الخميس 2014/04/03

آخر تحديث: 00:50 (بيروت)

أموال أيتام سوريا... إستثمار حكومي!

الخميس 2014/04/03
أموال أيتام سوريا... إستثمار حكومي!
النظام السوري يقتل شعبه ويستثمر معاناة الأيتام (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease
في خطوة توضح مدى إفلاسها الاقتصادي والأخلاقي، ها هي حكومة النظام تسعى لوضع يدها على أموال الأيتام في سورية، والتي قدرها القاضي الشرعي الأول بدمشق بحوالي 9 مليارات دولار، أو ما يضاهي تقريباً موازنة الدولة.
وبحسب تصريحات مصادر حكومية، فإن وزارة العدل تتجه لوضع قانون خاص لإستثمار أموال الأيتام، بحيث سيتم إحداث هيئة عامة لإستثمار هذه الأموال التي ستعتبر أموالاً عامة معفاة من الرسوم والضرائب، بحجة أن بقاء هذه الأموال بصورتها النقدية يهدد بانخفاض قيمتها ما يشكل خسارة لليتيم، ومن الممكن أن توظف هذه الأموال بمشاريع كبيرة، وتسهم في إعادة الإعمار.
من الصعوبة بمكان تفهّم كيف تحولت الحكومة إلى "أم حنون" تحرص على مصالح أيتام سورية، وتاريخ ممارساتها يشهد على إهمالها لهم، فالسوريون ما زالوا يذكرون الضجة التي أحدثها استثناء الأيتام والأرامل العام 2010 من رفع الراتب التقاعدي لمعيليهم المتوفين، على الرغم من أنهم أكثر الفئات حاجة لهذه الزيادة. كما أن دور الأيتام في سورية لا يتجاوز عددها 32 داراً، تعتمد بمعظمها على تبرعات المواطنين الخيرية، والتي تقلصت بفعل سياسات الإفقار الحكومية التي لا تبدي أي اهتمام بتمويلها.
 ثم عن أي مشاريع تتحدث الحكومة، والحرب التي أشعلها النظام قد خلقت بيئة طاردة للاستثمارات بجميع المناطق والقطاعات الاقتصادية دون استثناء، وباعتراف الحكومة نفسها؟ فالعام 2013 لم يشهد تنفيذ أي مشروع على الإطلاق، وبناء على ذلك، كيف يمكن إستثمار أموال الأيتام في مشاريع مجدية وذات مردودية عالية، إذا كانت فرص الإستثمار أصلاً معدومة؟ 
 كما أن الكلام عن إعادة الإعمار لايعدو كونه عنواناً براقاً تروجه الحكومة لتوحي بأنها ما زالت قادرة على فرض هيمنتها على البلاد، وكأن الحرب ستنتهي غداً، في حين أن كل الوقائع على الأرض تشير إلى إمكان استمرار الحرب لسنوات طويلة، وهذا ما يدركه النظام جيداً، وعليه فإن السيطرة على أموال الأيتام بحجة استثمارها عملية لا تحمل سوى هدف واحد، ألا وهو تمويل الحرب.
ليس ذلك وحسب، فعمل هيئة الاستثمار سالفة الذكر، قد يتوسع لتشمل أموال المحجور عليهم والمفقودين والمعتوهين والغائبين. كما أن وجود الأب لن يعفي الأيتام من استثمار أموالهم التي ورثوها عن أمهاتهم المتوفيات قسراً من قبل الحكومة، إذ حسب القاضي الشرعي الأول بدمشق فإنه من الممكن تعديل قانون الأحوال الشخصية بإضافة مادة تجبر الأب أو أي ولي آخر على وضع أموال القاصرين في هيئة الاستثمار. وهذا ما يشكل نهباً علنياً فاضحاً لأموال الناس، فمئات الآلاف بل الملايين من السوريين المفقودين والمعتقلين والمخفيين قسراً والنازحين للخارج واليتامى بفعل الحرب، سيكونون عرضة للسلب الحكومي.
يأتي هذا على أبواب يوم اليتيم العربي الذي يصادف يوم الجمعة الأولى من نيسان، في ظل غياب الإحصاءات الدقيقة حول أعداد الأيتام المتزايدين يومياً في سورية. وبحسب تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن الحرب قد تسببت منذ بدئها وحتى أيار الماضي، بفقدان 82 ألف أسرة لرجالها المعيلين، كما فقدت 2300 أسرة أمهاتها. في حين أشارت اليونيسيف إلى نزوح حوالي 8 ألاف طفل، وحيدين، ودون مرافقين من أسرهم، من أصل مليون طفل قد نزحوا لدول الجوار حتى شباط 2014.
"كما أنه ليس من صالح الوصي أن يبلغ الأيتام رشدهم، كذلك ليس من غرض المستبد أن تتنور الرعية بالعلم"، هذا ما قاله عبد الرحمن الكواكبي قبل أكثر من قرن، ولم يخطر بباله أن ما قاله على سبيل التوصيف، سيتحول لواقع حقيقي في بلاده على يد نظام مستبد فرض نفسه وصياً على أموال الأيتام الذين تهددهم الحرب بازدياد أعدادهم، فضلاً عن نهب أموالهم لأجل تمويل الانفاق العسكري. 
 
increase حجم الخط decrease