الأربعاء 2024/03/20

آخر تحديث: 20:57 (بيروت)

أمين سلام.. وأوهام الدور

الأربعاء 2024/03/20
أمين سلام.. وأوهام الدور
increase حجم الخط decrease
يخفي ظهور وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، متوسطاً مسلحين اثنين من "أمن الدولة"، الجهد الإعلامي المبذول لإظهاره في هذه الصورة التي تتكرر، للمرة الثانية، خلال جولته على الأسواق.

والصورة، سواء كانت عفوية التقطتها عدسة مصور محترف أراد منها رسالة سياسية، أو كانت صورة مقصودة بهذا الإخراج، تكرّس صورة نمطية عن السياسي في لبنان. رجل محاط بالأمن، ومحتاط من اعتداءات، قوي ويتمتع بهيبة توفرها المؤازرة الأمنية، لدرء مخاطر (يفترض أنها) تحيط به، بسبب طبيعة عمله.

أوصلت الصورة الرسالة، وكرست هذا الدور لسلام الذي يتولى حقيبة وزارية تتضمن مديريتين، هما "مصلحة حماية المستهلك" التي لطالما شكت وزارة الاقتصاد بأن عدد موظفيها لا يتجاوز الخمسين موظفاً، وهو ما يجعل ضبط الأسواق، بهذا العدد المحدود من المراقبين، مستحيلاً. 

كما تتضمن الوزراة "المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري" المعنية بمراقبة الحبوب وتأمين الأمن الغذائي، وهي مديرية تعرضت لانتكاستين، أولهما قبل 15 عاماً مع إغلاق المصنع الأخير للسكر في لبنان، والثانية مع التدمير الذي لحق بأهراءات القمح في مرفأ بيروت نتيجة الانفجار المهول، ولم تتوصل الحكومة حتى الآن الى صيغة لإعادة تأهيله. 

من هذا المبدأ، تصبح الصورة التي ظهر بها سلام، مفتعلة، وتتخطى حجم الوزارة وأدوارها، وهو مثال لأسباب التندر التي ظهرت في مواقع التواصل إثر انتشار الصورة، يوم الاثنين، لدى جولته على أحد الأسواق الشعبية لمراقبة الأسعار في رمضان. ويستند هؤلاء إلى أن سلام لا يتولى حقيبة وزارية محفوفة بالمخاطر، مثل الدفاع أو الداخلية، واللتين إذا ظهر وزيراهما بهذه الصورة "الأمنية"، سيتعرضان أيضاً للنقد، وستشيران الى أن الوزيرين يرتابان في المواطنين، وهي صورة سلبية لوزير يفترض أن يكون محمياً بمحبة الشعب، وصديقاً له، مما يوفر له بيئة آمنة يتحرك فيها، من دون مخاطر. 


والصورة، مشوبة بالمبالغة. هي أكبر من حجمها، استناداً الى بيان وزارة الاقتصاد، الثلاثاء، والذي قالت فيه إن عدد العناصر الأمنية التي كانت تؤازر الوزير، يبلغ أربعة عناصر، وهو عدد طبيعي لمواكبة أي موظف رقابة يسهل تنفيذ القانون ومحاسبة المتورطين بتجاوزه. إذن، لماذا هذا الجهد الدعائي؟ 

في خلفية الظهور المسلح، إعادة انتاج لنمط حياة السياسيين في لبنان الممتد الى زمن الحرب. ما زال بعض السياسيين يحافظون عليه، فيما انقلب آخرون عليه، وعكسوا صورة مدنية، وحاولوا الإثبات بأن الوزير هو مدني، "تكنوقراط" بوظيفة محددة، ومختلف عن السياق القائم في البلاد. 

لكن صورة سلام لم تظهره ضمن الجيل الجديد. أعادته الى ماضٍ لم يكن هو، بحكم عمره الشاب، شريكاً فيه، ولا جزءاً منه. على العكس، يحاول إستعارة صورة ليست له، وهي على أي حال، جزء من الصور التي ينتجها السياسيون من الطائفة السنية أخيراً، مثل النائب وليد البعريني، أو حتى سلام وسواه.. وتتعزز بطموحات يتحدث عنها الإعلام، مرتبطة بأحلام الوصول الى رئاسة الحكومة، وفقاً لما أوحى به الإعلامي مارسيل غانم مراراً خلال استضافته الوزير سلام أو وزير الداخلية، وحسبما ظهر في موكب البعريني بالسيارات رباعية الدفع وزجاجها القاتم.

ما زالت صورة السياسي المحاط بالأمن، جذابة، لكنها صورة محاصرة بأوهام الزعامة. فالزعامة الحقيقية، وتحديداً في بيروت، لطالما كانت مدنية، هادئة، وغير أمنية. والأمثلة على ذلك، لا تُعدّ ولا تُحصى. إذا كانت صورة سلام عفوية، فيجب التنبه من مخاطرها. وإذا كانت مقصودة، فإنها تنطوي على رسائل سلبية، ينبذها أهالي بيروت القادمين من خلفية علمية واقتصادية وتكنوقراط، ولا تغريهم مظاهر القوة والسلاح. 
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها