الجمعة 2014/12/19

آخر تحديث: 12:43 (بيروت)

النفط في 2015.. إستثمارات أقل و"أخطار جيوسياسية" أكثر

الجمعة 2014/12/19
النفط في 2015.. إستثمارات أقل و"أخطار جيوسياسية" أكثر
لا يُستبعد أن تخفض "أوبك" إنتاجها شرط أن تتخذ الدول المنتجة خارج المنظمة قراراً مماثلاً
increase حجم الخط decrease

 
لا شك في أن عام 2014 الذي يشارف على نهايته كان استثنائياً بالنسبة للنفط، لاسيما في نصفه الثاني الذي شهد انهيار الأسعار من 115 دولاراً في حزيران إلى ما دون 60 دولاراً في كانون الأول ديسمبر، ما يُنذر بأن العام المقبل سيكون حافلاً، ليس على مستوى أسواق الخام فحسب، بل لناحية التداعيات التي سيخلفها هذا التراجع سواء في البلدان المنتجة أو المستهلكة. لذلك يُتوقع أن تبقى أسعار النفط تتذبذب خلال العام 2015 قرب مستويات متدنية، ما من شأنه أن يؤجج التوترات الجيوسياسية.

بتمسكها بمستوى انتاجها، وجّهت منظمة "أوبك" رسالة مفادها أنها لن تتحمل وحدها، أولاً عبء خفض الإنتاج في حين تغرق السوق بفائض مصدره النفط الصخري الأميركي ومنتجين آخرين من خارج المنظمة كروسيا، وثانياً عودة دول منتجة إلى الاسواق مثل ليبيا، كل ذلك في وقت يضعف الإستهلاك على خلفية نمو اقتصادي متباطئ في الصين ومنعدم في أوروبا.

 الصورة المرتقبة في 2015 لا تُسقط نشوء خلافات بين الدول المنتجة بدءاً ببلدان "أوبك" الصغيرة والمحتاجة وتلك الأكبر. وتدعو فنزويلا وإيران إلى خفض انتاج المنظمة فيما تعارض السعودية والامارات والكويت هذا الطرح.

 كما يُتوقع أن يؤدي تراجع أسعار النفط إلى زيادة حدة التوتر داخل الدول التي تعتمد على العائدات النفطية مثل العراق حيث يمكن أن يؤدي تراجع المدخول النفطي إلى تدهور اقتصاد البلاد ما قد ينعكس على قدرة الحكومة المركزية على التصدي لتنظيم "داعش". وربما بدأت ملامح التراجع الإقتصادي ترتسم في الأفق إذ طلبت بغداد من جيرانها تأجيل مدفوعات من تعويضات حرب الخليج لمدة سنة. وسيزداد الوضع تعقيداً في حال تصاعد نفوذ إيران. فالعراق وإيران قد ينافسان معاً إنتاج السعودية خلال السنوات المقبلة. غير أن كل ذلك يبقى مجرد إحتمال لأن الكونغرس الاميركي قد يعمد إلى تشديد العقوبات الدولية المفروضة على طهران، والتي خفضت صادراتها النفطية إلى النصف.

 

ويُتوقع أيضاً أن يدفع تدني الأسعار المنتجين إلى إعادة النظر في استثماراتهم، ما يشكّل مصدر تخوّف مزدوج، أولاً من تأثر الطاقة الإنتاجية مستقبلاً، لاسيما في الدول التي تحتاج إلى تطوير صناعتها النفطية مثل إيران والعراق وفنزويلا، وثانياً من أن يؤدي إنكماش الاستثمار إلى إفلاس شركة نفطية كبيرة، ما سينتج هزة كبيرة في السوق.

 وإذا كان انخفاض الأسعار سيؤثر بشكل حازم على ربحية الكثير من المنتجين الأميركيين، فإن الانتاج الأميركي شهد زيادة كبرى في السنوات الماضية بفضل النفط الصخري الذي تُعتبر كلفة استخراجه أعلى، وتظهر الارقام أن عدد التراخيص الجديدة لاستخراجه بدأ يتراجع في الخريف ولو أن البلد يشهد تباطؤاً في نمو الطلب، وليس تراجعاً للطلب في حد ذاته.

على مستوى الاستهلاك، فإنّ تراجع الأسعار يُفترض أن يشجع الطلب ويزيد من كثافة حركة النقل البري والجوي. كذلك يُتوقع تسارع زيادة الطلب الصيني على النفط العام المقبل اذ ستغتنم بكين تدني الأسعار لرفع مخزونها. قد تنقضي أشهر، وربما سنة قبل أن يظهر تأثير انخفاض الأسعار على الاقتصاد العالمي، لاسيما مع الغموض المحيط به. وحتى لو أدى تراجع الأسعار إلى تحفيز الإستهلاك فإن مستوى مخزون النفط مرتفع لدرجة أن التاثير على أسعار النفط لن يظهر قبل النصف الثاني من 2015.

 وعبّر وزراء النفط في السعودية والإمارات وقطر عن استعداد دولهم للانتظار سنة قبل أن تستقر السوق، ما يعني أن هذه الدول قادرة عملياً على امتصاص أي تأثيرات سلبية لتراجع الأسعار. ولا يُستبعد أن تخفض "أوبك" إنتاجها شرط أن تتخذ الدول المنتجة خارج المنظمة قراراً مماثلاً. ويبقى تراجع الإنتاج إحتمالاً مطروحاً سواء في دول المنظمة أو خارجها. ففي فنزويلا أثار تراجع العائدات النفطية توتراً شديداً في الأجواء الاجتماعية والسياسية.
أما روسيا التي أضعفتها العقوبات الغربية وانهيار سعر الروبل، فقد تعمد إلى خفض انتاجها لعدم توافر الاستثمارات. وقد رفع المصرف المركزي الروسي أسعار الفائدة إلى 17 في المئة هذا الأسبوع في محاولة لوقف انهيار الروبل بفعل تراجع أسعار النفط والعقوبات.


وفي السياق، حذر بنك انكلترا المركزي من أن هبوط أسعار النفط قد يغذي التوترات الجيوسياسية، ويؤدي إلى تخلف شركات الغاز والنفط الصخري في الولايات المتحدة عن سداد الديون، ويزعزع توقعات التضخم في منطقة اليورو. وأشار إلى أن شركات النفط والغاز تشكل 13 في المئة من سوق السندات العالية الأخطار في الولايات المتحدة، وربما يؤدي تخلفها عن سداد الديون إلى شح السيولة في تلك السوق.
وأفاد في تقرير بأن هبوط أسعار النفط نحو 40 في المئة منذ حزيران يُعد أمراً جيداً للنمو، لكنّه "قد يغذي أخطاراً جيوسياسية معينة"، إذا استمرت الأسعار منخفضة. ويلفت تقرير المركزي البريطاني إلى إن على المصارف والشركات أن تدرك الضغوط المحتملة على السيولة في السوق وأن قدرتها على بيع الأصول عند الضرورة ربما تكون "وهمية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها