الخميس 2024/04/18

آخر تحديث: 21:53 (بيروت)

مباحثات إيران و"القوات اللبنانية" تشعل السجال المسيحي

نور الهاشم
الخميس 2024/04/18
مباحثات إيران و"القوات اللبنانية" تشعل السجال المسيحي
اللقاء الوحيد بين جعجع ونصر الله خلال طاولة الحوار الوطني في العام 2006 (أرشيف - أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
مقطع فيديو لا يتخطى الدقيقتين، كان كفيلاً بأن يجدد السجال والاتهامات بين مناصري "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" الذين انقسموا على العلاقة مع "حزب الله" وإيران، وأحيا الاتهامات بـ"الذمية"، مما يعكس حجم الهوة بين مناصريهما الذين لا يعترفون بالسياقات السياسية والظروف التي تسمح بتقارب أو تباعد بين الخصوم. 

ففي لحظة تلفزيونية استثنائية، اقتنص مقدم برنامج 2030 ألبير كوستانيان، مساء الاثنين الماضي، إشارة من الباحث السياسي المقرب من "حزب الله" قاسم قصير، حول زيارته لمعراب (مقر إقامة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع). واستطرد بالسؤال، ليخلص الى أن قصير، كان زار جعجع في الفترة التي سبقت اندلاع حراك 17 تشرين، مرتين، بهدف تقريب المسافة بين "حزب الله" وإيران من جهة، وحزب "القوات" من جهة أخرى. وانتهى اللقاءات من دون نتيجة تُذكر، لأن الإيرانيين "كانوا مصرّين على الكشف عن مصير دبلوماسييهم، كذلك حزب الله"، كما قال. 

وقال قصير أيضاً إنه زار معراب أيضاً في العام 2017 لتقديم نسخة من كتابه لجعجع، وشارك في مؤتمر حضره المسؤول الأميركي في ذلك الوقت، ديفيد شنكر، والباحثة اللبنانية حنين غدار (تعد من أبرز خصوم الحزب وتعمل الآن كباحثة في معهد واشنطن للدراسات)، إضافة الى باحث إيراني. وجاء المؤتمر في ذلك الوقت في لحظة تقارب أميركي – إيراني تلت الاتفاق النووي الإيراني مع دول غربية. 

خلال المقابلة، تحدث قصير عن حدثين منفصلين، في 2017 و2019، وكان واضحاً إنه لم يحصل أي تقدّم. لكن مجرد الكشف عن محاولة، دفع جمهور "التيار الوطني الحر" لاستهداف "القوات"، وعمّم مقطع الفيديو في مواقع التواصل، بما يتيح له استهداف خصمه السياسي، ووضعه في موقع المساواة مع التيار الذي ارتبط بورقة تفاهم مع الحزب، وتالياً، في محاولة لإغلاق ملف استهداف "القوات" لـ"التيار" في قضية التحالف مع الحزب. 

استمات جمهور "القوات" لنفي الواقعة، وتكذيب قصير، وذلك في سياق الردّ على "التيار". وبدا تكذيب قصير غير مفهوم وغير مبرر، بالنظر الى صورة انتشرت تظهر قصير يقدم كتاباً لجعجع، ما يدحض كل محاولات نفي الرواية. وحين ذهبت غدار الى تكذيب قصير، لصق لها الباحث خبراً عن المؤتمر الذي تحدث عنه من موقع "القوات"، تثبيتاً لمصداقية ما قاله. 

والاستماتة هنا لنفي حدوث لقاء من أساسه، تتجاهل الوقائع السياسية، وأن البلاد غير مغلقة على أي محادثات، سواء أوصلت الى نتيجة أم لم توصل. في الأساس، لم يقل قصير إن هناك اتفاقاً حدث، على العكس، قال إن المحادثات لم تصل الى نتيجة، ما يعني أن هناك محاولة فشلت، مما يجعل الحملة من اساسها، ظالمة، مرة من جهة "التيار"، ومرة أخرى من جهة جمهور "القوات".
 

فـ"التيار"، يحاول اقتناص لحظة إدانة لـ"القوات"، في ملف "حزب الله".. و"القوات" تحاول تعميم نظرية القطيعة والعداوة مع الحزب، علماً أن الطرفين، في مجهودهما الدعائي، لا يلحظان أنه لا خصومة دائمة في السياسة، ولا صداقات دائمة، وهي خاضعة للظروف. 

ففي تلك اللحظة، كان الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، بمثابة تحول سياسي كبير، من الطبيعي أن ينسحب على أصدقاء الولايات المتحدة الأميركية، كما على أصدقاء إيران في لبنان المنقسم بين المحاور. كما أنه جاء بعد اتفاق بين "القوات" و"التيار"، انتهى بوصول الرئيس السابق ميشال عون عون الى سدة رئاسة الجمهورية، بدعم من "القوات"، كما أثمر تأليفاً لحكومتين متتاليتين، كانت "القوات" جزءاً منهما في عهد عون. 

انعكس ذلك بطبيعة الحال، على محاولات تقارب بين "القوات" و"حزب الله". حين كان النائب ملحم رياشي وزيراً للإعلام، زار الضاحية، والتقط صوراً الى جانب مسؤولين في الحزب، ولم يتردد في القول بعدها إن حزبه غير منغلق على الحوار مع أي طرف، وهو أمر بديهي في سياق العلاقات السياسية الداخلية. 

عليه، يصبح استهداف قصير، أو الاستماتة لنفي وقائع مثبتة، بمثابة جهد متواصل لتعميم الأوهام. صحيح أن ثمة "هوة" بين الحزبين المسيحيين الأوسع تمثيلاً، لكن في الوقت نفسه، هناك هوة بين القيادات السياسية اللبنانية بأكملها وقاعدتها الشعبية، تستدعي المصارحة، منعاً لأن يبقى الجمهور في مكان، وقيادته في مكان آخر. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

مقالات أخرى للكاتب