الإثنين 2022/05/16

آخر تحديث: 21:57 (بيروت)

مخاوف من الحرب.. في مرحلة "انغلاق" ما بعد الانتخابات

الإثنين 2022/05/16
مخاوف من الحرب.. في مرحلة "انغلاق" ما بعد الانتخابات
increase حجم الخط decrease
بعض الخوف على مستقبل لبنان، إثر خلط الأوراق الأخير في التمثيل النيابي في مجلس النواب، مبرر، لكنه لا يرتقي الى مستوى الهلع. تتشظى البلاد بين تيارين، أحدهما متمسك بسلاحه، والآخر يرفضه علناً ويغبطه سراً.

قيمة المخاوف أنها تأتي من موقعة غير بعيدة. لا تزال ماثلة في ذاكرة مَن راقب "مقتلة الطيونة" في الخريف الماضي، وما تلاها من تصعيد سياسي.. وما في الذاكرة من ندوب، وفي الشواهد من آثار لـ"مَقَاتِل" جمّة، يستحيل أن تندثر.
 

تتشظى البلاد بين تيارين، من سوء حظهما، أنه لا يمكن لأحدهما أن يحكم  من دون الآخر. تلك النقطة الايجابية لدحض المخاوف، وفرضية مقتلة جماعية لبنانية، بالرصاص والنار، تلي مقتلتهم الأولى بالجوع والعوز. 

تتشظى البلاد بين خيارين. من سوء حظ حامليهما، أنهما عاجزان عن التفرد بالقرار. أي قرار. وأن إيقاع الخيارات الدولية، لا يصب في صالحهما. وأن المزاج الداخلي، والتوازنات بين الطرفين، ترفض تطرفهما. يطلقان مواقف خلبية. يفتعلان التهويل، وهما الأدرى بأن طرقهما الى الشارع مقفلة، وليس من مصلحتهما تكرار تجربة التعطيل في 2006.
 

تلك النقاط الإيجابية، تدحض المخاوف الجمعية من اقتتال "القوات" و"حزب الله"، مهما بلغت التصريحات أشدها. تصعيد رئيس "القوات" سمير جعجع صباحاً، قابله خطاب "ردعي" من النائب محمد رعد مساءً. تلك الفرضية، تنتهي مفاعليها عند القراءة ما بين سطور التصريحين، وبالتالي يصبح سيناريو الاقتتال، أو التوتر الأمني، أو حتى "الفراغ" الطويل في السلطة التنفيذية بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، واستدعاء "الفصل السابع" و"التدويل"، قراءة ساذجة ومتسرعة. 

يتبقى سيناريوهان في قراءة تداعيات المشهد الانتخابي الجديد. أولهما التعطيل. تعطيل يطول لمدة أربع سنوات، ستراهن القوى السياسية التقليدية على إغراق القوى الجديدة فيه، لتصيح في نهاية المطاف "ما خلونا"، كما يزعم "التيار الوطني الحر". هي نظرية مرعبة، ربما يدفع خلالها اللبنانيون ثمن الاشتباك والنكد السياسيين. لا مصلحة مباشرة لأحد بذلك، وهي تتطلب سياسة "النَفَس الطويل" الذي لن تتحمله البلاد، وستدفع الى ضغوط داخلية على السلطة، وفي الوقت نفسه ستحيي نظام "المِلل" من القرن التاسع عشر. كل طائفة تتلقى دعماً من دولة، ريثما تتبدل موازين القوى الدولية والداخلية. 

السيناريو الثاني، قد يكون الأكثر واقعية. التسوية الكبرى. قد يندفع الطرفان اليها، مرغمَين. من دونها، لا يستطيع أحد الحكم، ولا المشاركة في الحكم. لن يرفض "حزب الله" هذه التسوية، لأنها في المقابل، ستقود "القوات" الى مصير "التيار الوطني الحر". وستضمن، حكماً، مناقشة "استراتيجية دفاعية" على طاولة حوار وطني، وتأمين حصة الشيعة في الحكم. 
وربما لا يرفض "القوات" تسوية مشابهة، إن حظيت برعاية دولية، وأمّنت له الحكم لست سنوات، بما فيها تأمين الكهرباء واستخراج الغاز والدخول فعلاً، لا قولاً، الى الدولة العميقة. كيف سيتم تخريجها؟ لا يهم. ثمة الكثير من المخارج، والكثير من العبارات التي تخفف من وقع الفعل لدى القاعدة الشعبية، وليس أقلها "حماية البلاد من الفتن"، و"الضغوط المعيشية" و"الخلاص من التعطيل". 

مَن يقرأ تصريح جعجع في الصباح، يقرأ بين السطور استدراجاً لمقايضة بين الرئاستين. مقايضة لن تتحقق طالما أن لا منافس لرئيس المجلس بين النواب الشيعة على رئاسة المجلس.

ومن يقرأ تصريح رعد "الردعيّ"، سيقرأ فيه دعوة للتخلي عن أدبيات شد العصب والاستقطاب ما قبل الانتخابات. لعل التسوية تتأخر الى ما بعد الفراغ الرئاسي، على وقع توترات أمنية تحت سقف مضبوط. النظام اللبناني يصعب أن يحيا الا بالتوافق.. والأرجح أن يصعب الحُكم إلا بالتسويات. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها