السبت 2019/12/07

آخر تحديث: 15:32 (بيروت)

ديما صادق على منابر رجال الدين: توسيع مروحة الأعداء

السبت 2019/12/07
ديما صادق على منابر رجال الدين: توسيع مروحة الأعداء
increase حجم الخط decrease
التبرير الديني الذي ساقه أحد رجال الدين الشيعة، لسارق هاتف ديما صادق، والذي وسمه البعض بالـ"داعشي" في مواقع التواصل، يمثل اختزالاً لحالة هستيرية تتجدد في الأزمات، ولا تقول جديداً. 

فتصريح مشابه من على منبر ديني، يدلّ على حاجة فريق سياسي الى صناعة عدو، أي عدو، بغرض الاستقطاب الشعبي، وهو في هذه الحالة لم يجد الا صادق التي أحرجت سارقها، ومَن خلفه، من غير تسميته، حين قادته الى مربع المحاكمة الدينية. 


والبحث عن عدوّ، هو أداة سياسية يلجأ اليها القاطنون في وحول السياسة، والعالقون في مخاوفهم من المستقبل. يبتدعون الأعداء، في مسعى للابتكار في صناعة عدو جديد تُفرغ فيه مشاعر مكبوتة يحملها جمهور مأسور بين مطرقة الخوف، وسندان ضعف الحيلة. 
ذلك ان الفريق نفسه استنزف أعداءه السابقين، حتى بات إلصاق التُّهم بهم تكراراً يتعاطى معه الجمهور على أنه تأكيد للمؤكد فقط. فكثرة استخدام أعداء الداخل، أحالتهم الى "عدو كليشيه"، صحيح أنه يدور في فلك العدو الأكبر المسلّم به، وهو اسرائيل بطبيعة الحال، إلا أن قدرة تأثير الكشف عن "تآمره علينا"، تخفت مع كثرة الاستعمال. 

فلم يعد حزب "القوات اللبنانية" عدواً يحفّز الجمهور على إلصاق التهم به كمسؤول عن المؤامرة. وليس جديداً القول ان المحور الأميركي وحلفاؤه من العرب مسؤول عن خنق البيئة. فهذا العدو، تعرض للنكسات في المنطقة، بحسب الممانعين، وهُزم في سوريا وغيرها. بالتالي، صغر تأثير تحميله المسؤولية أمام الجمهور، ولا بد من ابتداع جديد، يشغل الشارع، ويوسع مروحة الخيارات أمام الجمهور لـ"إدانة المتآمرين"، حتى لو بلغ شخصية سوشيال ميديوية من حجم ديما صادق.


فهل ديما قضية في حد ذاتها لتتحول مادة لمنابر رجال الدين؟ 
ذلك السؤال المطروح بكثرة، تجيب عليه الفرضية السابقة، القائمة على توسيع مروحة الاعداء، لتوسيع مروحة الانتقاد، رغم علمهم أن تأثير الفيديو السابق لا يصل الى مستوى تحشيد رأي عام داخلي على "الحاج"، مطلق "حاج" تتهمه صادق بالتلصص على خصوصياتها في هاتف مسروق. لكن تصريح رجل الدين لتبرير الارتكاب، هو المحفّز على التأثير، بالنظر الى ان تصنيف المعارض كعدو، يستدعي التعامل معه كما يتم التعامل مع العدو الأساس، وهو اسرائيل.

سيسأل كثيرون عن "استباحة خصوصيات النساء" و"سبي خصوصياتهن" بعد فيديو صادق، لكنهم في الوقت نفسه سيسألون عن تشريعات أخرى تبيح استباحتها، عندما يرتبط الأمر بالعداوة، وتصنيف أي شخص على أنه عدو. 

من هنا، جاءت التعليقات القائلة إن ما قاله رجل الدين في قرية جنوبية، هو "دعشنة" سياسية، تطاول صادق، بعد اتهامها بالفجور والخيانة والتعامل مع العدو وبأنها فاسدة ومنحرفة وشاذة! 

فقد اعتبر تصريحات صادق "نوعاً من ليّ الذراع للمؤمن"، لأنها تقوده الى الخجل من ارتكاب فعل محرم (السرقة) بحيث "يجعلون منه مؤمناً ضعيفاً"! وساق تبريراً دينياً لهذا الفعل، بذكر آية قرآنية من سورة "المائدة": "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ". 


واعتبرت صادق ان هذا الفيديو هو تحريض على القتل. فقالت: "هذا تحريض رسمي على القتل! تهدرون دمي رسمياً! تدعون الناس علناً بإسم الدين الى قطع يدي ورجلي ولصلبي؟ لن أُشبّهكم بذلك التنظيم كما فعل الآخرون (نظرة سريعة على تويتر تكفي كي تعرفوا بماذا يشبهكم الناس بعد هذا المقطع). سأكتفي بأن أضع هذا الفيديو إخباراً للقوى الأمنية". 

هذا، وأكد مجموعة "إعلاميون من أجل الحرية" إن ما قاله إمام بلدة النبطية الفوقا الشيخ محمود برجاوي، بحق الإعلامية ديما صادق، هو الكلام الأخطر الذي يصدر في لبنان عن شخصية دينية يفترض أنها تمثل قيم التسامح والاعتدال، فإذ بها تطلق كمّاً غير مسبوق من التهديد بالقتل والتكفير والتخوين بحق صادق، ما يشكل جرماً وتحريضاً بالصوت والصورة يقع تحت طائلة قانون العقوبات اللبناني، ويستوجب تحرك النائب العام الاستئنافي الفوري، لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة".

وقال التجمع في بيان: "إن كلام الشيخ برجاوي هو إخبار وجرم مشهود، وهو تهديد للسلم الأهلي، وأي تلكؤ من السلطات المختصة في اتخاذ الإجراءات المناسبة، سيكون ضربة قاصمة للدولة والمؤسسات، وفي هذا الإطار نحمّل الدولة مسؤولية حماية الإعلامية صادق، التي نعتبر أن حياتها باتت مهددة، ونطلب من القوى الأمنية والعسكرية اتخاذ الإجراءات اللازمة، لحماية صادق، وكل إعلامي ومواطن يتعرض لأي تهديد". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها