . فقد نشرت صحيفة "novaya" المذكورة في 18 من الجاري تحقيقاً واسعاً من بلدة "القصر" على الحدود اللبنانية السورية مع المدعو الحاج محمد جعفر الملقب ب"الدون كارليوني" تحت عنوان "مستعد للموت في سبيل روسيا على الجبهة السورية " . وتلاحظ مراسلة الصحيفة أن "الدون كارليوني" هو "شيعي ، بالطبع" وصاحب نفوذ واسع ، وأن الشيعة وحدهم في لبنان يسمحون لنفسهم بانتهاج سياسة مستقلة عن الدولة ، "وليس داخلية فقط ، بل وخارجية أيضاً" . وتقول المراسلة أن محمد جعفر ليس عضواً في حزب الله ، ولا تتطابق مصالحه "كثيرا" مع مصالح إيران وحزب الله ، بل تتطابق مع مصالح روسيا "وهو ما كان مفاجئاً لنا كلياً". وهو قائد فصيل "درع الوطن" التطوعي ، الذي يقاتل في صفوف الفيلق الخامس في الجيش السوري في ظل قيادة روسية سورية مشتركة . ويتكون فصيله من 25% من اللبنانيين والبقية من السوريين . ويفاخر جعفر باستعراض الأوسمة العديدة، التي حصل عليها من وزارة الدفاع الروسية، ويشهد للروس بأنهم "عسكريون ممتازون ورفاق حقيقيون" ، ويتحدث عن الذين استشهدوا ، ويقول بأن فصيله فقد في دير الزور في العام الماضي 22 متطوعاً في القصف الأميركي للمرتزقة الروس "فاغنر" ، الذين ينفي جعفر بحزم انتماء فصيله إليهم .

وعن سبب انضوائه الطوعي  ، وهو الشيعي اللبناني ، تحت راية القوات الروسية في سوريا ، يقول جعفر أن الجيش اللبناني لم يكن لديه ما يكفي من القوات لحماية الحدود من الإرهابيين ، مما اضطرهم هم لتولي الأمر بأنفسهم . وعلى الرغم من أنه لم يعد للإرهابيين من وجود منذ زمن بعيد على الحدود اللبنانية السورية ، إلا أن فصيل محمد جعفر، المكون من أقربائه وابناء عشيرته، لا يزال يشارك في العمليات العسكرية في سائر أنحاء سوريا، حسب الصحيفة. وحين تسأله المراسلة عن سبب استمرارهم في القتال على الأرض السورية ، يقول جعفر "هذا واجبنا في الحرب ضد الإرهابيين . وسوريا هي وطننا أيضاً" .

وبعد أن تستكمل مراسلة الصحيفة تحقيقها البقاعي بلقاء كل من الأمين العام السابق لحزب الله صبحي الطفيلي، وعضو القيادة السابق عباس الجوهري ، تقول بأنها سمعت من محدثيها "المتنوعين جداً" في لبنان تقييماً إيجابياً لدور روسيا في الصراع السوري .  وتقول بأن هؤلاء ينسبون إلى روسيا وقف التوسع الإيراني في المنطقة ، والإنتصار على الإسلام الراديكالي ، لكن هذا التقييم ، برأيها، بالكاد يثير إعجاب الناس ، الذي ينظرون إلى الوضع من زاوية مصالح حزب الله.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها