الخميس 2024/04/25

آخر تحديث: 10:54 (بيروت)

غياث المدهون يحضر لها يداً مقطوعة

الخميس 2024/04/25
غياث المدهون يحضر لها يداً مقطوعة
increase حجم الخط decrease
صدرت مؤخراً، عن "منشورات المتوسط – إيطاليا"، مجموعة شعرية جديدة للشاعر الفلسطيني غياث المدهون، بعنوان "لقد أحضرتُ لكِ يداً مقطوعة". وهي مجموعة نصوص شعرية أكثر منها قصائد بالمعنى الشائع، تنطوي على سرد متماسك، رشيق وسلس، إنما أيضاً غاضب. ذلك أن "تيمات" الشاعر هنا جميعها تثير الغضب، من مثل: فلسطين، وسوريا، والعلاقة الثنائية الحادة التي أنشأتها سياسات أوروبا بين المواطن (الأصلي) والمهاجر / اللاجئ... فهو يفتتح كتابه بمقولة ذات دلالة: "ليست البلاد الحرّة جميعها ستُحتلّ، لكن البلاد المحتلّة جميعها ستتحرّر".

يقدم المدهون، بحسب بيان الدار، نقداً شديداً للكيفية التي ينظر بها "الرجل الأبيض" لمن هو غير "أبيض" وفق التصنيف العرقي الأوروبي، وللإسلاموفوبيا المنتشرة، وللعنصرية المهيمنة في خطاب الغرب! لكن، مهلاً! هل يقدم ذلك في النصوص الشعرية؟ الحقيقة، نعم. إنها نصوص من نوع خاص، يقدم فيها رأيه بذلك كله بلا لبس ولا مجاز ولا دوران لغوي، ويقدم كذلك معلومات، وتواريخ، وأرقاماً أيضاً، إنما دون أن ينزع ذلك صفة الشعرية عن النصوص. وكمثال، يقول المدهون:

"ما أجملَ أن يكون لدى الإنسان أمل، حيثُ أعيشُ في ستوكهولم، وستوكهولم لمنْ لا يعرفها، مدينةٌ مُعَدَّةٌ للنياندرتال، ومن الصعبِ على هوموسيبيان مثلي أنْ يعتادَ عتمتها، ورغم أنِّي لا أُنكرُ أنَّني أُحبّها بشغفٍ، لكنَّه للأسفِ حبّ من طرفٍ واحدٍ، فستوكهولم لا تبادلني الحُبَّ، وإنْ كان أبريلُ أقسى الشهور كما يقول إليوت، فإن ستوكهولم أقسى المُدُن كما أقولُ أنا، ولكنْ، هناك شيء مهمٌّ يتعلَّق بالأمل، تستطيع ستوكهولم أن توفِّره لمهاجرٍ بلا أمل، ففي ستوكهولم تستطيع شراء ورقة لوتو بـ 46 كرون سويدي، وفي يوم السبت، مثل كلّ سبت، تخسر الورقة، فتقوم بشراء ورقة جديدة، وهكذا، بـ 46 كرون سويدي تشتري أملاً لمدّة أسبوع، وبما إن السنة تحوي 52 أسبوعاً، فباستطاعتكَ أن تشتري أملاً لسنة كاملة بـ 2392 كرون، وهو ما يعادل 273 دولاراً حسب سعر الصرف بتاريخ كتابة هذا النصّ. يا إلهي ما أرخص الأمل!

من الكتاب:
انتهتِ الحرب، وأصبحَ جميعُ مَنْ عرفتُهم ميتين، أو مجرمي حربٍ، أو مجرمي حربٍ ميتين.
لو كنَّا في عالمٍ افتراضيٍّ
لأطفأتُ الحرب كما تطفئين التلفزيون
ولكنَّنا وُلدنا في عالمٍ ابن عاهرة
وحين يُولدُ النَّاس في عالمٍ ابن عاهرة
يتحوَّل الزَّمن إلى آلةٍ كاتبة
والقتلى إلى قصائد.

عن الشاعر:
غياث المدهون، شاعر فلسطيني من مواليد دمشق 1979، هاجر إلى السويد العام 2008، ويقيم حالياً بين برلين وستوكهولم. هذه مجموعته الشعرية الخامسة، بعد "أدرينالين" عن منشورات المتوسط، التي صدرت في طبعتين 2018/2017. تُرجمت قصائد المدهون إلى أكثر من عشرين لغة، وصدرت في ثمانية كتب مترجمة. كان شِعره جزءاً من أعمال فنانين معاصرين، مثل جيني هولزر، وبليكسا بارجيلد.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها