الثلاثاء 2024/02/27

آخر تحديث: 22:28 (بيروت)

"معاداة السامية" تلاحق الفيلم الإسرائيلي-الفلسطيني "لا أرض أخرى"

الثلاثاء 2024/02/27
"معاداة السامية" تلاحق الفيلم الإسرائيلي-الفلسطيني "لا أرض أخرى"
المُخرجان يوفال أبراهام وباسل عدرا
increase حجم الخط decrease
أعلنت الحكومة الألمانية، على لسان وزيرة الثقافة والميديا كلوديا روث، أنها فتحت تحقيقاً حول حفلة ختام مهرجان برلين، يوم السبت الماضي، التي تحوّلت، عبر عدد من السينمائيين من لجان التحكيم والمخرجين والممثلين الفائزين، إلى تظاهرة تأييد لغزة والفلسطينيين.

وكان المهرجان الألماني (ثالث أكبر مهرجانات السينما العالمية) قد شهد إلقاء خطابات تنتقد الحكومة الإسرائيلية وتؤازر الفلسطينيين، واصفة ما يحدث بأنه إبادة جماعية، الأمر الذي دفع أكثر من جهة حكومية للتنديد بالفائزين وبإدارة المهرجان التي سمحت لهم بالإعراب عن مواقف اعتبرتها أطرافٌ مختلفة في الحكومة الألمانية منحازة ومعادية للسامية.

وجاء في رسالة الوزيرة روث المفتوحة، أن هدف التحقيق الذي ستباشر به خلال هذا الأسبوع هو "كيف جسد أو لم يجسد المهرجان الزعم بأنه مكان لوجهات النظر والحوارات المتعددة والمختلفة، ولكي نضمن في المستقبل أن المهرجان متحرر من الحقد وخطب الكراهية ومن المعاداة للسامية والعنصرية والإسلاموفوبيا وكل أشكال العداوة". ومنذ الأحد، يُتّهم المهرجان بنشر معاداة السامية بعدما دان سينمائيون على منبر الحدث "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة، حيث خلف القصف الإسرائيلي ما يقرب من 30 ألف شهيد، معظمهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

ومن بين الذين وجهوا هذه الانتقادات، مخرج الأفلام الوثائقية الفلسطيني باسل عدرا الذي فاز بجائزة عن فيلم يتناول قضية طرد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، إذ اتهم إسرائيل بارتكاب "مذبحة" في حق الفلسطينيين وانتقد بيع ألمانيا الأسلحة لإسرائيل.

وقالت الناطقة باسم الحكومة الألمانية كريستيان هوفمان خلال مؤتمر صحافي: "من غير المقبول إغفال ذكر هجوم حماس الإرهابي في السابع من أكتوبر". وذكرت أن المستشار الألماني أولاف شولتس يعتبر أن "مثل هذا الموقف المتحيز لا يمكن القبول به، وبأنه في أي نقاش حول الموضوع، من المهم ذكر الحدث الذي شكّل شرارة هذا التصعيد الجديد في النزاع في الشرق الأوسط". وقد قوبلت الانتقادات الموجهة لإسرائيل خلال الحفلة الختامية لمهرجان برلين بتصفيق من الحاضرين.

ووصف هيلغه ليند، المسؤول في الحزب الديموقراطي الاشتراكي الذي يتزعمه المستشار الألماني أولاف شولتس، رد فعل الحاضرين بـ"الصادمة". وقال لصحيفة "دي فيلت": "أشعر بالخزي عندما أرى أن الناس في بلدي يصفقون لاتهامات موجهة إلى إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية".

وفي بيان، اعتبرت إدارة مهرجان برلين أن تصريحات المخرجين تشكل "آراء فردية ومستقلة" عن المهرجان ولا تمثل رأي هذا الحدث السينمائي، وينبغي "تقبلها" طالما أنها "ضمن الأطر القانونية". في الوقت نفسه، أشارت إدارة المهرجان إلى أنها "تتفهم السخط" الذي أثارته التصريحات "التي بدت متحيزة جداً" خلال حفلة توزيع الجوائز.

وفي خطوة عززت الجدل، نشر حساب في انستغرام لمهرجان برلين السينمائي يحمل اسم “Berlinale.panorama”، صوراً مثيرة للجدل بالمعايير الألمانية، فيها شعارات بالانكليزية بينها "فلسطين حرة من النهر إلى البحر" و"أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة". وأكدت إدارة المهرجان أنّ هذا الحساب "تعرض للقرصنة". وأضافت في بيان "نُشرت تعليقات تتعلق بالصراع في الشرق الأوسط ليست منبثقة عن المهرجان ولا تمثل مواقفه". وأضافت "من غير المقبول أن يستخدم الناس حساباً للمهرجان في مواقع التواصل الاجتماعي لنشر دعاية معادية للسامية"، مؤكدةً أنها حذفت الرسائل وتقدمت بشكوى ضد "هذا العمل الإجرامي".


وقال المخرج الإسرائيلي يوفال أبراهام، إنه يتلقى تهديدات بالقتل، منذ مشاركته في مهرجان برلين، والذي تحدث فيه عن ممارسة الاحتلال للفصل العنصري واضطهاد الفلسطينيين. وأشار في مشاركة عبر حسابه بموقع إكس، إلى أن القناة 11 العبرية، بثت كلمته في المهرجان، مع شريكه المخرج الفلسطيني باسل عدرا، والتي قال فيها، إنه بعد أن يعود إلى الأراضي المحتلة، سيخضع لنظام مدني، لكن باسل سيقبع تحت الحكم العسكري. وأوضح أنه منذ لحظة بث الكلمة، وصف بأنه معادٍ للسامية، وأطلقت تهديدات بالقتل بحقه. ولفت إلى أنه مُصرّ على كل كلمة قالها في الحفلة عن ممارسات الاحتلال.


(لا أرض أخرى)

وحرص المخرجان، الفلسطيني باسل عدرا، والإسرائيلي يوفال أبراهام، على توثيق جرائم الاحتلال وفضح سياساته العنصرية أمام المجتمع الدولي من خلال فيلمهما "لا أرض أخرى" الفائز بجائزة مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ74. ويروي الفيلم قصة منطقة "مسافر يطا" في فلسطين، وهو تجمع يضم 20 قرية ويقع جنوبي الضفة الغربية، تحديدًا في محافظة الخليل، التي يعاني سكانها تضييق الخناق واعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على الشعب الفلسطيني، طمعًا في إخلاء منازلهم وتخليهم عن أراضيهم للاستيلاء عليها.

وقال أبراهام: "يوجد عدد قليل جدا من الإسرائيليين في المجتمع الإسرائيلي ممن يقفون ضد الاحتلال وآلة القمع الموجودة بالمنطقة. لكن هذا الشيء لم يقلقني بقدر ما منحني القوة، لأن كل شخص يقف معنا من تلك الجهة يعطينا قوة، ونحن نرحب بأي شخص يعلن وقوفه ضد ما يحدث ويضم صوته إلى صوتنا ويساندنا وينضم إلينا". أضاف: "أنا أعيش في ظل نظام مدني وباسل في نظام عسكري. نقيم على بعد 30 دقيقة فقط من بعضنا البعض. أتمتع بحق التصويت، أما هو فلا، ويُسمح لي بالتحرك بحرية في هذا البلد، في حين أن باسل، مثل ملايين الفلسطينيين، مقيد في الضفة الغربية المحتلة. يجب أن تنتهي عدم المساواة هذه بيننا".

من جانبه، أكد عدرا، سعيه لمخاطبة الغرب من أجل "فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي" ومموّلي إسرائيل بالسلاح ليدركوا الممارسات غير الآدمية التي يتعرضون لها بصفتهم فلسطينيين. أضاف إنه حاول من خلال فيلمه تسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية ضد أهالي منطقته مسافر يطا وعملية التهجير القسري، التي يتعرضون لها منذ عقود، وعلى الرغم من محاولات صمودهم المستمرة فإن الضغط يزداد يوماً بعد الآخر وسط صمت من المجتمع الدّولي. وقال إن منطقة مسافر يطا، التي ينتمي إليها ويعيش فيها مع عائلته تواجه مخططات إسرائيلية لتهجير جميع سكانها، خصوصاً بعد صدور حكم المحكمة الإسرائيلية العليا باعتبار أن المنطقة مخصصة للتدريبات العسكرية، في حين تتواصل عملية بناء المستوطنات بدلاً من القرى والتجمعات الفلسطينية المحدودة الموجودة في المنطقة.

واستغرق المخرجان نحو خمس سنوات في التحضير للفيلم، إلى جانب استعانته بمواد أرشيفية مصورة للمنطقة على مدار أكثر من 20 عاماً، وهو ما أوجد لديه مادة فيلمية كبيرة كان عليهما الاختيار منها.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها