الجمعة 2020/10/30

آخر تحديث: 13:53 (بيروت)

علي بدر... عن مسلمي أوروبا والمارد المرعب

الجمعة 2020/10/30
علي بدر... عن مسلمي أوروبا والمارد المرعب
دراسات قرآنية في "المعهد الأوروبي للعلوم الاجتماعية" في فرنسا (غيتي)
increase حجم الخط decrease
بصراحة ما كان في ودّي أن أخوض في هذه المسألة لحساسيتها أولاً، ولقلّة الأشخاص المهيئين فعلاً لنقاشها. (اتكلم عن الاسلام الأوروبي لا عن الصور المسيئة للرسول). قصة الإسلام الأوروبي قديمة قامت على أساسها الهجرة، إذ فكّر الغربيون أن إسلاماً أوروبياً جديداً سيأتي بعد جيلين أو ثلاثة أجيال من المهاجرين، فقوة المؤسسة التعليمية والثقافة والأخلاق المرتبطة بالدولة لن تصهر المهاجرين فقط، إنما ستتيح الأسس الديموقراطية لطبقة دينية مثقفة قادرة على تأويل الإسلام حسب مقتضيات الحياة الحديثة، وحتى الآيات التي تحتوي على أحكام معارضة للحداثة ستصبح آيات تلاوة لا آيات أحكام. وبالتالي سيُنتجُ إسلامٌ أوروبيٌ سيؤثر حتى في إسلام المنطقة الأصل، وسيتكيف العالم الإسلامي مع مسلمين أوروبيين روحانيين مؤمنين بالقيم الديموقراطية والدولة الحديثة، مسلمون أثرياء يسهمون في تنمية المنطقة وتغيير سياساتها.

هذا لم يحدث، بل ما حدث أن جزءا كبيراً من مسلمي أوروبا اليوم متأثر جداً بما يحدث في العالم الإسلامي، ومتأثر بالدول الإسلامية، تتنازعهم إيديولوجيات سياسية تتبع الحركات السياسية في المنطقة ولا علاقة لها بقيم الدول المضيفة. ولا تخشى النخب الأوروبية هذا الأمر لذاته، إنما لأنه أيقظ المارد المرعب الذي يختبئ في تاريخ أوروبا، وهي القوى الفاشية والنازية واليمين المتطرف، وهذه ليست قوى سهلة، إنما مرعبة بحق وحقيقة، تتشكل بقاعدة شعبية عريضة ستهيمن مع كل انتكاسة على أوروبا، هي فلاحية إقليمية متعلقة بالأرض، دينية متعلقة بالمسيحية القروسطية، وسياسية تتعلق بفكرة القومية الفجة والعداء للأجانب. هي ذاتها التي أشعلت حربين عالميتين وأبادت اليهود في الهولوكوست، ترهن نزعتها الحربية بالعداء للأجانب إما عن طريق طردهم أو إبادتهم، ومثلما كانت متعلقة بالعداء لليهود هي اليوم متعلقة بمعاداة المسلمين. المسلمون مطالبون فعلاً بمسؤولية تاريخية وبوعي حقيقي ان تتولى النخب نقاش هذه القضايا التي تتعلق بمستقبل ملايين الناس وألا يترك للعوام والجهلة تقرير مصيرهم.

(*) مدونة نشرها الروائي العراقي علي بدر في صفحته الفايسبوكية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها