الخميس 2018/04/12

آخر تحديث: 18:17 (بيروت)

الموالون يواجهون صواريخ ترامب.. بحافظ الأسد

الخميس 2018/04/12
الموالون يواجهون صواريخ ترامب.. بحافظ الأسد
يتداولون مقطعاً من خطاب ألقاه حافظ الأسد إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982
increase حجم الخط decrease
لم تجد الصفحات السوريّة الموالية في مواقع التواصل الاجتماعي أفضل من نفض الغبار عن أرشيف حافظ الأسد، وتحديداً في ما يخصّ علاقاته مع الولايات المتحدة، كي ترفع من معنويات جمهورها المترقّب لضربة عسكريّة أميركيّة محتملة.
وبرزت أهميّة هذا الأرشيف في الأيام الماضية لعدة أسباب في مقدّمتها عدم ظهور "رئيس البلاد" بشار الأسد على الساحة الإعلامية في ظرف استئنائي من هذا النوع، وما أحاط بذلك من تقارير عن انتقاله مع أفراد عائلته وبعض المقربين منه إلى مواقع "آمنة" قيل إنها قاعدة عسكريّة روسيّة، ليظهر بشار لاحقاً عبر حساب موقع رئاسة الجمهورية السورية، مستقبلاً المستشار الأعلى لقائد الثورة الإسلامية الإيرانية للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي.

وبغض النظر عن حقيقة ما يدور بين ساعةٍ وأخرى من تحرّكات في أوساط النظام السوري تحسّباً لضربة عسكرية أميركية، فإنّ شخصيّة حافظ الأسد مثّلت إحدى المواد الإعلامية "المطلوبة" لدى النظام في هذا الظرف، ليس على مبدأ ملىء الفراغ وحسب، بل لأنّها شكّلّت الدواء المسكّن في حالة القلق والترقّب هذه، خصوصاً وأنّ النبرة الأميركية بدت مختلفة هذه المرّة، ولا ينفع معها الاكتفاء بالتجاهل وادّعاء اللامبالاة.

ولعل من النافل هنا الإشارة إلى تأثير عامل الخوف الجمعيّ في دفع الناس للتعلّق بكل مقوّمات التماسك المتوفّرة من الحاضر أو الماضي، وما يرافقه من بحثهم عمّا يعزيّهم ويهدّىء سريرتهم.  

وقد تراوح استحضار حافظ الأسد عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين انتشار صور قيل إنها له قبل وفاته، وبين استعادة مقاطع صوتيّة ومصوّرة من خطاباته وتصريحاته. لكنّ التركيز الأكبر كان على موقف الأسد الأب من الولايات المتحدة الأميركية، واقتباس ما يمكن اقتباسه لهذا الغرض. 

ومن ضمن ما تمّ تداوله كانت هناك بعض الروايات التي اعتاد السوريون سماعها دون تدقيق، وشاعت خلال سنوات حكم حافظ الأسد لما تحتويه من ملامح دراميّة تساهم بأسطرته في عيون الجماهير. 

ولأن علاقة الأسد بالرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون تعدّ منجماً مثالياً لهذه "الحكايات" التي يختلط فيها الواقع بالخيال، فقد تمّ التعريج على بعضها، كتلك التي كانت تترددّ حول أجواء لقاءات الرئيسين خلال فترة التسعينات من القرن الماضي. 

وانتشر في هذا السياق أيضاً مقطع مصوّر من خطاب ألقاه حافظ الأسد إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وما تلاه من تدخّل أميركي عبر إرسال السفن وحاملات الطائرت رست عند الشواطىء اللبنانيّة آنذاك. 

وحمَلَ المقطع عبارات وكلمات توحي بتكرار التاريخ لنفسه (الوتر الذي يستهوي إعلام الممانعة العزف عليه) من خلال هجمة أميركية مشابهة تستهدف المنطقة، الأمر الذي رفع مستوى التفاعل لدى جمهور الموالين مع الفيديو، وأشعرهم بأنّ " الوالد المفدّى لا يزال يعيش بينهم" على حد قول أحده المعلّقين.
ويتطرّق الأسد في هذا المقطع وهو يرتدي بزّته العسكرية، إلى ما سبقَ التدخل الأميركي حينذاك "من أخبار وتصريحات تحمل بمجملها التهديد والوعيد"، مختتماً كلامه بالقول إن "سوريا لا تخيفها الأساطيل ولا حاملات الطائرات" وسط تصفيق الجنود السوريين.

لكنّ ما يذكره التاريخ هنا في الحقيقة أن التدخل العسكري السوري خلال فترة الحرب اللبنانية وما أعقبها من غزو إسرائيلي، شهدَ تجنّب الأسد لمعركة "غير متكافئة" مع القوات الغازية، وترك الميليشيات الفلسطينية واللبنانية المقاتلة حينها مكشوفة أمام الاجتياح!

وبعيداً عن مقاربة كمّ كبير من التفاصيل بهذا الشأن، فقد كان الاستماع لكلمات حافظ الأسد من قبل المؤيديّن كافياً كي يثلج قلوبهم، ويثير عواطفهم بالحنين إلى "زمن أبو باسل الجميل"، دون أن ينسى بعضهم المررور على "مآثره" في "الاحساس بالمواطن، ودعم الخبز والمازوت والمدارس.."!.

وفي إطار التأكيد على فكرة "تلاحم القيادة بالشعب" التي تمثّل إحدى الركائز الدعائية للنظام، جاء نشر مقطع صوتي لحافظ الأسد يعود للعام 1980 ويتحدث فيه عن تأثر جميع السوريين "بما يلمّ بالوطن من نوائب"، معرّجاً على كونه "أولاً وأخيراً فلاح وابن فلاح"، وبأنه لم يكن ليجلس في "قصر" لو لم تتطلب مصلحة الشعب ذلك!

ويبرز تأثير هذه النقطة بشكل واضح في البيئة الحاضنة للنظام في الساحل السوري، حيث يُعتبر تماسك هذه البيئة والتفافها حول "القيادة" بمثابة القلعة الأولى والأخيرة في أدبيات النظام غير المعلنة، لذلك تجري مخاطبتها بمفردات ذات طابع خاصّ تنمّ عن "التصاق القائد بجمهوره من الفقراء والكادحين"، وليس الفرار كما أشيع عن بشار خلال الفترة الماضية عبر بعض القنوات "المغرضة"!  
ويبقى الملفت في مجمل ردود الأفعال على استدعاء شخص حافظ الأسد  أن الموالين والمعارضين- بغض النظر عن موقفهم السياسي وتوصيفهم للنظام وفق الاستقطابات الحاليّة - يشتركون أحياناً في فكرة تختفي وتعود بين وقت وآخر، وتتمحور حول المقارنة بين الأسدين الأب والإبن، وافتقاد بشار لـ "دهاء أبيه" في التعامل مع الأوضاع الداخلية والخارجية التي عصفت بسوريا خلال السنوات السبع الماضية وأدت إلى كل هذا الخراب.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها