الجمعة 2018/12/07

آخر تحديث: 23:02 (بيروت)

فاروق مردم بك.. المعضلة الفرنسيّة(*)

الجمعة 2018/12/07
فاروق مردم بك.. المعضلة الفرنسيّة(*)
increase حجم الخط decrease
(*) انقلب السحر على الساحر، ولن يستطيع ماكرون بعد الآن تطبيق البرنامج الذي انتُخب على أساسه (أو بالأحرى على أساس رفض برنامج لوبن!)، ثمّ حاز أغلبيّةٍ نيابيّة مُريحة - ولكنْ هشّة، لا تستند إلى قاعدةٍ شعبيّة واضحة المعالم، وسيتبيّن حجمها الحقيقي في الانتخابات الأوروبيّة (في أيّار 2019). 

تدعوه حركة السُتر الصفراء إلى الاستقالة، ويُطالبه ملانشون (حزب فرنسا العصيّة)، ومعه لوبن (حزب التجمّع الوطني)، بحلّ البرلمان، ولكنْ من العبث التنبّؤ بما سيحدث في الأيّام والأسابيع القادمة وبما يُمكن أن تسفر عنه الانتخابات الرئاسيّة أو النيابيّة إذا استفحلت الأزمة واضطرّ ماكرون إلى الرضوخ لأحد هذين المطلبين. إذْ من هو، في الظروف الراهنة، الحزب القادر على تولّي السلطة، وحده أو مُتحالفاً مع حزبٍ آخر؟ ومن هو الحزب الذي يُريد أو يستطيع انتهاج سياسةٍ اقتصاديّة بديلة؟

لا يختلف برنامج الحزب الجُمهوريّ اليمينيّ في جوهره النيوليبيرالي عن برنامج ماكرون، بل يتجاوزه شراسةً. ومعروفٌ أنّ الحزب الاشتراكيّ فقد قاعدته الشعبيّة ويكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأنّ ماكرون نفسه كان أحد مُلهمي سياسته الاقتصاديّة في عهد هولاند. أمّا التجمّع الوطنيِ" و"فرنسا العصّية" فليس بمقدور أيٍّ منهما الحصول على أغلبيّة رئاسيّة أو نيابيّة، حتّى لو تحالفت لوبن مع قسمٍ من الجُمهوريّين وشراذم "السياديّين"، وحتّى لو غيّر ملانشون بقدرة قادر مسلكه المُتشنّج منذ تأسيس حزبه وقرّر التحالف مع الحزب الشيوعي والخضر و"أجيال" هامون والاشتراكيّين المُتمرّدين. ومن يدري؟ قد يتحوّل الصفر إلى تيّار مثل "النجوم الخمسة" في إيطاليا، ينضمّ إليه قسمٌ من جمهور لوبن ومن أنصار ملانشون، وتتعقّد معه جميع المُعادلات.

والأهمّ من هذا كلّه أنّه بات من المستحيل، بعد ثلاثين سنةً من التهميش المستمرّ لقطّاعاتٍ واسعة من الشعب الفرنسيّ، الحفاظ على ما بقي من المكتسبات الاجتماعيّة وتحسين القدرة الشرائيّة وتدارك التفاوت المريع بين النُخب وهذه القطّاعات، ما دامت معايير الاتّحاد الأوروبيّ القسريّة على حالها – ويقتضي تعديلها بصورةٍ جذريّة ما يِشبه الثورة على النطاق الأوروبيّ وليس في بلدٍ واحد.
"هي ذي الوردة، هنا ينبغي الرقص"!

(*) مدونة كتبها الباحث السوري فاروق مردم بك في صفحته الفايسبوكية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها