الخميس 2021/05/06

آخر تحديث: 16:31 (بيروت)

"Alephia 2053": أنيميشن لبناني عن ديستوبيا عربية.. والمشاهَدات بالملايين

الخميس 2021/05/06
"Alephia 2053": أنيميشن لبناني عن ديستوبيا عربية.. والمشاهَدات بالملايين
increase حجم الخط decrease
يحصد فيلم الأنيميشن اللبناني "Alephia 2053" ردود أفعال إيجابية واسعة، لم تقتصر فقط الجمهور بل امتدت للنقاد بما في ذلك شبكة "Animation World Network"، إحدى أكبر المنصات العالمية المتخصصة في مواضيع الأنمي.

وبحسب الشبكة، فإن "Alephia 2053" هو واحد من تلك المشاريع التي توضح أن الأنمي أكثر من مجرد ترفيه موجه للأطفال، حسب الصورة النمطية السائدة، بل هو وسيلة مؤثرة قادرة على التأثير في الجمهور عند تناول موضوعات صعبة عابرة لحدود اللغة والثقافة.

وصدر الفيلم في 21 آذار/مارس الماضي في "يوتيوب"، وحذر من مستقبل دموي في منطقة الشرق الأوسط بناء على الماضي الدموي للمنطقة المضطربة سياسياً وثقافياً. وفي 60 دقيقة يتتبع الفيلم مجموعة من العملاء المكلفين بالتخلص من الحاكم المستبد علاء بن إسماعيل من دولة "أليفيا" العربية الخيالية العام 2053، والذين ينجحون في القضاء على الاستبداد في نهاية المطاف، حيث تنتهي القصة بإسقاط تمثال إسماعيل من قبل الناس في إشارة تكريمية لأحداث انتفاضات الربيع العربي التي انطلقت العام 2010 في عدد من الدول العربية مطالبة بالإصلاح السياسي.


وجاءت فكرة الفيلم من سؤال جوهري هو "كيف سيبدو العالم العربي بعد 20 أو 30 سنة؟"، ورغم أنه ليس مستوحى من أي دولة عربية، لكنه يصور ظروفاً مألوفة للكثيرين في أنحاء العالم. وقال صاحب فكرة المشروع ومؤلفه اللبناني، ربيع سويدان، لوكالة "فرانس برس" أن الفيلم الذي يتسّم بالحركة والإثارة "ليس حقيقياً بل هو صادق. خيالي ولكن ينطلق من الواقع، وهو توصيف لواقع اجتماعي" موجود في البلدان العربية.

ويتابع المشاهد في العمل، الذي يصفه منتجوه بأنه أول فيلم رسوم متحركة عربي من نوع الديستوبيا - أي الأدب الذي يتناول مجتمعاً خيالياً فاسداً، مجموعة شخصيات بينها "اليد اليمنى" للحاكم ورجل ثقته، والابن المهيأ "منذ ولادته" لوراثة السلطة، والمسؤول الديني الذي يسوّق للزعيم، وكذلك الشعب المقموع الذي تعتمل الثورة في صفوفه، وصولاً إلى المغلوب على أمرهم أو المعميين داخل المنظومة الذين ينتهي بهم الأمر إلى الانقلاب عليها.

والحاكم ألف الثاني "حرف ساقط" بالنسبة إلى المعارضين الذين يثورون عليه، ويطيحونه في نهاية المطاف. ويستعيد الفيلم، الذي أخرجه جورج أبو مهيا، بعض مشاهد تذكّر بأحداث شهدتها الدول العربية، ومنها إسقاط تمثال الزعيم واقتلاعه بالحبال، وشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي بات لازمة لكل الانتفاضات الشعبية التي شهدتها المنطقة خلال العقد المنصرم.

