مجبولة بالعرق وأحياناً كانت بالدم، تلك العلاقة السحرية التي لطالما ربطت مزارعي الدخان بالدخان. فهؤلاء ملأوا الساحات عندما إقتضت سياسة الإحتكار منهم ان يناضلوا ضدها. وهم دوماً في الحقول عندما يتطلب حصاد التبغ وشكّه منهم أن يمكثوا فيها لأشهر تحت لهيب شمس حارقة.
في نهاية المطاف، لا يصير الدخان صالحاً للإستخدام إلا بعرق هؤلاء الذين ينحنون لساعات، تكاد ظهورهم، إثرها، تعجز عن إستعادة قوامها الطبيعي.
في ما يلي تحقيق مصوّر بعدسة الزميل عزيز طاهر حول زراعة التبغ في بلدة حولا الجنوبية:
لساعات يبقين على هذه الحالة. ظهورهن مقوسة وإيديهن تخترق التراب لإنتزاع الشتول.
تتامل الأرض وهي ترويها. تعلم جيداً أن الأرض تعطي بلا ان تسأل. وأنها لا شك ستجود بخيرها.
تقرفص بين الشتلات، حتى لا تدوسها بقدميها.
تحمل التبغ الأخضر بين يديها، وتداعب شتلة منتصبة بقربها.
يده مجبولة بتراب العمر.
مذ وعت على الدنيا وهي تجمع وريقات التبغ بين يديها، ولم تزل.
بفنّ وحرفية يقمن بشك شتلات التبغ من أجل تجفيفها.
الآن يلف سيجارة بعناية فائقة كي يتذوق نتاج عمره وتعب يديه.
ثم يشهق شهقة الفرح والرضا..