"وكلما صادقت أو آخيت سنبلة، تعلمت البقاء من الفناء وضدّه. أنا حبة القمح التي ماتت لكي تخضّر ثانية، وفي موتي حياة ما". هي ليست أبيات عادية في "جدارية" محمود درويش، فالقمح رمز الحياة، وهو غذاء أساسي للبشرية كلها. إلا أن واقع زراعة القمح في لبنان لا يشبه رمزية السنابل، فهنا يئن المزارعون من الأهمال المتمادي لقطاعهم من قبل السلطات المتعاقبة، وهنا تضيق مساحات الزرع بحيث لا تغطي حتى 20 في المئة من حاجة اللبنانيين. وللسنبلة في لبنان قصة أخرى، فهي تنحني ضعفاً وقهراً، في قصة لا يعرفها سوى زارعها وحاصدها.
إذ على الرغم من أن القمح يعتبر من أساسيات الأمن الغذائي في الدول، تغيب عن لبنان خطط تطوير هذه الزراعة، لتبقى أسيرة القمح القاسي الذي لا يستخدم لصناعة الخبز، وليبقى لبنان كله أسير مستوردي القمح المدعومين من كل الأطياف الحزبية، الذين يستوردون القمح لزوم صناعة الخبز العربي ويتلقون الدعم الحكومي ويبتزون اللبنانيين كل عام عبر تحركات دورية يرفعون بعدها سعر رغيف الخبز، بمباركة الحكومة. أما المزارعون، فمتروكون بلا إرشاد زراعي ولا تطوير إنتاجي ولا أمل بمستقبل يجعل من حبة القمح محور الإقتصاد اللبناني. عدسة الزميل عزيز طاهر جالت على المناطق الحدودية جنوب لبنان، وعادت محمّلة بتعب المزارعين.
السنابل تجاور فلسطين
تنحني لمزارعة تنتظر موسم الحصاد كل عام
عجوز لم يترك أرضه
فانحنى تحت انحناءة السنبلة
الحصاد يدوي... فالمكننة لا تزال نادرة في سهول القمح
توضيب...
بعد الفرز...
والشمس تواجه حبة القمح بلا سنابل
موت... وبعده حياة