وأكد سويدان أن الواقع الذي يتمحور حوله الفيلم ليس مستوحى من نموذج واحد، فـ"العالم أصبح قرية صغيرة، والوضع يتشابه في أكثر من مكان". ويقول "قد يكون أليفيا البلد الثالث والعشرين في الجامعة العربية"، علماً أن شركة"سبرينغ إنترنتينمنت" اللبنانية أنتجت العمل، فيما تولى استديو الرسوم المتحركة "ماليل آرت بروداكشنز" في مدينة أنغوليم الفرنسية "تنفيذ الجوانب التحريكية الصعبة"، بموازاة تنفيذ "أكثر من 70 في المئة من العمل في لبنان ومن خلال لبنانيين".

وأوضح سويدان أن فكرة الفيلم التي نشأت مطلع العام 2017، انطلقت من أنّ "ثمة دائماً ميلاً في العالم العربي إلى تخيل ما يمكن أن يكون حصل في الماضي، ولكن لا يوجد أي عمل مسرحي أو سينمائي يتخيل كيف سيكون العالم العربي في المستقبل". وعليه، "بدأت فكرة الفيلم بتساؤل عما سيكون عليه العالم العربي بعد 20 أو 30 سنة".

وبعد أكثر من شهر على إطلاقه عبر "يوتيوب"، تخطى عدد مشاهدات الفيلم الناطق باللغة العربية الفصحى، ثمانية ملايين، في زمن أصبحت فيه منصات الإنترنت بديلاً من السينما بسبب الجائحة. ورأى سويدان في ذلك "دليلاً على أن الفيلم يعكس ما يفكر به الناس. كل واحد يراه من منظوره ويجد نفسه ومجتمعه فيه".

إلى ذلك، اعتبر الناقد السينمائي الياس دُمّر أن "عرض الفيلم في الإنترنت، وخصوصاً بالمجان عبر يوتيوب، في زمن بات المحتوى محصوراً بالعالم الرقمي وبمنصات الفيديو على الطلب، يشكّل عاملاً مهماً في الإقبال عليه، لكنّ الأساس هو القصة"، مضيفاً: "صحيح أن قصة شعب يثور على حكم ظالم استبدادي غير جديدة، وتطرقت إليها أفلام عالمية كثيرة، لكنّ الإقبال على الفيلم يعود حتماً إلى أنه يحاكي الواقع العربي، وقد اتسعت دائرة مشاهديه بالتواتر، وهذا أهم مصدر لنجاح الأفلام".

وقبل هذا الشريط التحريكي الروائي الطويل، كان سويدان وزميله مروان حرب حققا العام 2017 نجاحاً واسعاً عبر الإنترنت أيضاً من خلال "بدون قيد"، وهو أول مسلسل لبناني سوري رقمي تفاعلي عُرض على المنصات الرقمية، وفاز بعدد من الجوائز العالمية. وعلق سويدان "أردنا شيئاً جديداً ومميزاً هذه المرة، من خلال الرسوم المتحركة".

في السياق، لاحظ دُمَّر أن الشريط "جذّاب على مستوى الإخراج والتنفيذ التحريكي، مع أنه لا يعتمد أضخم تقنيات أفلام الرسوم المتحركة، فهو بتقنية ثنائية الأبعاد لا ثلاثية"، ورأى أنه "من الصعب جذب جمهور البالغين إلى الأفلام التحريكية التي تتوجه عادة إلى الصغار، لذا يشكل هذا الشريط علامة فارقة في عالم أفلام الصور المتحركة العربية".

ورغم أن "أليفيا 2053" فيلم "ذو طابع سوداوي"، بحسب ملفه الصحافي، فإن مشهده التحريكي يستعيض عن "اللون الأزرق المائل إلى الرمادي القاتم المألوف في أفلام الديستوبيا، بلون مائل إلى الرمل والصحراء، وكأن اللون والحياة مخطوفان"، على ما يشرح سويدان. لكنّ الألوان تعود في المشهد الأخير، لأن "الأمور لا يمكن أن تبقى مظلمة"، بحسب صاحب العمل: "ما يريده هذا الفيلم هو ألا يكون المستقبل أسوأ من الماضي والحاضر".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها