الإثنين 2018/02/26

آخر تحديث: 18:47 (بيروت)

"نقشت": ماكينة الإهانة

الإثنين 2018/02/26
"نقشت": ماكينة الإهانة
بات المشاهد جزءاً من ماكينة الإهانة ومشاركاً فيها
increase حجم الخط decrease
يلاحظ المتابع لبرنامج "Take Me Out- نقشت" في شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال، "سيره" بخطى ثابتة نحو مزيد من الانحدار في المستوى. فالكلام هنا لم يعد على النكات السمجة وكثرة الايحاءات الجنسية في البرنامج، بل تخطى ذلك الى التطاول على بعض المشتركين الذكور والاستهزاء بهم بحجة الكوميديا التي تحكم البرنامج.
حقق الموسم الأول من البرنامج نسب مشاهدة عالية، لما فيه من عوامل جذب، أهمها الإغراء والايحاء الجنسي، ما دفع فئة كبيرة من الشباب الى متابعته ومتابعة الفتيات الثلاثين اللواتي يشاركن فيه، في مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعلهن نجمات لبعض الوقت. لكن الموسم الثاني من البرنامج، تخطى الجنس والنكات، وباتت الاشكالية في مكان آخر.

والمستغرب أن غالبية البرامج الخفيفة في لبنان، لا تعرف معنى الكوميديا الحقيقية، وتستعمل أي شيء لاضحاك المشاهد الجالس خلف الشاشة، ولكن هل اضحاك المشاهد يستوجب علينا الاستهزاء بأشخاص بسطاء، وجعلهم لاحقاً في محيطهم عرضة للسخرية من قبل ذويهم وأقاربهم ومحيطهم؟

منذ مدة يعمد البرنامج إلى استضافة شبان لا يتمتعون بأي مواصفات قد تعجب الفتيات الجريئات والجميلات والغنوجات والمتطلبات، وتبقى الاستفادة من ذلك، تمضية الوقت والضحك على الضيف وعلى تعليقاته أمام 30 فتاة. واللافت أن القيمين على البرنامج يختارون هذا النوع من الشبان بعناية، لسهولة اقناعهم وبساطة أفكارهم وضعف شخصيتهم وضحكاتهم المتواصلة. 

وخير مثال على ذلك المشارك رياض "بياع النعنع" الذي ظهر في الحلقة التي عرضت مساء الأحد. هو مشارك بكرش كبير وطريقة كلام مضحكة وأفكار غير مرتبة في رأسه، وبساطة وعفوية في تصرفاته. يقف المشارك امام 30 فتاة مغرية، وهي فرصة قد لا يحظى بها في الحياة العادية.

تتعامل الفتيات معه كما لو أنه فارس الأحلام، لكنهن يتصنعن ذلك ويمثلنه، لإيهام رياض أنه شخص مهم وملفت للنظر، لكنهن في الحقيقة يضحكن على تصرفاته ويستخففن به. وهنا يأتي دور مقدم البرنامج (فؤاد يمين) الذي "يُدمّر" الضيف بنكاته وحركاته، لكن الضيف البسيط لا يدرك أن الجميع يضحك عليه وعلى شخصيته وكلامه. 

وتستكمل تلك العملية في المنازل حيث المشاهد يجلس خلف الشاشة، يضحك أيضاً على "بياع النعنع" ويقول عنه كلاماً بذيئاً من نوع "ما هذا الأهبل". هي عملية يتواطأ فيها مقدم البرنامج والمشاركات والمشاهد لنسف الضيف واعطائه فرصة في البداية، لاكمال المسرحية، ومن ثم توجيه الضربة القاضية له باطفاء كل الازرار امام المشاركات.

تخطت الكوميديا هنا الضحك. هذا الضحك الذي نمارسه، سُبابٌ ولعنات لا يفهمها ضيوف بسطاء، غرقوا في لعبة التلفزيون الباحث دوماً عن شخصيات لإهانتها، ليضحك المشاهد وتعلو نسب المشاهدة. قد يكون "بياع النعنع" أوضح مثال على ما نقوله، لكن ثمة العديد من الأمثلة على يفعله البرنامج بعقول المشاركين فيه.

ما أكثر الهفوات في الموسم الثاني من البرنامج، فالايحاءات الجنسية فيه باتت أوضح وأكثر جرأة من الموسم الأول، لكن ثمة العديد من المشاكل، منها التصنع والتمثيل الواضح والمتفق عليه في بعض المواقف، خصوصاً من قبل بعض المشاركات اللواتي يتواجدن للاجابة على أسئلة المقدم الجريئة حول موضوع واحد دائماً هو الجنس. 

فقد البرنامج قدرة الاقناع بكل شيء، بدءاً من المشاركين والمشاركات فيه، مروراً بالرسائل التي يريد ايصالها، وانتهاء باستهبال بعض المشاركين والضحك عليهم.

"الهبل" الذي يُعرض على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال، مساء كل أحد، بات المشاهد جزءاً منه ومشاركاً فيه بمجرد متابعته لما يعرض.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها