السبت 2023/03/25

آخر تحديث: 13:36 (بيروت)

"نوادر الملّا نصر الدين الصّغرى" لسحبان أحمد مروّة

السبت 2023/03/25
"نوادر الملّا نصر الدين الصّغرى" لسحبان أحمد مروّة
increase حجم الخط decrease
صدر عن دار النهضة العربيّة في بيروت، كتاب"نوادر الملّا نصر الدين الصّغرى" للشّاعر والمسرحي اللبناني الرّاحل سحبان أحمد مروّة. يتضمن متتاليات قصص قصيرة جدّاً من بطولة الملّا نصر الدّين خوجا – جحا. تجسّد بياناً إنسانياً رفيعاً ضدّ الظلم والإستبداد والديكتاتوريّات والغباء والجهل والتخلّف والتعصّب الأعمى.

بطاقة
سحبان أحمد مروّة، شاعر ومخرج سينمائي ومترجم لبناني، مواليد بلدة الزراريّة في جنوب لبنان العام 1954. درس الإخراج السّينمائي في فنلندا، وعمل في الصّحافة الثقافيّة طيلة حياته. كتب الشّعر، واعتمد في أدبه على تأصيل الغريب كما أنّه عمل على تحديث النّصوص ذات الجذور التراثيّة ومزج بين المعاصرة والتّراث.

عمل في مروة الترجمة ونقل إلى العربيّة مؤّلفات عديدة عن الفنلنديّة كان أبرزها ملحمة "كاليفالا". من إصداراته: "وصف ماريّا" – "حكايات لا محلّ لها من الإعراب" – "نوادر الملّا نصر الدّين الصّغرى" – " رسائل إبن عربي.. شرح ترجمان الأشواق" – "دفتر الوجع" – "سمر الإخوان" – "قدّاس جنائزي لرشا محمود الحاج" – السّديم والهشيم"، وإصدارات أخرى عديدة.

من الكتاب

سألت الملّا ذات يوم:

"أتحتاج الشريعة إلى قلبٍ يا ملّا؟".

"أكفيفٌ أنت؟! ألَا ترى إلامَ وصلتِ الحال حين ضيّع الشارع قلبه؟!"، أجابني ساخطاً.

 

▪▪▪

 

 قال الملّا نصر الدين:

"كذّابٌ حنبريتيُّ الكذب، كائناً من كان، من يترجم عن الله مباشرةً!".

 

▪▪▪

 

قال الملّا نصر الدين:

" يفعل ربُّكم ماذا بالشريعة؟!".

 

▪▪▪

 

ميّتٌ أنا، قال الملّا، وأمشي فتبدو آثار خطواتي على رمال شاطئ العالم الآخر، أمَّا وقعها فيحسبه الخلَّص خفق أجنحةٍ.

 

▪▪▪

كان الملّا نصر الدين في نزعه الأخير حين فتح عينيه فجأةً، وعرت سحنته ملّامح عزمٍ ورجاءٍ، فأقبل عليه صديقه البيطار بلهفةٍ رؤومٍ، فسأله:

"ما بك يا أخي؟".

"لا شيءَ! لا شيء يا أخي، سوى أنَّني أعمل على جعل مساحتي أوسع، وحدودي أبعد، أبعد من آخر كوكبٍ لا تراه العين. إنني أستوعب الكون كلَّه في هذه اللحظة، وهذا كلُّ ما في الأمر!"، أجابه الملّا.

 

▪▪▪

 

قال ابن أحمد الكتبيُّ:

كنت جالساً في زاوية الحجرة التي فارقت الملّا نصر الدين الروح فيها حين التفتَ إليَّ، فراعه وجومٌ ويأسٌ قاتلٌ يكسو سحنتي، وأنا أشدُّ طواميري بخيطٍ، فسألني بصوتٍ واهنٍ تعمَّد أن يكون مرحاً بالقدر المتاح:

"ما بك يا ابن أحمد؟".

"الوحدة خلف الباب وبصحبتها دربٌ موحشةٌ، فلا إخبار ولا أخبار ولا أحاديث ولا من أحدّث عنه...".

وسالت دمعاتٌ ساخنةٌ وخطَّت لحيتي، فتبسّم الملّا مشفقاً وربّت على فخذه من فوق اللحاف، وكأنَّه يمسّد رأسي، وقال لي مواسياً ومؤمّلاً:

"هوّن عليك يا ابن أحمد، فما انقطع وحيٌّ ما نافقتم وظلمتم!".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها