الثلاثاء 2016/02/02

آخر تحديث: 14:21 (بيروت)

السائقون السوريون للشاحنات اللبنانية:تحدٍ جديد للتصدير البري؟

الثلاثاء 2016/02/02
السائقون السوريون للشاحنات اللبنانية:تحدٍ جديد للتصدير البري؟
اسطول الشحن السوري أكبر بكثير من الأسطول اللبناني (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease
كانت الشاحنات اللبنانية على موعد جديد مع عرقلة أعمالها لجهة التصدير من لبنان بإتجاه الدول العربية. وجديد العرقلة، منع السلطات التركية دخول السوريين الى أراضيها دون الإستحصال على تأشيرة دخول (فيزا)، الأمر الذي إنعكس على عمل الشاحنات اللبنانية التي يقودها سوريون بنسبة كبيرة. لكن ما أدى الى إثارة ضجة حول الموضوع، هو ان القرار الذي اتخذ مطلع شهر كانون الثاني الفائت، لم يراعِ وجود سائقين سوريين عبروا الى الدول العربية وتحديداً إلى العراق، قبل صدور القرار، وعليهم العودة الى لبنان عبر تركيا. وعليه، فإن حوالي 150 شاحنة لبنانية يقودها سوريون، علقوا في منطقة كردستان العراق، على الحدود التركية العراقية.

"القطوع، مرق"، إذ سمحت تركيا للسائقين السوريين بعبور أراضيها الإثنين، بعد إتصالات بين وزارتي الخارجية التركية واللبنانية أثمرت "موافقة تركيا على اعطاء تأشيرات دخول للسائقين السوريين، شرط تقديم سفارة لبنان في بغداد أسماء السائقين غير اللبنانيين، وأرقام جوازات سفرهم"، وفق ما أعلنته السفارة التركية في بيروت. وبرغم حل هذه المسألة، إلا ان تداعياتها لا تنتهي هنا، إذ ان إحتمال تطور الوضع كان وارداً، وهو أمر كان سيرتب أكلافاً اضافية على أصحاب الشركات اللبنانية، خاصة وان بعضها "كان قد أرسل سائقين لبنانيين للعودة بالشاحنات من العراق، والبعض الآخر سعى لإصدار فيزا للسائقين السوريين من السفارة التركية في بيروت"، وفق ما قاله لـ "المدن" رئيس تجمّع مزارعي البقاع إبراهيم ترشيشي، الذي أكد "عدم وجود أي أزمة بين لبنان وتركيا في هذا الاطار، فالمشكلة محصورة فقط بالسائقين السوريين". لكن ترشيشي لم ينف أن هذا الامر "قد يؤثر على الصادرات اللبنانية الى أربيل، وأنه سيكبّد أصحاب الشاحنات خسائر مالية وتكاليف إضافية. والحل بات بالإستحصال على فيزا من السفارة التركية في بيروت قبل الانطلاق".
من جهته أكد نقيب أصحاب الشاحنات شفيق القسيس، ان ما نسبته "80 الى 85 بالمئة من سائقي الشاحنات اللبنانية هم من السوريين"، وبالتالي فإن إحتمال حصول مثل هذه الحوادث، قائم. ولفت ترشيشي النظر الى انه لا يوافق على حل مثل هذه المشاكل عبر إرسال سائقين لبنانيين للعودة بالشاحنات، فمثل هذه الحادثة كانت تتطلب إرسال 150 سائقاً لبنانياً، فمن أين نأتي بهذا العدد"، خاصة وان العملية ترتب أكلافاً إضافية على الشركات. فبحسابات بسيطة، كل شاحنة تتقاضى يومياً "بين 150 و200 دولار"، وإنتظار الحل لمدة يومين أو أكثر، سيكبد خسائر تفوق الـ 22500 دولار في حال توقف الشاحنات ليوم واحد.
في المقابل، يرى نقيب الوكلاء البحريين حسن الجارودي ان ما حصل يستدعي إعادة النظر بأسطول الشحن الموجود حالياً، لأن هذه الأزمة إستدعت تدخل الخارجية اللبنانية، لكن في الوقت عينه، "كيف تتدخل الخارجية اللبنانية لحل أزمة سائقين سوريين؟ وكيف تقول وزارة الأشغال العامة والنقل ان افضلية العمل للوحات التسجيل اللبنانية، في حين ان السائق سوري؟". لكن الجارودي يتوقف عند مشكلة الكلفة، إذ ان السائق السوري "يتقاضى بين 600 و800 دولار شهرياً، في حين ان السائق اللبناني يتقاضى 1000 دولار"، وبالاضافة الى كلفة السائق اللبناني المرتفعة، فإن "لبنان يملك اسطولاً مؤلفاً من حوالي 2000 شاحنة، بينما السوريون يملكون 80 ألف شاحنة"، يعني ان الإعتماد على السوريين سيستمر. فأين الوزارات المعنية؟
مصادر "المدن" في وزارة العمل تقول إن "السائقين السوريين لا يعملون ضمن الأراضي اللبنانية، لذلك لا ينطبق عليهم قانون العمل اللبناني". فمثل هذه الأزمات لا يمكن حلها بالقانون اللبناني بل عبر وزارات الخارجية للدول المعنية، كون المشكلة ليست على الاراضي اللبنانية. أي ان مؤشر إستمرار أزمة كهذه او حصول ازمات أخرى، مرتفع، ما لم تجد الدولة اللبنانية آلية لضمان عمل الشركات اللبنانية دون التعرض لأزمات مشابهة، وتفادي حصول معوقات قد لا تجد حلولاً لها بسرعة. وفي السياق، لا يمكن نسيان أزمة التصدير البري التي تفاقمت مع إقفال المعابر السورية وتضرر الشركات اللبنانية جراء ذلك، حيث ارتفعت كلفة التصدير مع اعتماد التصدير البحري.
إذن، لم تعد مشكلة التصدير البحري وإقفال الحدود البرية هي المأزق الوحيد امام الصادرات اللبنانية وامام شركات الشحن، بل تواجه الشركات اليوم ازمة تغيير طاقم عملها، او بالحد الأدنى الإلتزام بإجراءات قانونية جديدة ستزيد من كلفة الشحن. اما السؤال الإضافي الذي يمكن طرحه، هو هل ستتحمل الشركات ازدياد الكلفة، ام ستحمّلها للبضائع؟ لا يمكن الاجابة عن هذا السؤال حالياً، لأن مراقبة تطور الاوضاع ضرورية، والقرار النهائي متوقف على عدم تكرار الأزمات، والذي ينتظر تحرك وزارة الخارجية لتسوية الاوضاع مع تركيا وغيرها، لتفادي اي عراقيل مستقبلية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها