الخميس 2020/01/23

آخر تحديث: 12:46 (بيروت)

الوزراء الجدد: فضائح السِّير غير الرسمية

الخميس 2020/01/23
الوزراء الجدد: فضائح السِّير غير الرسمية
increase حجم الخط decrease
الفصل بين الخبر الحقيقي والمزيف، كان المهمة الأصعب خلال اليومين الماضيين، ليس بسبب الضخّ المتواصل لمعلومات تزعم الغوص في ملفات وزراء مجهولين، بل بسبب القابلية للتصديق، على ضوء تجربة مريرة امتدت 33 يوماً، جرت خلالها مفاوضات شاقة لاختيار أعضاء حكومة الرئيس حسان دياب.
أي معلومة تطاول تاريخ الوزراء، وتجربتهم في القطاع العام، وعلاقاتهم السياسية والاقتصادية، تتخطى احتمالية تصديقها، أي احتمال آخر لنفيها أو تجاهلها. وذلك يعود بشكل أساس الى غياب الثقة في الطبقة الحاكمة التي اختارت وزراءها، وفرضتهم على الناس بصفتهم "تكنوقراط" وسوّقتهم بصفة "اختصاصيين".

والصراع اليوم، لا يشمل المعلومات غير الموثوقة. هو صراع على المبدأ بين فريقين، سلطة تحشد نوابها لإعطاء ثقة مجلس النواب للحكومة بدعوى قدرتها على الانقاذ. وشعب لا يثق في قدرة الحكومة على الانقاذ، حتى لو أطلق رئيسها عليها هذه الصفة. صراع بين حكومة تريد "إدخال الجمل في خرم الإبرة"، كما قال احد رواد مواقع التواصل، وشعب يرى لبنان داخلاً من الباب العريض الى وصاية البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، على ضوء الفشل في النهوض من الأزمة. 

هذا المصير، من وجهة نظر الناس، يعود الى خيارات مرتبطة بالوزراء الذين لا يعرف "خيرهم من شرهم"، في المقام الأول. وفي الثاني، لا تشجع بروفايلاتهم المنشورة في موقع "الوكالة الوطنية للاعلام" على التصديق بأنهم يستطيعون النهوض بالأزمة. فالوزراء الذين وضعوا في المكان المناسب، لا يتعدى عددهم السبعة، استناداً الى خبراتهم وتحصيلهم العلمي، وأبرزهم وزراء المالية والاتصالات والطاقة والتربية والاقتصاد والعدل والداخلية والخارجية... لكن ما يحول دون الثقة فيهم، هو الجهات التي سمّتهم، وخلفياتهم في القطاع العام التي توحي بأنهم امتداد للحقبات الماضية. 

ظهر الكثير من المعلومات في مواقع التواصل، وتداول الناشطون في مجموعات "واتسآب" تلك المعلومات التي لا تُعرف مدى صحتها. علماً أن الكثير منها لم يُظهر، في مواقع التواصل، كيف يبعد فرضية الملاحقة القانونية في حال ثبت عكس المعلومة، لكنه في الواقع يعزز الشكوك في أولئك الوزراء. 

قيل أن أحد الوزراء عضو في مجموعة "بنك الاعتماد"، وآخر عضو في مجموعة بنك "عودة"، وآخر مدير في "بنك ميد"، في إشارة الى وزير الاقتصاد الذي أكد كثيرون أنه بالفعل كان مديراً في المصرف. 

وتحدثت المجموعات عن وزير مطرود من إحدى أهم الجامعات اللبنانية، وآخر مطرود أحد أهم المراكز الطبية العاملة في لبنان، وثالث أثبت فشله في موقع استشاري وظيفي، ورابع فشل بل عاث فساداً ومحسوبيات خلال عمله البلدي في منطقة محرومة لا عمل بلدياً يُذكَر فيها، وخامس تحوم حوله شبهات فساد في موقعه السابق، ويُعرف بصاحب "ماضٍ مشبوه"، وزوج وزيرة متهم بالتورط في تهريب الآثار بين سوريا ولبنان والعراق، فيما شقيق الوزيرة عيّنه جبران باسيل سفيراً. 

وتحدث الناشطون عن وزير يُشتبه في أنه كان يهرّب مادة المازوت عبر الحدود، وآخر كان من المقربين من سلطة الوصاية السورية إبان وجودها في لبنان... 

كل تلك المعلومات بقيت محصورة في دائرة الاتهامات التي تروج عبر مجموعات "واتسآب"، أو صفحات مجهولة الهوية في "فايسبوك" و"تويتر". لم يشكك كثيرون في صحتها، لأن "بعض الوزراء جسمهم لبّيس"، ولأن الثقة في الحكومة تكاد تكون معدومة. 

فالحكم الشعبي على السلطة، يقوم على الاشتباه، ويغلب الانطباع الحقائق والوقائع، تلك التي لم يظهر منها بعد سوى تصريح واقعي يدخل في تصنيف المكاشفة، من قبل وزير المال غازي وزنة، حول سعر الدولار الذي "لا يمكن أن يعود كما كان"، على الأقل في الفترة الحالية. أما التصريحات الأخرى، فتنطوي على وعود بما يتخطى الإلمام بالوقائع، وهو ما يجعل امكانية سريان الشائعة أمراً جائزاً وسهلاً، حتى يثبت عكسها. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها