الأربعاء 2022/11/02

آخر تحديث: 21:20 (بيروت)

أين تظلُّم ميقاتي من دموع السنيورة؟

الأربعاء 2022/11/02
أين تظلُّم ميقاتي من دموع السنيورة؟
نجيب ميقاتي في القمة العربية (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
نجح رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في استدرار عطف المغردين العرب، في خطاب مؤثر، نعى فيه لبنان القديم، وأعلن حاجته لمساعدة أشقائه، لكنه بذلك، أعلن أيضاً العجز عن تحقيق إنجازات، أو تغيير الحال خلال فترة وجوده في رئاسة الحكومة، وبالتالي، لم يعتق نفسه من الإدانات لتجربة فشلت في استنهاض نفسها.  

مئات المغردين العرب، تأثروا بخطاب ميقاتي الذي أدلى به في القمة العربية المنعقدة في الجزائر. "لبنان الذي تعرفونه تغيّر"، قال في كلمته، فبدت علامات التأثر على المجتمعين. ومضى يبكي لبناننا، ويستدرج العطف: "المنارة المشرقة انطفأت، والمرفأ الذي كان يعتبر باب الشرق إنفجر. والمطار الذي يعتبر منصة للتلاقي تنطفئ فيه الأنوار  لعدم وجود المحروقات". 


خلا هذا المشهد من الدموع. لو فعلها، لكان كرّر مشهد الرئيس فؤاد السنيورة في حرب تموز2006، حين بكى على الهواء. لكن الفارق بين الاثنين جوهري، فالسنيورة بكى أطفالاً يُقتلون، وعجزاً عن إيقاف آلة الحرب الاسرائيلية، لكن ميقاتي نعى لبنان بسبب نفاد الموارد، وانقطاع الكهرباء وتسلل الأوبئة.. أليست تلك مسؤولية الحكومة التي يرأسها؟ 

بلى. انها مسؤولية الحكومة. لا يستوي التظّلم في المشهدين. السنيورة تظلّم عدواً يستبيح ويقتل ولا يوقف الحرب. بينما تظلم ميقاتي حكومته، وشركاءه في الحُكم. هي إدانة لعجز شخصي عن تحقيق أي فارق أو علاج، ولو جزئي. عجز عن إحداث أي تغيير بعد حقبة الرئيس حسان دياب. في عهد ميقاتي، توقف الدعم كلياً عن المحروقات، وتوقفت الاعتمادات لمؤسسة كهرباء لبنان، ما أدى الى توقف محطات ضخ المياه، وتسبب في زيادة الاعتماد على الصهاريج ومولدات الكهرباء، وتفاقمت، بالتالي، المخاطر الصحية، فظهرت الكوليرا وصارب وباءً.
 

هل يُسأل ميقاتي عما قام به خلال هذه الفترة؟ لا مفاوضات مع صندوق النقد تحققت، ولا حكومات تشكلت، ولا الكهرباء تم استجرارها من الأردن، ولا الغاز من مصر! لماذا؟ وحده مَن يُسأل، وهو الموجود في الحكم الذي تواصل بشكل دائم مع رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان والقوى السياسية الأخرى المتناحرة على التمثيل في الحكومة، أو على "الإصلاحات". فإذا كان رئيس الحكومة آخِر مَن يعلم، كيف أعطى حكومته صفته الإنقاذ؟ 

الأزمات التي عاصرها اللبنانيون، عدّدها ميقاتي أمام الزعماء العرب. أما الإنقاذ، فانحصر في استدراج مساعدات، بلا أي خطط تحتّمها عليه مسؤولياته وتحتّمها أيضاً على شركائه في السلطة. كان يجب أن يسأله الزعماء الآخرين عن آليات تحويل لبنان من اقتصاد استهلاكي وريعي، الى اقتصاد مُنتج، طالما أن النموذج اللبناني السابق انتهى. الكهرباء انطفأت عن المطار. نعم، لكن ألا يدرّ هذا المرفق أموالاً كافية لإضاءته؟ والمرفأ دُمّر فعلاً، لكن ألم يُنتج هذا المرفق العام المهم أموالاً أيضاً؟ 

بدلاً من طلب المساعدة بهذا الشكل المُهين، كان الأجدر به التحرك، كرجل دولة يرأس السلطة التنفيذية ويأمر الوزارات المعنية بمكافحة التهريب والتهرب الضريبي في المرفأ والمطار وخلافهما.. وملاحقة المتخلفين عن دفع فواتير الكهرباء، أو المتعدّين على الشبكة. المحاسبة تبدأ من الممكن. كل بحسب قدراته. لبنان لا يحتاج مساعدات على شكل تسوّل، يحتاج إلى حوكمة وإرادة سياسية. لو لم يكن ميقاتي على رأس السلطة التنفيذية، لما كان معنياً بالسؤال. "حكي السرايا" مختلف عن "حكي القرايا". هو سؤال سيتكرر لجميع رؤساء الحكومات المقبلة والسابقة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها