الأربعاء 2022/10/12

آخر تحديث: 16:29 (بيروت)

القصة الكاملة لـ"كذبة" الحدود البحرية في اتفاق 17 أيار

الأربعاء 2022/10/12
القصة الكاملة لـ"كذبة" الحدود البحرية في اتفاق 17 أيار
increase حجم الخط decrease
لا تستند المقارنات بين معاهدة 17 أيار 1983 مع العدو، ومعاهدة ترسيم الحدود البحرية، على أي دليل علمي يثبت الادعاءات بأن الاتفاقية الميتة منذ العام 1984، أعطت للبنان منطقة حدودية بحرية أوسع مما أعطته الاتفاقية المزمع إقرارها خلال الأسابيع المقبلة.
 

بدت النقاشات التي اشتعلت في مواقع التواصل، أشبه بـ"كذبة" جرى تعميمها، ويتناقلها اللبنانيون على سبيل الاستهداف السياسي، لا أكثر، للسلطة التي توصلت الى اتفاقية مع اسرائيل برعاية وتسهيل أميركيين، لترسيم الحدود البحرية، تركت فيها منطقة معلقة (خط الطفافات) إلى وقت لاحق، وتتيح للبنان التنقيب عن الطاقة في مياهه الإقليمية، كما تتيح للعدو الإنتاج من حقل كاريش.
 

وبدأت "كذبة" المساحة الحدودية بين الطرفين، في الصيف الماضي، حين استند بعض المعلقين الى معلومات لتبرير التمسك بالخط 29. لكن قراءة بسيطة في نص الاتفاق الذي نشرته "الدولية للمعلومات" في الذكرى الـ30 لتوقيع الاتفاق السابق، لا تتحدث بتاتاً عن الحدود والمنطقة البحرية، وتبرز أن كلاً من الفريقين يتعهد في الاتفاق "باحترام سيادة الفريق الآخر واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه، ويعتبر أن الحدود الدولية القائمة بين لبنان وإسرائيل غير قابلة للانتهاك". 

على النقيض، يشيح المعلقون النظر عن تفاصيل سياسية مرتبطة بإتفاق 17 أيار، مثّلت إساءة بالغة للبنان، بالنظر إلى أن تل أبيب كانت تعتبر الحدود اللبنانية "منطقة مفتوحة" ضمن اطار "جو صديق"، وذلك يعود الى أن الاتفاق خلق منطقة عازلة تمتد ساحلياً حتى مصب نهر الليطاني في القاسمية (شمالي صور)، ولا تتضمن الاتفاقية بأي شكل من الأشكال ترسيماً للحدود البحرية أو البرية. 


جلّ ما توقفت عنده الاتفاقية، هو الطلب من البحرية اللبنانية بأن تكون شرطة حدود، لمنع الملاحة المدنية بين رأس الناقورة ومدينة صور (نحو 20 كيلومتراً) بعمق 7 كيلومترات، انطلاقاً من الحدود الدولية (ملحق الفقرة 2- ز). ولا تتضمن أي إحداثيات للمنطقة الاقتصادية ولا للحدود البحرية خارج هذا العمق، وتنطلق من الحدود البحرية على النقطة الساحلية التي تبدأ فيها المنطقة العازلة الخاضعة لشروط تل أبيب. وهي بهذا المعنى تعتبرها عمقاً أمنياً إسرائيلياً، لا ضرورة لتفنيدها أو ترسيمها. على العكس، ينص الملحق على أن "تتدخل البحرية اللبنانية بسرعة للتأكد من هوية تلك السفن المشتبه فيها. وفي الحالات الطارئة، تتم اتصالات مباشرة بين القطع البحرية" الإسرائيلية حكماً. 


كل ما يرد في اتفاق 17 أيار، هو تشريع لاحتلال مقونن. وعليه، فإن استحضاره اليوم، بوصفه مرجعاً قانونياً، إما أنه ينطلق من جهل، أو تعويم لمشروع سياسي. ذلك إن وصف المعاهدة بأنها غير مذلّة للبنان، يشيح النظر عن إتاحة مجال بري وبحريّ لبناني، لجيش الاحتلال، لا سيما لجهة تسيير الدوريات في الداخل اللبناني، وتحديد عدد جنود الجيش اللبناني في المنطقة العازلة ونوع أسلحتهم (الملاحق المرفقة)، فضلاً عن أنه يسمح للإسرائيليين بالقبض على مواقع في الداخل اللبناني يعتبرونها ذات إرث ثقافي وديني يهودي!


والحال إن الخلافات السياسية مع السلطة في لبنان، تدفع للذهاب الى خيارات وتعميم معلومات مضللة. ما وُقّع الآن قد وُقّع، لكنه لا يلغي حق التعارض السياسي والضغط المطلوب لحوكمة قطاع النفط والغاز، والتعاطي بشفافية معه، ومنع اليد السياسية من الاستيلاء عليه دون الشعب اللبناني. فمنسوب الثقة في السلطة، عندما يتصل الأمر بالمال والموارد، هابط الى حدوده الدنيا، وهنا المشقة المطلوبة لتحصيل حق اللبنانيين ومنع الصفقات في قطاع يعول عليه اللبنانيون للخروج من أزماتهم. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها