السبت 2020/02/22

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

النائب مشال ضاهر ومؤامرة المصارف ببيع السندات للخارج

السبت 2020/02/22
النائب مشال ضاهر ومؤامرة المصارف ببيع السندات للخارج
يغرد خارج سرب تكتل "لبنان القوي" (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
تكتمل المؤشرات حول توجه الحكومة اللبنانية إلى تأجيل سداد القسط الأول من استحقاق سندات "اليوروبوند" لهذه السنة، والعمل على إعادة هيكلته في إطار الاستحقاقات المقبلة.

تأجيل المجاعة شهرين
وبعيداً عن وصول وفد صندوق النقد الدولي يوم الخميس 20 شباط الحالي، ومباشرة تقديم"نصائحه" حول كيفية الخروج من أزمة لبنان المالية، يكشف النائب ميشال ضاهر، عن استعانة لبنان بشركات عالمية في المجالين القانوني والمالي "لتساعدنا في المحادثات مع مالكي سندات اليوروبوند".

ومع أن القرار النهائي بالسداد أو عدمه "لن يُتخذ إلا في الأيام الأخيرة من موعد الاستحقاق"، فإن الحراك الذي ترك انطباعاً بأن لبنان لن يسدد، خلق قلقاً لدى مالكي السندات، وأدى إلى هبوط كبير في قيمتها في الأيام الماضية.

وكان النائب ميشال ضاهر، أول من طرح "معضلة" عدم قدرة لبنان على الالتزام بموعد استحقاق اليوروبوند، مخالفاً زملاءه في تكتل "لبنان القوي" العوني، أثناء جلسة منح الثقة لحكومة حسان دياب. لذا، حجب عنها الثقة، بسبب عدم حصوله على جواب صريح من رئيس الحكومة حول كيفية التعاطي مع هذا الاستحقاق.

استعان ضاهر بمكاتب محاماة خارجية ليثبت أن تخلف لبنان عن سداد اليوروبوند، لن يرتب عليه أي عقوبات، بل يمنح الدولة مهلة إضافية للتفكير في معالجات صحية للواقع الاقتصادي. وأوضح ضاهر أن "حياتنا الاقتصادية لن تزدهر، إذا لم نسدد سندات اليوروبوند. وبامتناعنا عن ذلك نؤجل المجاعة لشهرين، في حال وقوعها".

"أشمور" والتهويل والمصارف
ويرفض ضاهر التهويل بحجز احتياط الذهب أو مصادرة طائرات مطار رفيق الحريري نتيجة عدم سداد ديون شهر آذار. وشرح أن النظام الاقتصادي يتضمن شيئاً يسمى "مناعة" أو فرق بين أموال الدولة وأموال البنك المركزي، الذي يتمتع باستقلال تام. والدولة هي التي تمتنع عن الدفع، وليس البنك المركزي. والمسؤول عن التهويل - برأي ضاهر – هم من قاموا بشراء السندات لدى اقتراب موعد استحقاقها، في محاولة منهم لتحقيق أرباح على حساب اللبنانيين وأزمتهم. وهو أعاد التذكير بـ "فضيحة" صندوق "أشمور" للمحافظ الاستثمارية، والذي تصدّر واجهة الاستحقاقات المالية اللبنانية الخارجية. ويشير ضاهر إلى أن "أشمور" لم يكن يحمل، قبل ثلاثة أشهر، أي من سندات لبنان التي كانت تملكها أطراف خارجية. لكنه بشرائها لمصلحة مصارف لبنانية، رفع قيمتها.

ويشرح ضاهر أن هذه المصارف باعت سنداتها الداخلية، بعدما تسرب عن حاكم مصرف لبنان توجهه لتسديد قيمة استحقاق السندات الخارجية فقط، ونسبتها 30 في المئة، في مقابل تأجيل السداد لحاملي السندات في الداخل، وتبلغ نسبتها 70 في المئة.

وبسبب هذه المعلومة، قامت المصارف اللبنانية بتحويل سنداتها إلى الخارج كي تسدد. وهنا يقول ضاهر: إذا حصل ذلك في بلد مثل أميركا، فإنه يُعتبر جرماً يعاقب عليه القانون بالحبس لمدة 30 سنة.

ويضيف ضاهر: المصارف تقول إنها باعت السندات بحجة نقص السيولة. وأنا لدي تأكيد بأنها أودعت في حسابات شخصية في "أشمون"، معولين على أرباح تصل إلى 30 في المئة خلال فترة شهر ونصف الشهر.

يؤكد ضاهر أنه يمتلك المعلومات عن المصارف التي قامت بهذه العمليات، ولكنه يفتقد المستندات الكافية لإثباتها. لذا ناشد القضاء ليتحرك. وهذا ما فعلته وزارة العدل عندما اعتبرت ما قيل إخباراً، وتحركت على أساسه.

استباقاً للفوضى والإفلاس
لكن قبل يومين خالف ضاهر تغريداته المحذرة من السداد، وأشاد برئيس الحكومة، وكيفية معالجته الموضوع. وذلك بعد ما طلب رئيس الجمهورية من ضاهر أن يكون في عداد الفريق الاقتصادي الذي يعمل على وضع اقتراحات لإعادة هيكلة ديون اليوروبوند. وهذا يعني عمليا أن البحث انتقل من إمكان تأجيل الاستحقاق إلى كيفية تأجيله وهيكلة الديون في المرحلة المقبلة.

لم يكن البيان الوزاري لحكومة دياب – في رأي ضاهر - على قدر الطموحات. لكن يتبين أن رئيس الحكومة عازم على الإمساك بالملف الاقتصادي كما يجب. فدياب علم أن حكومته أمام خيار واحد فقط: إما أن تنقذ البلد أو ستكون آخر حكومة تسبق الفوضى والإفلاس.

ما هو مطروح حاليا - بحسب ضاهر - هو إعادة هيكلة الدين. فندفع 40 سنت عن كل دولار، وبالتالي ينخفض الدين من 30 مليار إلى 12 مليار. وهذا لا يشكل سابقة، لأنه حصل في دول كثيرة كالأرجنيتن والبرازيل وروسيا. أما فنزويلا - يقول ضاهر محذراً - فدفعت في اللحظة الأخيرة، "فانظروا ماذا حل بها". وهو يضيف أن حاملي السندات لا يمكنهم إلا أن يتقبلوا هذا الأمر، لأننا عملياً كالهارب إلى خيار البرازيل: إما يأخذوا منا ما يتوفر لدينا، وإما لا سداد على الإطلاق.

وإعادة هيكلة الدين، في المقابل، تضخ من الخارج أموالاً على نحو أفضل. وذلك لتحررنا من الالتزامات، وتمنحنا إمكانية استثمارنا أول مليار ومئتي ألف دولار في قطاعات انتاجية. فنشغل الزراعة والصناعة، ونخلق فرص عمل. خصوصاً أن موازنة 2020 العامة تحوي بنداً عن خدمة هذا الدين الذي تتبدل أرقامه، اذا أعدنا هيكلته.

ما يطرحه ضاهر يجعله يغرد خارج سرب تكتله النيابي، في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي. أما حفاظه على موقعه في التكتل – بحسبه - فلإسماع صوته بسهولة في مجموعته التي تضم 26 نائبا. فهو غير حزبي، ومؤيد دائم لموقع رئاسة الجمهورية، أياً يكن الرئيس.

الهيركات 
وفي ظل الخروج "الشعبي" على معظم التكتلات اللبنانية، لم يتردد ضاهر في تقديم اقتراحات غير شعبية على الصعيد المالي. فكان أول من دعا إلى "capital control" معلن. وكان يتهيأ لتقديم مشروع قانون في شأنه، ولكنه تراجع عنه لعدم تحقق التوافق السياسي عليه. وهو يشرح أنه لم يكن يطالب بقانون، "لكنني بسبب الخلاف مع حاكم مصرف لبنان على المادة 70 من قانون التسليف والنقد، تقدمتُ من المجلس النيابي لمنح حاكم مصرف لبنان إجازة لوضع ضوابط على التحويلات، في حال رأى حاجة إلى ذلك". ويكشف ضاهر أن لبنان طبق فعلياً الـ CAPITAL CONTROL لأسبوع واحد في حزيران 1967، عندما حُصِرت التحويلات بأنواع وكميات محددة من المواد المستوردة. لكنه آسف لأن القرار أفلت من يد الدولة أخيراً لوقف نزيف الأموال الكبير في الأزمة الحالية.

مع استفحال الواقع المالي حالياً، يطالب ضاهر بـ hair cut مقونن. ففي ظل تسعيرة الدولار الحالية، تخسر الدولة – برأيه - 40 في المئة من العائدات التي تذهب إلى جيوب خاصة، نتيجة الفرق في تسعيرة الدولار بين المصرف وفي خارجه. ويعتبر أنه لم يعد جائزا أن ندفن رأسنا في الرمال. فالسعر الحقيقي لصرف الدولار، حسب تقارير البنك الدولي في حزيران 2019، كان 2600 ليرة. وبعد الذي حصل بات السعر الحقيقي 3 آلاف ليرة.

ويكشف ضاهر أن الاجتماعات مستمرة ومكثفة لمناقشة هذا الأمر. ويَفترض أن الأمر يُبتُّ نهائياً في غضون شهر ونصف الشهر، معتبرا أن مسألة الـ hair cut لم تعد خياراً، بل ضرورة. والتمنع عن الدفع ليس خياراً. ولدينا أربع سنوات مخيفة، إذا نجحنا. وإذا لم ننجح فسنذهب إلى الانهيار الشامل. ويعتبر ضاهر أن ثورة 17 تشرين أزالت ورقة التوت عن الأزمة الكبيرة التي نمر بها، مشيراً إلى أن الخروج من هذا النفق لن يكون قريباً.

ويدعو ضاهر في المقابل إلى الاستفادة من الفرص الناجمة عن الأزمة، وخصوصاً مع تدني قيمة الرواتب، الذي يخفض كلفة الانتاج، ويسهل على الانتاج المحلي المنافسة في الأسواق الخارجية، ويؤمن سيولة مدولرة في البلد مجدداً. وهو كشف أنه طرح على رئيس الجمهورية أن تكون طريقة سداد اليوروبوند مرتبطة بمؤشر اقتصادي. أي أننا كدولة لبنانية نسدد ما يوازي 15 في المئة من صادراتنا. وهذا ما يسهل علينا فتح أسواق خارجية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها