الجمعة 2015/04/10

آخر تحديث: 13:16 (بيروت)

مخيم اليرموك.. مزيدٌ من التجويع والحصار

الجمعة 2015/04/10
مخيم اليرموك.. مزيدٌ من التجويع والحصار
يحتكر التجار المواد الغذائية المتوفرة فيرفعون أسعارها (getty)
increase حجم الخط decrease


يعتبر مخيم اليرموك من أكبر مخيمات اللجوء الفلسطيني خارج فلسطين، وقد أنشىء عام 1957 على مساحة تقارب 2.11 كيلومتر مربع، ويقدر عدد سكانه الفلسطينيين بحوالي 162 ألف نسمة وفقاً لإحصاء "الأونروا" عام 2012. لكن هذا الإحصاء لا يشمل جميع سكان المخيم، فهناك الفلسطينيون الذين لا يحملون أوراقاً سورية وغير مسجلين لدى "الأونروا"، إضافة لآلاف الأسر السورية التي لجأت إلى المخيم نظراً لقربه من دمشق.


وكغيره من المخيمات الفلسطينية التي كان قدرها أن تدفع ثمن الحروب، يتعرض مخيم اليرموك لحصار شديد منذ قرابة 641 يوماً من قبل قوات النظام، ما دفع بمعظم سكانه للنزوح، ولم يبقَ منهم فيه أكثر من 10% فقط، في ظل تعرض أكثر من 60% من منازل المخيم للدمار والخراب، ناهيك عن تعرض 95% من منازله للسرقة خلال سنوات الأزمة، حسب شبكة "فلسطينيو سورية الإخبارية". ومنذ مطلع نيسان الجاري سيطر تنظيم "داعش" بمساعدة عناصر من "جبهة النصرة" على أكثر من 80% من مساحة المخيم، ليقع من بقي من سكانه بين فكي كماشة، جيش النظام شمالاً و"داعش" جنوباً، ما زاد من تدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية المتأزمة أساساً في المخيم. فالكهرباء مستمرة في الانقطاع منذ أكثر من 719 يوماً، والماء منذ 209 أيام، وفقاً للتقرير الذي أصدرته "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" الثلاثاء الماضي.


ويروي مازن وهو أحد شباب المخيم لـ "المدن" أن المياه المتوفرة في الخزانات، مصدرها الآبار غير الصالحة للشرب، وتبلغ تكلفة تعبئة برميل المياه 1500 ليرة (5.4 دولار) على الأقل، وقد يعاني سكان المخيم من نفاد مخزون المياه في ظل سيطرة "داعش" حالياً على نقاط توزيع المياه. أما مياه الشرب فيجبر سكان المخيم على شرائها بكميات محدودة من المناطق المجاورة، ويضطرون بذلك الى تحمل مخاطر القنص والبراميل المتفجرة". وعن وضع المحروقات يضيف مازن أن "إمدادات الوقود مقطوعة تماماً. فقبلاً كان يتم الاعتماد على المحروقات التي سرقت من البيوت التي هجرها سكانها، ومن خزانات المعامل والمصانع في المنطقة الجنوبية، أما حالياً فمعظم المشتقات النفطية مفقودة، وسعر تنكة البنزين، إن وجدت، لا يقل عن 40 ألف ليرة (145.4 دولاراً)، وسعر قارورة الغاز لا يقل عن 15 ألف (54.5 دولاراً)، ونظراً للحاجة الحيوية للمحروقات لتشغيل مضخات المياه في الآبار، والمولدات الكهربائية التي يتم الاعتماد عليها من أجل شحن البطاريات التي تستخدم للإنارة، فقد تم الاعتماد على المازوت والبنزين المستخرجين عن طريق صهر البلاستيك، ويباع ليتر المازوت المستخرج بهذه الطريقة بحوالي 900 ليرة (3.2 دولار)".
كما يعاني سكان المخيم من نقص حاد في توفر المواد الغذائية، ومعظمهم لا يتلقى أكثر من وجبة واحدة يومياً مكونة بشكل أساسي من الخضار تقيهم من الموت جوعاً، وقد قامت بعض المبادرات الأهلية لتأمين الخضروات والأعشاب الغذائية عبر زراعتها في الحدائق وعلى أسطح المنازل في المخيم، ولكنها لا تسهم في توفير حاجات سكان المخيم، فالزراعة بدائية تفتقد للأسمدة والتقنيات اللازمة، ولا يمكن أن تؤمن إلا أنواعاً محدودة من حاجات الأسرة الغذائية.


والجدير ذكره أنّ المواد الغذائية المتوفرة يحتكرها تجار الحروب فيرفعون أسعارها أضعافاً مضاعفة، وتختلف الأسعار صعوداً وهبوطاً حسب توفر المواد. وفي التفاصيل، "يبلغ وسطي سعر كيلو الأرز 6 آلاف ليرة (21.8 دولاراً)، ولكن خلال فترات اشتداد الحصار يصل إلى 13 ألف ليرة (47.2 دولاراً)، ربطة المعكرونة لا تقل عن 1500 ليرة (5.4 دولاراً)، كيلوغرام الشاي يتجاوز 3 ألاف ليرة (10.9 دولاراً)، أما السكر فيصل إلى 7 آلاف ليرة للكيلوغرام الواحد (25.4 دولاراً)، وكيلوغرام الطحين لا يقل عن 2500 ليرة (9 دولارات)"، وفق ما يقوله أحمد، أحد سكان المخيم.


ولا يبدو الوضع الصحي أفضل حالاً، فالمستشفيات كلها متوقفة عن العمل كـ"مستشفى حلاوة" و"مستشفى الباسل الطبي" الذي توقف بعد تعرضه للقصف من قبل قوات النظام منذ عام ونصف تقريباً، والمستشفى الوحيد الذي بقي يعمل هو "مستشفى فلسطين"، وقد وقع تحت سيطرة "داعش" أخيراً، وهذا التدمير أدى الى فرض علاج الجرحى والمصابين بطرق بدائية جداً، ولا سيما أن معظم الأدوية مفقودة تماماً. وصعوبة الوضع الصحي دفع باللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي في سوريا الى الإعلان عن "حاجة عاجلة للرعاية الطبية الطارئة من أجل ما تبقى من سكان المخيم"، وأضافت اللجنة في بيان لها يوم أمس انها وزعت مع الهلال الأحمر العربي السوري "منذ 3 نيسان/أبريل 9500 طرد غذائي على العائلات في حي "يلدا"، ومن بينها عائلات كانت قد هربت من المخيم". وذكرت اللجنة انها "لم تتمكن من دخول مخيم اليرموك منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2014 عندما وزعت الإمدادات الطبية ومواد تنقية المياه بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني".

وتجدر الإشارة الى ان الحصار الخانق على المخيم أدى الى وفاة 173 شخصاً نتيجة قلة الغذاء والدواء، من أصل 1063 من أبناء المخيم قتلوا خلال الحرب في سوريا، حسب المركز السوري لحقوق الإنسان، في الوقت الذي أصبح فيه مصير 18 ألف فلسطيني، بينهم 3500 طفل، محاصرين داخل المخيم ومهددين بتردي أوضاعهم أكثر، ما لم يتم انقاذهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها