الأحد 2024/03/10

آخر تحديث: 08:11 (بيروت)

الكنيسة الأرثوذكسيّة وجدلية المثلية

الأحد 2024/03/10
الكنيسة الأرثوذكسيّة وجدلية المثلية
منح رئيس أساقفة أميركا مؤخّراً سرّ المعموديّة طفلاً تبنّاه زوج مثليّ
increase حجم الخط decrease
هو من أبٍ يونانيّ وأمّ عربيّة من لواء اسكندرون في تركيّا الحاليّة، ومولود في اسطنبول، قسطنطينيّة الروم. اسمه الأصليّ يوحنّا لامبرينياذيس، وفي الكهنوت إلبيذوفوروس، وهي كلمة يونانيّة تعني حامل الأمل أو الرجاء. ويشغل منذ حزيران من العام 2019 منصب رئيس أساقفة أبرشيّة أميركا اليونانيّة التابعة للبطريركيّة المسكونيّة في اسطنبول. والجدير ذكره أيضاً أنّه، إلى جانب دراساته اللاهوتيّة في اليونان وألمانيا، درس اللغة العربيّة في جامعة البلمند. 

آراؤه اللاهوتيّة كانت أحياناً موضع جدل. فهو قبل بضع سنوات، وكان بعد أسقفاً يعيش بين اسطنبول واليونان ويسافر كثيراً، نشر نصّاً يدافع فيه عن شكل من أشكال الأوّليّة المفرطة لبطريرك القسطنطينيّة بين نظرائه من البطاركة الأرثوذكس. آنذاك تعرّض النصّ لنقد عظيم بسبب ما ينطوي عليه من قراءة متورّمة لمنصب البطريرك الأرثوذكسيّ الساكن على ضفاف البوسفور. كانت الحرب الأوكرانيّة لم تندلع بعد. وكان بطريرك روسيا كيريل لم يظهر بعد بوصفه خطّ الدفاع الأوّل عن فكرة الحرب «المقدّسة» التي تخوضها روسيا ضدّ الغرب و«حلفائه» الأوكران. لكنّ رئيس الأساقفة الحديث السنّ نسبيّاً (من مواليد العام ١٩٦٧) يتصدّر اليوم صفحات الجرائد في بلاد اليونان بسبب موضوع آخر لا علاقة له بالنقاش الدائر بين بطريرك في اسطنبول وبطريرك في موسكو يتصارعان على تقاسم رمل الصحراء. لقد منح رئيس أساقفة أميركا مؤخّراً سرّ المعموديّة طفلاً تبنّاه زوج مثليّ يتألًف من رجلين. أمّا خلفيّة الأخذ والردّ، فهي قرار البرلمان اليونانيّ تشريع «زواج» المثليّين، وميل الكنيسة هناك إلى عدم تعميد الأطفال الذين يتعهّدهم أزواج مثليّون. 

في حديث لإحدى الجرائد الصادرة في أثينا، دافع رئيس الأساقفة عن موقفه مشيراً إلى أنّه ليست مسؤوليّة الكنيسة، ولا مهمّتها، أن تدقّق في الطريقة البيولوجيّة التي يأتي بها الأطفال إلى العالم، بل هي تتعامل معهم بوصفهم كائناتٍ بشريّةً كاملة الأوصاف وكفى. وعنده أنّ مسألة التعميد تشتمل على شقّين: قانونيّ ولاهوتيّ. الشقّ القانونيّ يكمن في ضرورة تأكّد الكنيسة من أنّ الذين تعهّدوا تربية الطفل، بصرف النظر عن هويّتهم الجنسيّة، يوافقون على منحه سرّ العماد. أمّا الشقّ اللاهوتيّ، فيقوم على أنّ المعموديّة لا تستند إلى إيمان الأبوين، سواء كان واحد منهما والداً جسديّاً أو لم يكن، بل إلى وجود عرّاب يتعهّد تربية الطفل ويلتزم تنشئته على الإيمان المسيحيّ. فإذا توافر هذان الشرطان، لا يحقّ للكنيسة الأرثوذكسيّة أن تحجب المعموديّة عن الطفل، بل حريّ بها أن تسارع إلى تعميده كسائر الأطفال الذين ينبثقون من زواجات «طبيعيّة» تقليديّة.
 
لا شكّ في أنّ كلام هذا المطران يتّصف بجرأة كبيرة من حيث وضوح التصريح. أمّا من حيث المضمون، فهو أشبه بالمعادلات الرياضيّة البسيطة كتلك القائلة إنّ واحداً زائد واحد يساوي اثنين. لكنّ الأهمّ في الموضوع أنّ الرجل لم يكتفِ بمقاربة السؤال نظريّاً، بل ذهب إلى التطبيق العمليّ مقرناً اقتناعه اللاهوتيّ، الذي عبّر عنه مباشرةً ومن دون أيّ لبس أو مواربة، بفعل التعميد ذاته. فالأطفال عنده لا يؤخذون بجريرة آبائهم أو مَن عدّوا ذاتهم أنّهم آباؤهم.. هذا إذا اعتبرنا طبعاً أنّ في الأمر جريرة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها