الأحد 2020/01/26

آخر تحديث: 10:06 (بيروت)

عن سَجْن أورهان كمال وناظم حكمت معاً ومراسلاتِهما

الأحد 2020/01/26
عن سَجْن أورهان كمال وناظم حكمت معاً ومراسلاتِهما
increase حجم الخط decrease
صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط -إيطاليا، الترجمة العربية لكتاب "ثلاث سنوات ونصف مع ناظم حكمت – في سجن بورصة ومراسلاتهما التي تلتها" للكاتب والروائي التركي أورهان كمال، ترجمها عن التركية: أحمد زكريا وملاك دينيز أوزدمير. ويعدُّ هذا الكتاب في الأدب التُّركيِّ اليوم من بين أهمِّ الوثائق عن ناظم حکمت؛ حيث يتناول رؤيته للشِّعر، والرَّسم الذي كان يُمارسه في السّجن أيضًا، والفن بشكلٍ عامٍّ. بالإضافة إلى تناوُلِه للعديد من الجوانب الشَّخصيَّة في حياةِ شاعر تُركيا الأكبر. وقد أضاف إیشیق أووتشو ابن أورهان كمال على هذا الكتاب بعد ذلك مذكِّرات والده في السّجن، كما أرسل إليه محمَّد فؤاد ابن ناظم حکمت قسمًا من المراسلات بين أورهان وناظم، وأُلحقت المراسلات بالكتاب أيضًا.


وحسب ما جاء، كذلك، في مقدِّمة المترجميْن، فإنَّه: في أثناء تأدية الرِّوائيِّ التُّركيِّ أورهان كمال الخدمة العسكريَّة، وتحديدًا في عام 1938، تمَّ القبض عليه بسبب نشاطه السِّياسيِّ، والعثور على أحد دواوين الشَّاعر ناظم حكمت المحظورة حينها في حقيبته، وحُكم عليه بالسّجن خمس سنواتٍ. وخلال الفترة الأولى، تنقَّل أورهان كمال ما بين سجنَي قيصري وأضنة، حتَّى استقرَّ أخيرًا في سجن بورصة عام 1940. وفي العام نفسه، حدثَتْ صُدفةٌ غيَّرتْ حياة أورهان كمال بالكامل، حيث نُقل شاعر تركيا الأكبر ناظم حکمت من سجن تشانکیري لأسبابٍ صحيَّةٍ إلى سجن بورصة، وهكذا بدأت صداقة الشَّاعر الكبير بأورهان كمال الذي كان شاعرًا أيضا حتَّى ذلك الوقت. وأصبح إسمان من أكبر الأسماء الأدبية التركية يتشاركان عنبرًا واحدًا، العنبر 52.
 


من الكتاب:

كنتُ كأيّ أحد مفتونًا بعد من بعيد، وكأيّ أحد، كنتُ ممتعضًا منه، دون معرفة سبب ذلك، ولكنْ، ربّما مثل أيّ أحد، دون أن أعرف السبب أو ربّما أعلم قليلًا أنّني أحببتُ فنّه المدهِش والمُعظَّم الذي يشبعني.

خرجتُ بهدوء من غرفة السِّجلات، كنتُ سأخبر صاحبَيَّ اللَّذيْن يكتبان الشِّعْر، ويظنّان نفسَيْهما شعراء، بالخبر الذي علمتُهُ من الكاتب.

أحدهما اسمه نجاتي، كان في عمري نفسه، ولكنْ، حُكِمَ عليه بسبع سنوات ونصف، قضى خمسًا منها. لم يرَ في سنواته المتدهورة أيَّة نقود لتساعده. تعرَّف إلى ناظم حكمت في سجن إسطنبول، وأصبحا صديقيْنِ مُقرَّبيْن ... أوَّل شيء عرفتُهُ عن ناظم حكمت كان من نجاتي الذي تحدَّث معه وجهًا لوجه. نجاتي كان يعمل بأشغال التنظيف في إدارة السجن. عثرتُ عليه جانب السلك الأمني لحجرة الزيارة في الطابق الأسفل، وقلتُ لهُ:

   -"هل علمتَ بالخبر؟ سيأتي ناظم حكمت".

لم يصدّق، أقسمتُ له، فصفَّقَ بيَدَيْه مثل الطفل، وصاحَ "فليَحيَ"، ثمَّ حدّثني عن قباقيب ناظم حكمت في سجن إسطنبول، وجاكته الصّوفيّ الأخضر الطويل.


المؤلِّف:

أورهان كمال (1914-1970) واسمه الحقيقي محمد رشيد أوكوتجو. عاشَ أيامًاﹰ قاسية مع أسرته حين هرب والده إلى سورية لأسبابٍ سياسية. وفي الثامنة عشرة من عمره عاد إلى تركيا. ليدخل الحياة الأدبية بكتابة الشعر في الصحف والمجلات، قبل أن يتحوَّل إلى كتابة الرواية، وذلك بعد سنواتِ سجنه، والتي قضى من بينها ثلاث سنوات ونصف السنة مع ناظم حكمت، وهوَ مَنْ نصحه بأن يترك الشعر ويكتب الرواية، وقد أثَّرت تلك الفترة في مساره الأدبي ككلّ، حيث كانت مشاهداته في السجن مادَّةً مهمّة لأعماله الروائية، بالإضافة إلى تناوله لحياة العمّال والكادحين وقضايا الفقر في تركيا، محقِّقاً منجزًا سرديًّا جعله من أهمِّ الروائيين الأتراك في العصر الحديث.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها