الأربعاء 2021/08/11

آخر تحديث: 21:31 (بيروت)

الحصانات تخلط الأوراق السياسية.. وتهز علاقة بري وجنبلاط

الأربعاء 2021/08/11
الحصانات تخلط الأوراق السياسية.. وتهز علاقة بري وجنبلاط
تتباين مواقفهما في العمق للمرة الاولى منذ 2008 (أرشيف - الوكالة الوطنية)
increase حجم الخط decrease
لم تبقِ قضية الحصانات النيابية أثراً للروابط التقليدية بين زعامات السلطة، وباتت التحالفات السياسية على القطعة، ولعل آخرها، تفكك التحالفات الاسرتراتيجية تحت ضغط محاكاة الشارع، وبروز تقاطعات هجينة، تحتار جماهير الأحزاب في كيفية تبريرها، أو مواكبتها، في مرحلة غير مسبوقة من التناقض تظهر هشاشة السلطة. 

والجمهور في وضع لا يُحسد عليه. يبرر، يصفق، يُثني، يُدين... تختلط تلك السلوكيات كلها في وقت واحد. لا يدرك أسبابها، ولا مبرراتها، وفي لاوعيه، حقوق الطائفة وصوت ضميرها، وينزلق الى المزاودات السياسية على المصلحة العامة، تلك التي لا تعيرها القوى السياسية أي اهتمام. 

انفجر التناقض في لحظة كباش سياسي على ملف الحصانة. كباش بخلفيات انتخابية، يُستخدم فيه الدستور عند الطلب، وتُرفض فيه القوانين التي لا تنسجم مع تطلعات مُعدّيها. تتوالى البيانات والتصريحات، وتشتعل الردود. في الظاهر، ثمة خلاف مسيحي–مسلم على ملف رفع الحصانات، وعلى ملف "الاستنسابية" في الادعاءات القضائية، وعلى رفع الحصانات عن الجميع.. أما في الجوهر، فثمة من يهجم، بحثاً عن أصوات انتخابية، ومن يدافع توقاً لتثبيت توازنات قائمة، وليس أقلها "كلن يعني كلن" في المحاسبة، تماماً كما كان الأمر في تقاسم المغانم. 


في الإعلام، مواقف "على القطعة"، تهزّ التحالفات ولا توقعها. لم يمنع الاشتباك المفتوح بين "القوات" و"التيار الوطني الحر" التقاءهما على موضوع رفع الحصانات، كذلك بين "التيار" و"الكتائب"، و"التيار" و"الاشتراكي"... وفي المقابل، لم يمنع الاشتباك المفتوح بين "حزب الله" و"المستقبل" أن يلتقيا على محاكمة المتهمين أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، في مقابل اهتزاز تحالف رئيس مجلس النواب نبيه بري التاريخي مع رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط الرافض للمشاركة في الجلسة يوم الخميس. 

قد يكون التباين في المواقف بين بري وجنبلاط، هو المستجد الأكبر في العلاقات. لم يختلفا في العمق منذ العام 2008 على ملف داخلي، قبل اختلافهما على خلفية الجلسة الخميس. لم يظهر التباين في الإعلام حتى الآن، كما هو الحال في السجال بين "التيار" و"أمل" على خلفية مواد دستورية. كان بيان بري واضحاً لجهة المواد القانونية التي استند اليها، من دون أن يسمي جنبلاط، ولو أنه سمّى شخصيات في المجلس الأعلى محسوبة على "القوات" و"التيار" وأحد ممثلي الأرمن في البرلمان. 

وبينما تبدو حسابات القوى السياسية واضحة، وليس أقلها الحديث عن الحشد الانتخابي و"المزايدة" في الإعلام، تختلط الحسابات على جماهير الأحزاب. لم تعد تستدل إلى السبيل للاصطفاف. هل يدافع عن حليف الأمس أم حليف اليوم؟ هل يحشد لمعركة الغد، أم ينتظر نتائجها؟ 

والحال أن الجماهير التائهة، ليست سوى جزء من المشهد المهتزّ على مستوى المواقف والتحالفات. ثمة شارع تريد الأطراف إرضاءه، ولا يمكن أن تتخطاه.. وثمة مدنيون يخوضون معارك الشعب في وجه السلطة، ولا سبيل لمواجهة شعاراتهم. فضلت القوى السياسية المعارضة لجلسة مجلس النواب، الانقاضاض عليها ومصادرتها. وفي المقلب الآخر، ثمة "ستاتيكو" يجب الحفاظ على صورته، منعاً لتهشيم النظام أو تحقيق خروق فيه، وهو ما يمثله مجلس النواب من توليفة لقوى السلطة، يتصدر لائحة حُماتها النائب ايلي الفرزلي الذي يسوّق إعلامياً لجلسة الخميس. وثمة من يرفض الاستنسابية في الادعاءات، وهم "المستقبل" و"حزب الله" و"أمل" و"المردة" الذين طاولتهم الادعاءات دون غيرهم. 

تلك الحسابات خلطت أوراق السلطة وتوازناتها، بينما الجمهور يقع في مكان آخر، لا يعرف على أي كتف سيسند موقفه. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها