الإثنين 2023/05/29

آخر تحديث: 13:13 (بيروت)

موريسيو يزبك... ليس لدى الفنان ما يخافه

الإثنين 2023/05/29
موريسيو يزبك... ليس لدى الفنان ما يخافه
معرض للفنان اللبناني-البرازيلي في "زيكو هاوس"
increase حجم الخط decrease
يعرض الفنان اللبناني ــ البرازيلي المتخصّص في الفنون البصرية، موريسيو يزبك 14 لوحة زيتية ذات أحجام متوسطة في "زيكو هاوس"(بيروت- سبيرز). هذه الأعمال تُعتبر استكمالاً لمجموعة كان أنجزها العام الماضي في لبنان.
 
وما نراه على جدران "منزل زيكو" العتيق هو بمثابة مزيج من سلسلة من التجارب كانت بدأت في الماضي القريب، وتمخضت عن مشاريع فنية ثلاثة. فقد انطلقت هذه الإختبارات مع التجهيز ذي الحجم الكبير، تحت تسمية "إنهيار العصر البلاستيكي"  Plastic Age Collapse، الذي أقيم صيف 2022، في مصنع Macam القديم. إضافة إلى ذلك، كان هناك عرض تجهيزي تجريبي مسرحي في موضوع "لا شيء اسمه الإرادة الحرّة"  No Such Thing as Free Will، وذلك خلال مهرجان باه، وصولاً إلى المعرض الذي نحن في صدده.

يتضح لنا، من خلال معاينة الأعمال المعروضة، أن يزبك شاء أن يسلك درباً خاصة، ذاتية، في التصوير التشكيلي (وهو أمر طبيعي لدى الفنان الذي يشاء التمايز عن سابقيه) يمكن اعتبارها، أي الدرب، استكمالاً لما كان أنجزه من نتاج سابق، مع الأخذ في الإعتبار إختلاف التقنيات في ما نراه أمامنا.

يقول الفنان إنه يتجنّب إزعاج الجمهور بنصوص طويلة بعيدة من الشمولية، لذلك يستخدم السخرية والاستعارات كوسائل تصلح من أجل إيصال الرسالة والهدف المبتغى. ولطالما كان التصوير التشكيلي صالحاً، في هذا الموقع، من أجل قول ما يخطر في بال الصانع ضمن مساحة محدودة هي مساحة القماش، لكنها، في الوقت نفسه، قابلة من أجل تسجيل موقف ما، تبعاً لقدرة الفنان ومؤهلاته.

وإذا شئنا طرح بعض الأفكار حول أعمال يزبك وشخصياته الشبحية، التي نراها في معرضه، والتي يمكن مقارنتها، من حيث المردود الشكلي، كصور فوتوغرافية اهتزت يد مَن أراد التقاطها، فلا شك أن المجال مفتوح هنا أمام جملة من التفسيرات والأحكام. إذ قد يطرح هذا الأمر أسئلة معقّدة حول جوهر الصورة المرئية، وإذا ما كانت هذه الصورة، الحاضرة أمامنا، قد تحققت بالفعل كحقيقة ثابتة ونهائية، أو ما زالت في طور التجسّد المادي، الذي قد يستغرق وقتاً كي تدركه حواسنا وتلمّ بتفاصيله.

بيد أن السخرية، التي جرى ذكرها أعلاه، تشكّل المفصل الذي لا غنى عنه في أعمال الفنان، وهي تتجسّد هنا في تحويل المتن إلى صور متناقضة من حيث ترتيبها وانسجامها في الموضوع الواحد، كما من حيث موقعها، أو علاقتها بالعالم الواقعي.

ليس لدى الفنان ما يخافه لأنه لا شيء يمكن أن يهزه، وهي طريقة العدم في تحريك المعنى، وعدم الاستسلام للدوار تمامًا. إذ يمكن تقديم الحاضر من دون جهد، في السخرية من الذات وبالنظر إلى الذات، في قفزة لامنطقية في الفراغ الذي يحيط بنا. 

وإذا ما عدنا إلى التقاليد، وهي عودة تفرضها خلفية أعمال الفنان، فقد كان الفن دائماً هو فن الجميل، بحسب الفكرة الشائعة، وهذا الجمال يتمثل، ضمن شروط أخرى، في تناسق الأشكال وانسجامها. هذا الشرط يتحقق في أعمال يزبك من الوجهة التشكيلية، إذ لا بد هنا من ذكر الحدّة والجرأة في طريقة بناء اللوحة. أما من جهة المردود البصري، فإن الأمر مختلف، وما مسألة الوضوح، في ارتقاءاته المختلفة، شكلية كانت أم جوهرية، سوى دليل أو برهان على أنّ التقاليد صارت تفصلها مسافة غير بسيطة عن بعض تجليّات الفن المعاصر، الذي تنتمي إليه أعمال يزبك. هذه الأعمال تدفعنا، من دون شك، إلى التفكير في أبعاد اللوحة ومراميها السيكولوجية، والبعيدة، في الوقت نفسه، من أوهام الحقيقة المطلقة.

يقول الكاتب ماركو لورندي: لقد قطعت "ثورات" الفن المعاصر رؤوس السادة (التقليديين) من دون تقديم مدافن لهم، ولم يعد هناك مجال من أجل ترتيب الأوهام. إن السخرية تبتهج من خلال سوء النية، كما أن العظمة، بالنسبة لها، ليست سوى شبح، ومن شأن هذه السخرية أن تأخذ في طريقها كل الرؤوس، وتضع الجميع في السلّة نفسها – سلّة بلا قعر حيث تتشبث النظرات الفارغة بشعار عظمتها الفانية، في انتظار هزيمتها التي تتمظهر في ابتسامة فناني الأداء وهم يرقصون في دوائر.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها