السبت 2015/02/07

آخر تحديث: 16:16 (بيروت)

خسائر لبنان من اللجوء السوري تتراكم.. ومكاسبه أيضاً!

السبت 2015/02/07
خسائر لبنان من اللجوء السوري تتراكم.. ومكاسبه أيضاً!
حركة النزوح انعكست إيجاباً على الاقتصاد اللبناني الذي حقق من خلال وجود النازحين زيادة في الاستهلاك
increase حجم الخط decrease

يتفاقم وضع النزوح السوري إلى لبنان كلما طال أمد الأزمة السورية التي لا يبدو أنها تقترب من الحل. وكلما مضى الوقت كلما ألقى هذا الملف بثقله على الوضع الاقتصادي اللبناني. ولعل الخسائر التي تكبدها لبنان من جراء ذلك والتي بلغت 13 مليار دولار، تضاف إلى 1.2 مليار دولار قيمة استهلاك البنى التحتية والمؤسسات الحكومية، فيها من الدلالة ما يكفي للتعبير عن واقع الحال.

وإن كانت الأرقام التفصيلية غير متوفرة في هذا الخصوص، إلا أن هناك وجهة نظر تشير إلى أن الاقتصاد اللبناني يستفيد من وجود النازحين السوريين الذين تحولوا أيضاً إلى قوة استهلاكية، كما تحوّل جزء لا يُستهان به منهم إلى مساهم في دوران العجلة الاقتصادية الداخلية.

على جانب الترددات السلبية المتنامية يمكن الحديث عن توسع انتشار المؤسسات السورية غير المرخصة ومن بينها إنشاء 60 مطبعة من قبل نازحين، إضافة إلى ظاهرة نقل بعض المصانع السورية إلى لبنان بطريقة غير شرعية من دون المرور عبر القنوات الرسمية أو الاستحصال على التراخيص اللازمة.

وفي هذا المجال، ازدادت أخيراً حالات صرف اليد العاملة اللبنانية واستبدالها بأخرى سورية ما يؤدي إلى خروج قوة شرائية من السوق، وتراجع الاستهلاك. وتبيّن الأرقام أن انخفاض الإستهلاك 1 في المئة يعني خسارة 400 مليون دولار من السوق، يُضاف إلى ذلك أن تفاقم عوامل اللاستقرار في لبنان يساهم في ابتعاد المستثمرين العرب والأجانب عنه، خصوصاً في ظل الفراغ الرئاسي وتراكم المشاكل السياسية الداخلية.

ويشدد الخبراء على ضرورة إيجاد سبل تتيح مجابهة التحديات الناجمة عن "الربيع العربي" وعن الأزمة المالية العالمية، وتطوير دور المؤسسات الحكومية وأدائها، خصوصاً وزارة المال وهيئات الرقابة وذلك عبر الاستفادة من تجارب العديد من الدول التي نجحت في تنفيذ سياسات إنقاذية وحققت نهضة إقتصادية وارتفاعاً في معدلات النمو وخلقت فرص عمل في مجالات عديدة، وأمنت مناخات مؤاتية للاستثمارات.

وهنا لا بد من التركيز على ضرورة فرض الموجبات القانونية على المستثمرين أو العمال السوريين، لناحية إلزامهم بالحصول على التراخيص والاجراءات اللازمة. ولفتت أوساط إقتصادية إلى أن الخطوات التي اتخذتها وزارة الداخلية أخيراً والتي قضت بوجوب حصول السوريين على تأشيرات دخول عند الحدود كانت خطوة أولى يجب أن تُستتبع بخطوات أخرى في الداخل اللبناني لناحية تأطير جميع العمال السوريين وإعطائهم أذونات عمل تجدد دورياً من وزارة العمل مثلاً، أو لدى الجهات المختصة.

وشددت هذه الأوساط على ضرورة اتخاذ خطوات لتنظيم سوق العمل الداخلية، أبرزها إقرار قانون يحدد "كوتا" للعمال السوريين داخل كل مؤسسة لا تتعدى 10 في المئة من إجمالي عدد عمالها، وإقرار قانون يفرض غرامات كبيرة على المؤسسات المخالفة، وفرض غرامات على اللبنانيين الذين يسهلون إنشاء النازحين لمؤسسات خارج القوانين المرعية الإجراء.

 

تأثيرات إيجابية
لكن في مقابل هذه المشاكل والتداعيات السلبية للنزوح السوري، يمكن أيضاً التوقف عند تأثيرات إيجابية لحركة النزوح التي انعكست إيجاباً على الاقتصاد اللبناني فحقق من خلال وجود النازحين زيادة في الاستهلاك، ما رفع النمو 1.5 في المئة في 2013 ومثلها في 2014. كما أن دخول اليد العاملة السورية إلى سوق العمل ساهم في خفض كلفة الانتاج وزيادة التنافسية.

على سبيل المثال، يدفع اللاجئ السوري أبو فراس، الذي يعمل نجاراً في الضاحية الجنوبية، أكثر من ألف دولار شهرياً لاستئجار منزل وكلفة وقود لسيارته وكلفة هاتف خلوي وخدمات أخرى إلى جانب أقساط المدرسة عن ولدين، وهو لا يتقاضى أموالاً من منظمات دولية لأنه لم يسجّل إسمه كلاجئ لدى أي منها. ويوضح أبو فراس إنه على استعداد لنقل ما تبقى من مصنعه الموجود في حي جوبر في دمشق إذا تأمنت له الفرصة لذلك. ويقول: "هنا في الضاحية الأمور جيدة بالنسبة لنا، والعمل جيد ومتوفر وبدأنا نتعاقد لتنفيذ الأعمال للمباني قيد الإنشاء، لكن الظروف المتوفرة لنا هنا قد لا تتوفر في مناطق أخرى من لبنان".

ويمكن القول إن أبو فراس ليس السوري الوحيد الذي ينفق هذا القدر من الأموال في السوق اللبنانية فالكثير من العمال السوريين ربما دخلوا بصفة نازجين وتحوّلوا مع الوقت إلى عمال ذوي دخل متوسط، وأصبحوا يشكّلون محرّكا لقطاعات أساسية أهمها البناء والعقارات، وبيع المواد الغذائية والطبابة والصيدلة والإتصالات والمحروقات.

وينبغي أيضاً التوقف عند دخول بعض أصحاب رؤوس الأموال السوريين إلى السوق اللبنانية من خلال تأسيس مؤسسات صغيرة ومتوسطة كالمطاعم والأفران وبالشراكة مع لبنانيين أحياناً. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها