الجمعة 2018/11/09

آخر تحديث: 06:27 (بيروت)

عقوبات إيران تهز روسيا

الجمعة 2018/11/09
عقوبات إيران تهز روسيا
increase حجم الخط decrease

تلقت روسيا نبأ العقوبات الأميركية على إيران بعصبية لافتة ، عكسها بوضوح إعلام الكرملين ، الذي تولى مهمة محامي الدفاع عن النظام الإيراني "الراسخ في وجه محاولات الولايات المتحدة إسقاطه من الداخل " . واجتمع ، على الفور،  مجلس الأمن القومي الروسي وبحث في الوضع "الناشئ ، إثر فرض الولايات المتحدة العقوبات على إيران ، وجرى التركيز على الطابع غير القانوني لمثل هذه العقوبات " .

العصبية الروسية هذه ليست مستغربة ، إذ أن حديث العقوبات في واشنطن يشمل روسيا أيضاً ، حيث يتوعدونها بتنفيذ المرحلة الثانية من العقوبات "شديدة القسوة" خلال الأيام القادمة . فقد أعلنت الناطقة باسم الخارجية الأميركية ، بعد يوم واحد من فرض العقوبات الجديدة على إيران ، بأنهم عازمون على العمل بموجب قانون حظر الأسلحة الكيميائية والبيولوجية ، الذي يجيز فرض عقوبات إضافية إلى تلك ، التي فُرضت الصيف الماضي على روسيا بسبب "قضية سكريبال" . وقالت المسؤولة الأميركية ، بأن الوزارة أبلغت الكونغرس في 6 الشهر الجاري ، بأن ليس هناك ما يثبت أن روسيا نفذت الشروط ، التي ينص عليها القانون المذكور. كما أعلن في اليوم عينه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي ، أن على إدارة الرئيس دونالد ترامب أن تعمل بسرعة وحزم ، لأن تردد السلطات في مسألة تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات على روسيا "لا يؤدي إلا  إلى زيادة العدوانية الروسية" .

حزمة العقوبات الثانية "المؤلمة جداً" على روسيا ، حسب "راديو الحرة" الناطق بالروسية ، قد تصل إلى قطع العلاقات الدبلوماسية ، أو تخفيض عدد الدبلوماسيين . وبوسعها أن تتضمن حظر البنوك الأميركية إقراض روسيا ؛ الوقوف ضد المساعدات المالية أو التقنية لروسيا في جميع المنظمات الدولية ؛ حظر تصدير أي سلع أميركية إلى روسيا ، وحظر الإستيراد منها ما عدا المأكولات والسلع الزراعية ؛ حظر شركات الطيران الروسية ، التي تملكها الدولة عن القيام برحلات جوية بين البلدين.

لم يصدر بعد أي تعليق روسي رسمي ، أو في وسائل إعلام الكرملين، على اللائحة المذكورة هذه ، وذلك بعكس كثرة ما قيل وكتب حول العقوبات الجديدة على إيران . فقد نقلت وكالة نوفوستي عن خبير روسي قوله بأن العقوبات الجديدة ، التي ترمي إلى حظر تصدير النفط الإيراني كلياً ، وتضم في لائحتها 700 شخصية ومؤسسة وكذلك طائرات وسفناً إبرانية ، هي ضد الشعب الإيراني وبسطاء الناس ، إذ سوف ترفع أسعار المواد الإستهلاكية . لكنهم في إيران اعتادوا على العقوبات ، برأيه ، وسوف يناضلون ضدها ، وإن كانت أقسى من سابقاتها . وسوف يتعين عليهم العودة إلى طريقة العمل السابقة في التجارة الخارجية ، حيث يتعاملون مع الصين باليوان ، ومع الهند بالروبية . وسوف يكون هناك تباطؤ في النمو ، إذ سوف ينخفض إنتاج النفط وتنشأ صعوبات في تصدير الغاز .

ويرى الخبير المذكور ، أن هدف العقوبات هو إحلال الديموقراطية الأميركية مكان نظام الملالي ، ويتوقع أن يطالب الأميركيون الإيرانيين قبول مستشارين أميركيين في الوزارات الرئيسية "كما حدث عندنا في روسيا". ويؤكد أن الأميركيين يمولون المنظمات الإرهابية في إيران ، و"سوف يستمرون في ذلك" ، ويعتقد أن الإحتجاجات قد تعود إلى شوارع المدن الإيرانية ، لكن "من الصعب القول ما إذا كانت ستتحول إلى ثورة أم لا " .  

لكن الإيرانيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي ، بأايه ، بل سوف يلجأون إلى تنفيذ تهديدهم بإغلاق مضيق هرمز وتوجيه ضربة جدية إلى الإقتصاد العالمي ، من خلال وقف نقل النفط من الحقول الموجودة على ضفتيه .

وتنقل صحيفة "NG" ، التي تصف نفسها بالمستقلة ، عن المبعوث الأميركي الخاص للشؤون الإيرانية ، أن الإدارة الأميركية  تضع نصب عينيها جعل مداخيل إيران النفطية تبلغ الصفر بواسطة العقوبات النفطية . كما تنقل الصحيفة عن خبير روسي بشؤون النفط قوله بأن إيران هي منافسة لروسيا في سوق النفط ، وأن خروجها من هذه السوق هو لصالح روسيا ، إذ سترتفع المنافسة فيها ، مما سيرفع الأسعار . لكن ، من جانب آخر، فإن خروج إيران هذا قد يفضي إلى انهيار إتفاقية أوبك+ ، مما سيجر إلى انخفاض هذه الأسعار . ويقول هذا الخبير أن السعودية هي ، التي ستحل مكان إيران في اسواق النفط ، إذ أن روسيا عاجزة عن زيادة الإنتاج بسرعة لغياب الإستثمارات في هذا القطاع .

أما صحيفة الكرملين "vz" فترى ، أن الولايات المتحدة تدفع إيران إلى الإنهيار التام ، وقررت ، كما يبدو، الإجهاز عليها ، ودفع الإيرانيين للإنتفاض ضد حكامهم . فلا يمكن تفسير العقوبات الأميركية الجديدة على طهران سوى على هذا النحو . وإيران تعاني ، بالفعل، من أزمة إقتصادية هائلة ، وما أن أُعلن عن العقوبات الجديدة ، حتى رفضت مجموعة من البلدان شراء النفط الإيراني . وتتساءل الصحيفة ما إذا كانت ستتمكن واشنطن من تنفيذ مخططها كلياً .

وتقول الصحيفة ، أن العداء الأميركي لإيران سابق على ترامب ، وقد أصبح بعد الثورة الإسلامية جزءاً لا يتجزأ من التصورات  الأيديولوجية لقسم من الإستبلاشمنت الأميركي . ولا عجب في ذلك ، فقد سهت عين واشنطن عن الثورة ، وفقدت أهم حليف ومصدر نفطي في الشرق الأوسط . فقد كانت وكالة المخابرات المركزية الأميركية تعتبر أن ليس في إيران من ظروف للثورة ، حتى أن واشنطن لم تكن على علم بمرض الشاه المميت ، حسب الصحيفة .

وتنقل الصحيفة عن "إستراتيجيين أميركيين" ، لم تفصح عن أسمائهم ، بأنهم أسروا إليها، بأن "النظام سوف ينهار تحت وطأة المشاكل الإقتصادية" ، وبالتالي تستنتج ، أن الهدف الرئيسي للعقوبات الأميركية ، هو تغيير النظام ، وتدمير الدولة الإيرانية من الداخل. لكن الصحيفة  متأكدة من أن النظام الإيراني ، وعلى الرغم من الإحتجاجات الجماهيرية ، يبدو ثابتاً ، وليس في نيته ، حتى الآن، التراجع . وتستشهد على ذلك بالمظاهرة ، التي خرجت قبل ساعات من فرض العقوبات بمناسبة ذكرى احتلال السفارة الأميركية في طهران، وخطب فيها رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني ، الذي قال " سوف تبرهن الأمة الإيرانية اليوم ، أن ترامب أصغر من أن يركع إيران" .

تقول صحيفة روسية تصدر في باريس ، أن واشنطن تطلب من إيران ، عبر عقوباتها ، أن تتراجع عن كل ما حققته من نفوذ في الشرق الأوسط ، وأن لا تعود للظهور في أي بلد مجاور ، أي أنها تطلب منها أن تنهي نفسها بنفسها "وتدخل الشرنقة" صاغرة. ومن الواضح أن روسيا حين تتحدث عن العقوبات الأميركية على إيران ، فهي تتحدث ، في الحقيقة ، عن نفسها ، وعن ما تضمره واشنطن حيالها ، من فرض العقوبات عليها . وما هذه الثقة بثبات النظام الإيراني ، على الرغم من صعوباته الإقتصادية ، سوى محاولة لقول الأمر نفسه عن النظام الحاكم في الكرملين ، ورفضه أن يعود إلى "الشرنقة" نفسها ، التي دخلتها روسيا صاغرة بعد انهيار الإتحاد السوفياتي .

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها