الجمعة 2022/07/01

آخر تحديث: 13:11 (بيروت)

مجدي أبو مطر... رحيل مفاجئ للمسرحيّ عاشق الخشبة

الجمعة 2022/07/01
مجدي أبو مطر... رحيل مفاجئ للمسرحيّ عاشق الخشبة
increase حجم الخط decrease
رحل الفنان اللبناني الكندي مجدي أبو مطر، وهو ممثل ومخرج مسرحي، راقص ومؤلف، استقر مع عائلته في كندا وشارك في جولات عالمية، وكان يخصص وقته مع مجموعة كبيرة من الفنانين، لتأسيس مسرح متعدد الثقافات في عالمهم الإغترابي الذي أتاح لهم فرصاً كبيرة للولوج في فضاء كبير اسمه المسرح.


بداية، في أيام طفولته، تأثر بدريد لحام ونبيه أبو الحسن، ومن مقاعد الدراسة تأثر بأجواء "مسرح بيروت" الذي أقفل في عين المريسة، وقدم فيه روجيه عساف مسرحيات "مذكرات أيوب"، "الجرس"، المغنية الصلعاء"، وكان مشرفاً على مشروع تخرج مجدي في قسم المسرح في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية. هذا الى جانب تأثيرات المخرج العراقي جواد الأسدي والتونسي الفاضل الجعايبي. أما التأثير الأكبر في تكوينه كممثل ومخرج، فيعود للمسرحي التونسي عز الدين قنون الذي تتلمذ على يديه في المركز العربي الأفريقي للتكوين والبحوث المسرحية في تونس. وقد اشترك، العام 2016، في إخراج مسرحية "الشقف" مع المخرجة التونسية سيرين قنون، ابنة الفنان عز الدين قنون، فنالت المسرحية جوائز عديدة، وعُرضت في بيروت.

وكتب الفنان الفلسطيني-السوري، عبد الرحمن القلق: "في الطريق إلى المسرح في هانوفر، مشيت قبل أسبوعين إلى جانب المخرج مجدي أبو مطر بعد عرضه "آخر 15 ثانية"، ركبنا الترام وحدثني عن المسرح والغربة، عن كوميدياه الحزينة، وعن لبنان وسوريا. ثم انتهى اللقاء السريع، تعانقنا للمرة الأولى ومضينا كلٌّ إلى قدره. اليوم غادر مجدي أبو مطر الحياة مبكرًا! وداعًا أيها الغريب! عسى أن تكون الآن في عالمٍ أقلّ حزنًا من هذا!".

وسبق لـ"المدن" أن اجرت حواراً مع مجدي أبو مطر، خلال تقديمه مسرحية "الشقف" في مهرجان "ربيع بيروت" الذي تنظمه مؤسسة سمير قصير، ويقول في الحوار: "عندما كنت طفلاً أردت أن أصبح طبيباً بيطرياً. كنت أقضي معظم الوقت في القرية أربي الدجاج والأرانب. حين وقعت الحرب، عُزلت غالبية المناطق اللبنانية عن بعضها البعض. ثم انطلقت مهرجانات بيت الدين، وكنت في الكشاف التقدمي الاشتراكي، واقتصرت مهمتي كعنصر كشفي، في الثانية عشرة من عمره، على التنظيم وإرشاد الحاضرين الى مقاعدهم. شكّل المهرجان أول احتكاك لي بالمسرح والرقص والموسيقى والفنون الشعبية أيضاً... منذ اللحظة الأولى، أصابني الذهول وصرت مغرماً بالمسرح. حينها قرّرت أن هذه هي مهنتي وبت أتابع مسرحيات على شرائط مسجلة، منها مسرحيات دريد لحام، "غربة" و"كاسك يا وطن" اللتان حضرتهما أكثر من خمس مرات، كذلك الأمر مع مسرحيات نبيه أبو الحسن "أخوت شانيه"، "عرس الأخوت" أو "أخوت حتى الحرية"... وبات لدي شغف أن أصبح مثل دريد لحام أو نبيه أبو الحسن. هاتان الشخصيتان الشعبيتان أثرتا فيّ كثيراً. وطبعاً سمعت مسرحيات الرحابنة وحفظت مسرحيات زياد الرحباني، وكان هذا التراث المسجل مرجعاً لي، الى أن عُرضت مسرحية "كاسك يا وطن" في بعقلين على خشبة مسرح فخرالدين الذي تأسس العام 1987 على ما أعتقد. قبل ذلك، لم أكن أعرف المسرح الا من خلال شرائط التسجيل ومهرجانات بيت الدين. ثم لاحقاً قدمت مسرحية "مرسيلييز العربي" التي مثلها وأخرجها أنطوان كرباج. أذكر أن كرباج، قدّم مونولوجاً يحدّث فيه جدته في القرية، أقتبسته وقدمته في امتحان الدخول في معهد الفنون العام 1991 وقُبلت في الامتحان".

أضاف أبو مطر: "بالتزامن مع انضمامي الى معهد الفنون، فزتُ بمنحة جامعية تتيح لي اختيار أي جامعة أريد على الأراضي اللبنانية. المنحة أتت نتيجة مشاركتي في مسابقة حول فكر كمال جنبلاط، وهي عبارة عن كتيّب يتضمن عشرين سؤالاً فكرياً حول كتب كمال جنبلاط. كنا نأخذ الكتيّب الى البيت، نقرأه ونجيب على تلك الأسئلة. نلتُ المرتبة الثانية في هذه المسابقة، وكنتُ قُبلت في الجامعة اللبنانية. حينها قال لي والدي: لن تفوّت عليك هذه المنحة، يجب أن تنضم الى جامعة خاصة. قدّمت على الجامعة اللبنانية الأميركية بعد فترة وجيزة، وصرتُ أدرس في الجامعتين. عندما انضممتُ الى معهد الفنون، وجدتُ أن مشاهداتي كمراهق ليست هي المسرح. في المعهد، هناك نظرة دونية للمسرح الشعبي، لكني في الوقت نفسه، وجدتُ نفسي في بيتي. مع معهد الفنون، بنيت فصلاً جديداً من حياتي، علمني كيف أقف على الخشبة وكيف أتمكن من أدواتي كممثل وبدأت أفهم كيفية العمل على الجسد، والبناء وتركيب الشخصية والعمل الجماعي وكنت أصاب أكثر فأكثر بالذهول. حينها كنت مقتنعاً أنه كلما كان المسرح ذهنياً ومعقّداً واختبارياً كلما كان أكثر أهمية. وكنا نتطلع لعروض مثل "الجيب السري" لسهام ناصر ونقول لأنفسنا "هذا هو المسرح"... وهو المسرح الجدّي، الاختباري، التجريبي الأسود، العنيف، المبني على ملَكات الجسد. في معهد الفنون تعلمت التمثيل، كيف أقف على الخشبة، كيف أفكر... وفي الجامعة اللبنانية الأميركية، كنت أملك الفضاء والتقنيات لاستعمال خبرات معهد الفنون. كانت هناك فرصة لممارسة ولتطبيق ما كنت أتعلمه في المعهد".

وقال: "كنتُ في البداية أرى نفسي ممثلاً، لكني حين قدمتُ مسرحية التخرج "نجنسكي ساعة زواجه بالرب" للكاتب الفلسطيني جليل القيسي، أدركت أني سأكون مُخرجاً"... وحول تأثره قال: "أعتقد أن مشاهدتي لـ"عشاق المقهى المهجور" للفاضل الجعايبي، كان محطة مؤثرة لي. وقلت لنفسي أن هذا هو المسرح الذي أود القيام به. شاهدتها خمس مرات وأحببت إيقاع اللهجة التونسية كثيراً.. أمضيت العامين 2001 و2002 في تونس، ثم ذهبت الى كندا العام 2003 وعدتُ خلال هذه السنة لأنهي الدراسة في المركز. العمل مع عز الدين قنون، كان نقطة مفصلية في حياتي. هو يشبه نوعاً ما العمل في معهد الفنون، لكنه عشر مراتٍ أكثر تكثيفاً وصعوبة. الارتجال كان مهماً وأساسياً وصعباً، نذهب الى ورشة العمل في الصباح من دون أن نعرف أي ساعة سننتهي".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها