الإثنين 2015/03/30

آخر تحديث: 16:57 (بيروت)

موسم الفول والبازلاء بقاعاً..لا غنى عن العمالة السورية

الإثنين 2015/03/30
موسم الفول والبازلاء بقاعاً..لا غنى عن العمالة السورية
موجة الصقيع أخرّت موسم الفول والبازلاء في البقاع هذا العام (المدن)
increase حجم الخط decrease

فيما تضج الأراضي الزراعية في البقاع بالحياة، تحضيراً لمواسم الخضار والبطاطا والبصل والثوم، الزراعات الأكثر شيوعاً بين مواسم السهل الصيفية، يطل موسم الفول والبازلاء من سهلي القاع والهرمل كآخر عنقود الزراعات الشتوية البقاعية، حيث يبدأ قطافهما منذ بداية الربيع وعلى مدى أكثر من 45 يوماً.
يسبق موسم القاع والهرمل موسم قب الياس الذي يأتي متأخراً، حيث يزرع الفول والبازلاء في اقصى شمال البقاع كجزء من الرزنامة الزراعية، التي تسمح بإراحة الأرض لموسم أو موسمين، حفاظاً على خصوبتها. وتتناوب زراعتا الفول والبازيلا الأراضي الزراعية، مع زراعات كالبطيخ والشمام والبندورة التي تشتهر بها أراضي القاع.
مبدئياً كان يفترض بالفوج الاول من موسم فول القاع المعروف بـ"البكيري" ان يغرق الأسواق منذ اليوم الأول من الربيع، الا انه تأثر هذا العام بموجة صقيع، أخرت ظهوره في السوق حتى نهاية الشهر الحالي. ولكن هذه ليست الشكوى الوحيدة لمزارعي الفول والبازلاء هذا العام.
ففي الماضي لم تكن تسمع شكوى المزارعين من مصاعب تصريف إنتاج الفول. فعلى رغم مزاحمة الإنتاج السوري الأقل كلفة في الأسواق اللبنانية، كان مزارعو البقاع يطمئنون الى انه لا يوجد في العالم إنتاج يضاهي إنتاج سهلي القاع والهرمل للفول والبازلاء، والذي يتهافت عليه اللبنانيون في الداخل كما في الاغتراب، منذ موسمه "البكيري" وحتى آخر "قطفة".
"فطبيعة المنطقة المناخية، وتطور تقنيات الري المعتمدة، والتي اتجهت الى إعتماد نظام الري بالتنقيط في معظم المشاريع الزراعية، يعطيان الفول والبازلاء، ذلك الطعم السكري الذي يجعله مرغوباً بشدة من قبل التجار كما المستهلكين". وعليه لا يحتاج إنتاج البازلاء والفول في القاع، بحسب نديم ابو نعمة، أحد أصحاب أكبر المشاريع الزراعية في القاع، الى جهد في تصريفه. بل يكفي ان يضع المزارع إنتاجه في أسواق الخضار، ولا سيما في سوق المدينة الرياضية او في سن الفيل، حتى يتهافت عليه التجار من كل مكان.
ولكن الأمور لا تبدو بالسهولة نفسها خلال الموسم الجاري. فوفقا للمزارعين، تتحكم ظروف العمالة السورية بالقدرة على حصاد إنتاج هذا العام وبكلفة القطف، بسبب سياسة التضييق الحدودية التي إعتمدتها الحكومة اللبنانية للحد من اللجوء السوري الى لبنان.


ولا يبدو ان إعلان وزير الزراعة أكرم شهيب، خلال زيارته الأسبوع الماضي للبقاع، عن التفاهم مع مدير عام الامن العام على حل عملي لمشكلة استقدام العمال الزراعيين، من خلال الاكتفاء بحفظ اوراقهم الثبوتية وإلغاء رسم الإقامة المحدد بـ 300 الف ليرة، قد سلك طريق التنفيذ عملياً. بل يتحدث ابو نعمة عن إستمرار الإجراءات الحدودية المفروضة على إستقدام العمال الزراعيين، ويقول إن مسؤولي الامن العام أبلغوه ان تلك الاجراءات تحتاج الى قرارات وزارية لإلغائها. الأمر الذي يتسبب وفقا للمزارعين بـ"طرح اليد العاملة الزراعية السورية في السوق السوداء، وبالتالي المطالبة برفع أجرها مبلغ ألفي ليرة على الأقل، بعد ان كانت أجرة العامل السوري محددة بـ 9000 آلاف ليرة عن كل 5 ساعات عمل بالنسبة للذكور وبـ 7500 ليرة بالنسبة للإناث".


ويشرح ابو نعمة أنّ "اليد العاملة، تكبد مزارع الفول والبازلاء الكلفة الأكبر، وتشكل في بداية الموسم نسبة 60 بالمئة من كلفة الإنتاج عندما تكون كمية الإنتاج اقل من الطلب عليه، حيث يباع كيلوغرام الفول في سوق الجملة بألفي ليرة ويعرض في سوق المفرق بـ 2500 الى 3000 ليرة، بعد اقتطاع حصة التجار، لترتفع نسبة الكلفة التي يتكبدها المزراع في تأمين اليد العاملة مع بدء حصاد الأفواج اللاحقة وبعد زيادة حجم الإنتاج على الطلب الذي يخفض من سعره، في مقابل محافظة اليد العاملة على كلفتها الثابتة".
ويؤكد ابو نعمة أن "الأرباح التي يحققها مزارع الفول والبازلاء ضئيلة جدا، وهي لا تتعدى الـ 200 الف ليرة للدونم الواحد سنويا. وانما تمسكه بهذه الزراعة، يأتي كجزء من الخطة الموضوعة لتأمين الدورة الزراعية الدائمة، وللحفاظ على اليد العاملة الخبيرة في المشاريع الزراعية، خصوصا ان معظم المزارعين مياومون، وبالتالي هم يحتاجون الى مصادر الرزق الدائمة لتأمن قوتهم وعيالهم."


واليد العاملة تبدو حاجة في أكثر من مرحلة من مراحل زرع الفول والبازلاء، وتتضمن ايضا "التعشيب"، ونثر البذار، بالإضافة الى مرحلة القطف التي تمتد لأربعة الى خمسة افواج. علما انه بالإضافة الى كلفة اليد العاملة، يحل سعر ضمان الأراضي الزراعية في المرتبة الثانية بالنسبة لكلفة إنتاج الفول والبازلاء، خصوصاً بعد إرتفاع سعر ضمان الدونم الزراعي في القاع الى 75 دولاراً، بسبب تزايد الطلب على أراضيها من قبل اصحاب المشاريع الزراعية. يليها كلفة ضخ المياه من الآبار، مقابل تدني كلفة مكافحة الحشرات واستخدام المبيدات.
إذا هي قصة أخرى من قصص خيرات الأرض، التي لا يتسنى للمواطنين تذوق حلاوتها أحياناً، إلا إذا جبلت بالمعاناة والقلق المرافقين للمزارعين حتى في أغزر المواسم وأكثرها رغبة من قبل المستهلكين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها