الأربعاء 2024/04/17

آخر تحديث: 01:03 (بيروت)

مناصرو إيران: البحث عن انتصار

الأربعاء 2024/04/17
مناصرو إيران: البحث عن انتصار
احتفالات إيران (غيتي)
increase حجم الخط decrease
على مدى ثلاثة أيام، كان مناصرو إيران يبحثون عن انتصار مصوّر. الهجوم من دون صورة، غير ذي قيمة. يكتنف الشكّ ضخامته. الإنجاز المترتب عليه، غير ملموس، وتالياً، غير مقنع، حتى لو أثبتت الرواية الإسرائيلية وقوعه.. وذلك في معرض الردّ على التهشيم الاسرائيلي لحجمه، وما ترتّب عليه من تشكيك واتهامات بالـ"مسرحة"، والتي قادها خصوم إيران، تماهياً مع الرواية الإسرائيلية. 

والبحث عن الانتصار بالصورة، هو ما دفع هؤلاء المناصرين الى البحث عن فيديوهات يمكن أن تتحول الى اثبات، ويساهم في إقناع المتحمسين لنظرية "زوال إسرائيل بالصواريخ الإيرانية". عشرات الفيديوهات الكاذبة، احتلت منصات التواصل الاجتماعي. تحولت "تيك توك"، الى منصة ناقلة للتضليل، وحاملة لمحتوى مزيّف.

ينشر المغردون صورة لطائرة "أف 16" من صناعة أميركية، مدمرة في قاعدة جوية. وتليها، صورة لحظيرة طائرات مدمرة الى جانب طائرة أخرى. ثم، تجتمع الصورتان في مقطع فيديو ركيك تحت عنوان: "جندي اسرائيلي يسرب الخسائر في قاعدة جوية اسرائيلية بالنقب استهدفتها الصواريخ الإيرانية"، ليتبين لاحقاً أن الفيديو مضلل، ومجموع من صورتين، الأولى مأخوذة من دمار في قاعدة أميركية ناتج عن إعصار في العام 1992، والثانية من قاعدة جوية في الكويت في العام 1998. 


والصور الأخيرة، جزء من حفلة تضليل قام بها جمهور إيران، شملت مقطع فيديو لصواريخ أطلقتها إيران، وأخرى زُعم أنها من بدايات الهجوم، أو من سقوط الصواريخ، أو لانفجارات في الأراضي المحتلة... وهي، على أي حال، جزء من تضليل تورط فيه خصوم إيران أيضاً، إذ بثوا صورة لمسيرة عالقة على أسلاك كهربائية في سوريا، أو لاستعدادات اسرائيلية للرد على إيران... 


ويبدو البحث عن صورة، أو ادعاء أخرى، أمراً مفهوماً. بالنسبة للقاعدة الشعبية التي اعتادت الاطلاع على الإنجازات والخيبات من الصور، لن يقنعها دليل غير الصورة التي تبقى الإثبات الوحيد بالنسبة إليها. وتحاكي صورة "الإنجاز" الأمنيات الكثيرة، وتلبي الرغبات العاطفية والنفسية لجمهور شحنه المحتوى الدعائي بالآمال، وساهم في تعبئته محللون وأبواق لم يكفوا عن تصوير إيران كقوة أسطورية، ستنهي إسرائيل بصواريخ تطلقها. ويغيب عن هؤلاء أن الإنجاز قد يكون سياسياً، وليس عسكرياً، وكان في إمكان إيران تحقيقه من خلال ضربة "غير مسبوقة" و"تاريخية"، حسب وصف الوكالات ووسائل الإعلام الأجنبية. 

الحال أن الحسابات العسكرية، ليس في وسعها أن تلتقي دائماً مع التصورات العسكرية. فإيران، من خلال الضربة التي نفذتها فجر الأحد، لم تستعد هيبتها بالرد على غارة علنية طاولت أرضاً إيرانية (قنصليتها في دمشق) بالأعراف الدبلوماسية فحسب، بل سجلت سابقة لجهة استهداف دولة إسرائيل، منذ صواريخ عراق صدام حسين في العام 1990.. كما نفذت استعراضاً جوياً في سماء الأراضي المحتلة، ربما انتظره العرب منذ ما قبل نكسة العام 1967. 

لكن بالمعايير السياسية، لم يكن واقعاً أن تقوم إيران بأكثر مما قامت به. من جهة، نفذت ضربة لا يمكن أن تستدرج رداً قاسياً، وهو ما يصطلح محور إيران على تسميته بـ"الرد المدروس"، وذلك لعدم تدحرج الأمور إلى حرب، ولا تخرج عن خطوط رسمها ضابط الإيقاع الأميركي في المنطقة. ومن ناحية أخرى، ساهمت المؤازرة الأميركية والبريطانية والفرنسية والأردنية، بتخفيف نتائج الضربة، وذلك ضمن رسالة سياسية لإسرائيل بأنها لا تزال عاجزة عن حماية نفسها، وتالياً، لا يمكن لها ان تستعيد دوراً كانت تلعبه قبل العام 1990 كشرطي في المنطقة، حين خسرت دورها بمجرد دخول الجيش الأميركي الى الشرق الأوسط عملياً، خلال حرب الخليج الثانية.. ولا يزال. 

لن يفهم المناصرون البسطاء تلك المعطيات السياسية، والتي كرست إيران على طاولة المفاوضات الإقليمية مع الدول الكبرى. ينتظر المناصرون دليلاً حسياً، ملموساً بالعين، ويلبي الأمنيات، وهو ما يدفعهم للبحث عن صورة مضللة، وتعميمها، بحثاً عن إنجاز عسكري.  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها