الثلاثاء 2024/02/13

آخر تحديث: 21:35 (بيروت)

سباق "حزب الله" وإسرائيل على التعقب التكنولوجي

الثلاثاء 2024/02/13
سباق "حزب الله" وإسرائيل على التعقب التكنولوجي
نجا مسؤول في "حماس" من غارة اسرائيلية استهدفته في جدرا (غيتي)
increase حجم الخط decrease
يسابق "حزب الله"، التعقّب الاسرائيلي لهواتف عناصره وعائلاتهم. وبلغ الأمر ذروته في دعوة أمين عام الحزب، حسن نصر الله، لجمهوره بالتخلي عن الهاتف الخلوي بوصفه "قاتلاً" و"العميل" الذي يوشي بهم، في مقابل "تكيّف" اسرائيلي مع تلك الإجراءات الأمنية، تحولت إثره اسرائيل الى ملاحقة من لا يحمل هاتفاً، وذلك في أحدث تقدير أمني لمسار الحرب القائمة. 


وفشلت إسرائيل، خلال أسبوع، في ثلاث عمليات اغتيال سعت لتنفيذها في النبطية وبنت جبيل وجدرا، إثر ملاحقة السيارات الثلاث التي تعرضت للقصف، عبر تعقّب الاتصالات. وبدا أن إجراءات الحزب في الأسبوع الماضي، نجحت في نقاذ الشخصيات الثلاث، عبر إيصال إنذار مبكر اليها بالملاحقة عبر المسيرات، حسبما نقلت "النهار" عن مصادر أمنية محلية. 

وأفادت الصحيفة اللبنانية بأن الحزب "بات يستخدم أجهزة دقيقة للسيارات تطلق صفارة عند رصد السيارة من المسيّرات بما يتيح لراكبيها تركها بسرعة فائقة قبل توجيه ضربة لها". 

وفي حال صحّت تلك المعلومات، فإن ذلك يعني أن الحزب خطا خطوة كبيرة في الإجراءات الأمنية الاحترازية التي يتخذها لحماية مقاتليه من الاستهداف الاسرائيلي، بعدما باتت المسيرات الاسرائيلية، أداة القتل الأولى والأبرز. وتُضاف تلك الغجراءات الى تدبير أمني آخر، كان الحزب أوعز لمقاتليه باتباعه، ويتمثل في الإحجام عن استخدام الهاتف الخلوي، الى جانب إخلاء المقرات المعروفة من قبل اسرائيل للعناصر في المناطق الحدودية، بالنظر الى أن اسرائيل باتت تمتلك "داتا" ضخمة ودقيقة لأرقام الهواتف ومقرات الحزب التقليدية في الجنوب، وسيارات العناصر التي يتنقلون بها. 

وفيما لم يأخذ الجنوبيون هذه الإجراءات على محمل الجد، اضطر نصر الله للتدخل، حيث توجه الى أهل الجنوب داعياً إياهم الى الاستغناء عن الهاتف الخلوي وقطع الكاميرات عن الانترنت، قائلاً: "فلتقطعوا كل الكاميرات عن الإنترنت وهذا واجب شرعي لأن التساهل فيه يؤدي الى مزيد من الشهداء"، مضيفاً: "العميل هو الخلوي الذي بأيديكم وهو عميل قاتل وأدعو الى الاستغناء في هذه المرحلة عن أجهزة الهاتف الخلوي خصوصاً في القرى الأمامية". ووصف الهاتف الخلوي بأنه "جهاز تنصت ولا يحتاج العدو لعملاء إلا في بعض الأماكن.. ولا يجوز من الناحية الشرعية تقديم معلومات للعدو يبحث عنها".


إسرائيل تتأقلم
وإذا كان الحزب قد بدأ التخلي عن الهاتف، فإن اسرائيل انتقلت الى إجراء آخر، بهدف التأقلم مع الواقع التكنولوجي الجديد. فقد نقلت "النهار" عن مصدر أمني لبناني قوله إن إسرائيل "باتت ترصد السيارات التي تخلو من أي ذبذبات لاسلكية أو موجات خليوية بعدما منع حزب الله عناصره من استخدام أي أجهزة هاتفية خلال تنقلاتهم".

ويعني ذلك، حكماً، أن الطرفين يخوضان سباقاً في الإجراءات والالتفاف على التقنيات، فيهدف الحزب إلى النجاة من "قاتل" يمتلك تفوقاً تكنولوجياً، في ظل إمعان إسرائيلي في الملاحقة والاغتيال. لكن هذا الأمر لا يخلو من مشكلة سيعاني منها الناس، سواء أطفأوا هواتفهم، بما يعني الملاحقة الأمنية الإسرائيلية لأشخاص لا تصدر هواتفهم ذبذبات للمسيرات الإسرائيلية، أو بتشغيلها مما يجعلها أداة تعقب وجمع بيانات عن المحيطين أيضاً في القرى الجنوبية. 

وبحسب خبير تقني يجري تناقل منشور له في منصة "إكس"، فإن الأجهزة الحديثة تستطيع تحديد ما إذا كان الشخص نائماً أو مستيقظاً، ومراقبة الحركة التفصيلية داخل المنزل، وما إذا كان حاملها على انفراد، أو إذا كان هناك شخص الى جانبه. كما يمكن للهاتف التقاط الخطوات السريعة والبطيئة. وبالنظر الى انه في كل منزل توجد شبكة "واي فاي"، وكل شبكة تقوم بتشكيل موجات ضوئية غير مرئية، فإنها قادرة على رسم خريطة ثلاثية الأبعاد لتلك الموجات. ويستطيع الهاتف تسجيل مكان المستخدم في المتوسط، مرة كل ثانيتين، بما يقارب 40 الف مرة في اليوم، سواء من طريق الانترنت، أو من طريق الاتصال بأقرب برج لشبكة الاتصال. ويستطيع الهاتف معرفة إن كان المستخدم في مكان هادئ أم لا، ويُعرف من الحسّاسات الموجودة في  الكاميرا إن كان يجلس في النور أم في الظلام. 

كل تلك التفاصيل، تجعل من الهاتف جاسوساً، صحيح، لكن في الوقت نفسه، لا إجراءات لحماية المدنيين منه، ولا حماية المحيطين بعناصر من الحزب من الاستهداف أيضاً. اللبنانيون يدفعون ثمن "الأتمتة" الإسرائيلية وحجم الاختراق الكبير للبيانات، في ظل سباق أمني محموم بين الطرفين على الملاحقة، ومحاولات النفاذ منها.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها