الخميس 2024/02/15

آخر تحديث: 21:03 (بيروت)

الإعلام الغائب عن مجزرتي النبطية والصوانة: الجنوبيون في عزلة

الخميس 2024/02/15
الإعلام الغائب عن مجزرتي النبطية والصوانة: الجنوبيون في عزلة
تشييع ضحايا مجزرة الصوانة (غيتي)
increase حجم الخط decrease
فيما فتحت القنوات العربية هواءها للبث المباشر من جنوب لبنان، عقب غارات اسرائيلية استهدفت مناطق المدنيين في الصوانة وعدشيت والنبطية مساءً، كانت الشاشات اللبنانية تدفع بأخبار عاجلة منقولة عن الوكالة الوطنية أو مجموعات الواتسآب و"تلغرام" لتغطية تطورات ما حدث، مرفقة بصور التقطها ناشطون، بينما استكملت بث برامجها بالشكل المعتاد، من دون وجود مراسل على الأرض. 

لا ينطلق ذلك الإحجام عن التغطية المباشرة من ضعف في الإمكانات، فالقنوات التي تفتح هواءها للسياسيين والمهرجانات، تمتلك القدرة اللوجستية والفنية والمالية على فتح بث من النبطية مثلاً، حيث لها مراسلون دائمون.. ولا يمكن أن تكون المخاوف الأمنية عائقاً أمام التغطية، بالنظر الى ان نقاط الاستهداف مكتظة، وغير مستهدفة بشكل مباشر طوال الوقت.. وهو ما يدعو لاستغراب غياب التغطية، لتتحول منصة "إكس" والمجموعات الإخبارية مصدراً إخبارياً للبنانيين الذي لم يجدوا في الشاشات ما يروي تعطشهم للأخبار. 

وبالاستفسار عن الأسباب، يظهر أن الإهمال هو العامل الأول للإحجام عن التغطية، كذلك سوء تقدير حجم الضربات، طالما أن الأسباب الأمنية والفنية تنتفي في هذه اللحظة. 
يتعزز ذلك الاعتقاد بالهواء الذي فُتح صباحاً، حين أيقنت الشاشات أن هناك في النبطية ما يستدعي التغطية، وأن حجم الضربة التي حركت الأمم المتحدة في لبنان، والحكومة اللبنانية ومروحة واسعة من السياسيين والمسؤولين، حوّل الاستهداف الى قضية رأي عام، تستدعي فتح الهواء لحدث أمني بالغ الخطورة، لم يقدّر أحد حجم تداعياته قبل أن يتضح استشهاد 11 مدنياً خلال 24 ساعة، وتُرفع جثث الأطفال أمام كاميرات الوكالات الأجنبية اثناء تشييعهم، لتُبث تلك الصور عبر "أثير" الوكالات. 

والحال إن الجبهة في الجنوب، تعاني ضعف الصورة. باستثناء صور الوكالات، اليوم الخميس، في تشييع الأطفال، ليس هناك من صورة يُعتدّ بها، ولا تحفر في الذاكرة، ولا قادرة على مقارعة اسرائيل ومواجهتها اعلامياً في المحافل الدولية. تزداد الحاجة لصور مشابهة، وهو مثار السؤال عن غياب وسائل الإعلام اللبنانية عن التغطية، ويتصاعد السؤال عما إذا كانت قضية الجنوب، بالنسبة للبنانيين الآخرين، قضية موت ثانوية، لا ترتقي لتغطية شبيهة بحادث قتل فردي في مناطق أخرى!

سار هذا الاعتقاد في مواقع التواصل، مسار النار في الهشيم. تنامى خطاب المظلومية، وأثار سخط الجنوبيين حين رُبط بالخلافات السياسية في البلاد، والانقسام حول مشاركة "حزب الله" في حرب الجنوب. "الجنوبيون أليسوا من أبناء هذا الوطن؟".. و"هل الجنوب يقع في قارة أخرى ولا علاقة للبنانيي الجبل والشمال به؟" 

يُبنى على هذه السردية جراء السياقات السابقة من المواجهة والانتقاد، لربط الجنوب بحرب غزة.. يشعر الجنوبيون اليوم أنهم في عزلة، وتتفاقم مشاعرهم تلك جراء الانقطاع الإعلامي عن التغطية، فيما فتحت الفضائيات العربية هواءها للحدث الأبرز منذ بدء الحرب، وهو المتصل بأمن المدنيين وأمانهم، وضرورة تحشيد رأي عام دولي، عبر الضخ الإعلامي، للضغط على اسرائيل لإيقاف عدوانها. وهو أمر مفقود حتى الآن، يتفاقم بالتهديدات الاسرائيلية التي تروج لها وسائل الإعلام، وتمنحها أولوية على مجريات الحرب الآخذة في الاتساع نحو مسار "مثير للقلق"، حسب تعبير "اليونيفيل" اليوم. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها