الأربعاء 2015/11/11

آخر تحديث: 14:51 (بيروت)

"تشريع الضرورة": التهويل بمخاطر اقتصادية لغايات سياسية؟

الأربعاء 2015/11/11
"تشريع الضرورة": التهويل بمخاطر اقتصادية لغايات سياسية؟
شماس: وقف التحويلات من وإلى لبنان سيكون بمثابة كارثة تخنق البلد (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

يستمر لبنان في إرسال الاشارات الخاطئة الى المجتمع الدولي، عبر عدم اقرار التشريعات اللازمة لعودة الحياة السياسية والإدارية الرسمية الى طبيعتها، مما يقضي على صدقيته وعلى ثقة العالم بقدرته على تسيير عمل مؤسساته. وقد وافق البنك الدولي على تمديد استحقاق سلّة مساعدات مالية قيمتها 474 مليون دولار حتى نهاية العام 2015، بانتظار اقرار المجلس النيابي القوانين اللازمة لدخولها حيّز التنفيذ.
البعض يُهوّل على اللبنانيين بأن عدم انعقاد الجلسة التشريعية سيعني كارثة اقتصادية تُهدد لقمة عيش آلاف العائلات وتضرب استقرار العملة الوطنية، وصولاً الى تعطيل التحويلات المالية من والى لبنان، عدا عن تضييع فرص تمويل مشاريع تنموية وحرمان البلد من إمكانية الاستفادة من إمكانيات تمويل مشاريع أخرى مستقبلاً. إذ أن عدم إقرار القوانين والاتفاقات المتعلقة بتبييض الأموال وتهريب الثروات سيُخضع القطاع المصرفي لحصار دولي محتّم.
رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس من أصحاب هذا الرأي، إذ طالب بالحد الأدنى من العمل المؤسساتي لناحية تشريع الضرورة، لأن لبنان أصبح على شفير أن يتحول الى دولة مارقة وفاشلة، والترجمة الاقتصادية لهذا الوضع هو عدم قدرتنا على تحويل دولار واحد من والى لبنان.
فما هي المعطيات الجديدة التي استند إليها شماس، ولماذا تخويف اللبنانيين لاسيما أن الوضع الاقتصادي على حاله منذ نحو الـ5 سنوات؟
تعقيبا على هذا الموضوع، أوضح شماس في حديث لـ"المدن" أن "هناك قوانين مالية موجودة في أدراج مجلس النواب منذ سنوات وهي على جدول أعمال الجلسة التشريعية وهي: نقل الاموال عبر الحدود، غسل الاموال وتبييضها، التعاون الضريبي، وقانون مكافحة الارهاب. وأهمية إقرار هذه القوانين تكمن في أن الشرعية الدولية تفرض على الدول أن تتعاون في هذه المواضيع"، وأضاف، انه "ومنذ أن بدأت "اللخبطة" في عمل المؤسسات في لبنان، بات لبنان خارج الشرعية الدولية لأننا تجاوزنا الكثير من المهل، واليوم مع عودة موضوع الارهاب الى الواجهة فإن هذه الدول لم يعد بإمكانها إعطاء لبنان مزيدا من المهل".
بنظر شماس، فإن التصنيف الائتماني - بالحد الادنى - "سيتراجع إذا فرضت عقوبات على لبنان وهذا الامر سيؤدي الى ارتفاع خدمة الدين، بالتالي ارتفاع الفوائد على الدولة وعلى كل فرد أو شركة لديها ديون". والجديد أن المجتمع الدولي لم يعد يريد إعطاء لبنان المزيد من المهل، فهذه "مهلة إسقاط". وأشار الى أن هذا "التحذير ليس كلاما في السياسة، إنما وقائع إقتصادية". وحذر شماس من أن وقف التحويلات من وإلى لبنان سيكون بمثابة كارثة تخنق البلد لأنه لا يعد بإمكاننا الاستيراد من الخارج، فنحن نستورد بقيمة 20 مليار دولار في العام، كما أن المغتربين اللبنانيين لا يمكنهم تحويل أموال الى عائلاتهم، ما يتسبب بأزمة فعلية".
مخاوف شماس نفاها الخبير الاقتصادي لويس حبيقة نفيا قاطعا. وشدد في كلامه لـ"المدن" على أن "هذا الامر غير وارد أن يحصل"، مشيرا الى وجود "جو تخويفي تهويلي في البلد لغايات ما، وبالتالي هناك من يجّرّنا الى إقرار أمور إذا لم تُقر لا يتغيّر شيء في المعادلة، لكن هذا لا يعني أننا ضد إقرار القوانين". واعتبر أن "الامر الوحيد العالق اليوم هو ملف انتخاب رئيس الجمهورية، والمشكلة أن الافق مسدود في بهذا الملف، ولا ندري متى سيتم انتخاب رئيس. فإلى متى سيؤجل التصويت على القرارات المالية؟".
إنتهاء المهلة لا يعني عدم القدرة على الحصول على مهل جديدة، بحسب حبيقة، الذي أوضح أنه "بإمكان لبنان إرسال مذكرة الى البنك الدولي تفيد بعدم قدرة لبنان على الايفاء بتعهداته في الوقت الحالي وأننا بحاجة الى 6 أشهر إضافية مثلا".
ما يحصل وفقا لحبيقة "هدفه تسريع الوصول الى حل سياسي، لكننا ضد التخويف، وكل ما يحكى عن انهيار إقتصادي عار من الصحة تماما. وما يحصل أن أوضاعنا تتعسّر وقد يؤدي ذلك الى نمو سلبي وإفقار المجتمع اللبناني أكثر، أي أن الانحدار إن حصل سيؤدي الى تراجع سنوي، لكن الامور تُضبط بمجرد تسوية الوضع السياسي في البلد". ولفت الى أن "الاقتصاد العالمي متعثر، والعالم بأسره يتخبط ماليا وليس لبنان فقط، من الدول العربية وصولا الى أوروبا وآسيا. وما يحصل في لبنان أن هناك من يريد تعجيل الامور لطموحات شخصية رئاسية وغير رئاسية، أو لمصالح وأهداف خاصة".
حبيقة طمأن الى أن "الوضع الاقتصادي في لبنان غير مقلق، لكن من الافضل تحسين إدارة الدولة والقطاع العام".
الانهيار الاقتصادي في لبنان مستبعد، ولكن هناك خوفاً من تفكك مؤسسات الدولة، إذ أن السياسيين يصرفون وقتهم بالجدالات العقيمة بدلا من الاهتمام بمصالح وشؤون المواطنين الملحّة. وسواء انعقدت الجلسة التشريعية أم لم تنعقد، فإن التركيبة السياسية اللبنانية مستمرة بالوقوف كعقبة رئيسية أمام نمو لبنان إقتصاديا وماليا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها