الخميس 2018/10/18

آخر تحديث: 11:25 (بيروت)

يواخيم كوستر وزينب سديرة في "مركز بيروت للفن"

الخميس 2018/10/18
يواخيم كوستر وزينب سديرة في "مركز بيروت للفن"
يواخيم كوستر
increase حجم الخط decrease
يقدّم «مركز بيروت للفن» معرض يواخيم كوستر بعنوان "أشياء تلمع وأشياء قاتمة"، وآخر لزينب سديرة "عن الكلمات والحجارة" في 24 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، وهما من تنظيم القَيِّمة ماري موراكسيول، بدعم من "آفاق".

***

صمم يواخيم كوستر معرضاً ليشكّل رحلة في حركة الصُّوَر والتَّعديلات المعماريّة وتبادلات اللون والظِّل. وهو يسعى، عمداً، إلى عرقلة وتعطيل المسار المألوف الذي يتبعه الزائر عند تجوّله داخل المبنى.

تستكشف أعمال يواخيم كوستر، الفضاءات المادية كما الباطنيّة، إذ يدفعه اهتمامه في هذين المجالَين إلى ربط المفردات الوثائقيّة بالخياليّة، وإلى الوصل بين البحث الجغرافي بالأنثروبولوجي، بالإضافة إلى الممارسات العامّة وتجارب الفنان الشَّخصيّة. يستكشف كوستر الآثار التي تحفرها السَّرديّات والمُعتقدات والتَّواريخ في أجهزتنا العَصَبيّة والعَضَليّة، والتي يعيدُ الفنان إحياءها وتنشيطها، مُستعيناً بممارساتٍ حركيّة مختلفة. وضع كوستر نوعاً من الأرشيف الخاص بالجسد المتحرّك على مر السنين، وذلك من خلال سعيه إلى الكشف عن آثار الأحداث الماضية من دون اللجوء إلى المنطق أو التَّفسير العقلاني. تُغذّي هذه العمليّة أبحاثُ الفنان الكوريغرافيّة التي تُفضي إلى أعمال فنيّة أدائيّة، مجازيّة، وتحليليّة. مع كوستر، تتحوّل مساحة العَرض إلى مساحةٍ حيّةٍ نابضة، إلى حياة حميمة غالباً ما تكون مَخفيّة ومُتوارية. في أعماله، تواجه أجساد المؤدّين والمشاهدين مواقف وأسئلةً تتجاوز اللغة وتتخطّاها، فتصيرَ حاويات ومُرسلات وعوامل للحُجوب وللتدوين. يحوّل كوستر الجسد إلى لغزٍ وإلى حيّزٍ محتملٍ للتَّبادُل.

بيروت
وُلِدَت فكرة معرض يواخيم كوستر في بيروت، من قدرة الفنان على التَّعبير عن الرَّوحانيّة من خلال لغة الجسد وتجلّياته، ومن خلال أشكال التَّصوير والعَرض ومفهوم قابليّة الرؤية. هذه الأسئلة، ضروريّة ومهمّة في لبنان على وجه التَّحديد، حيثُ ترسمُ الأديان أُطُراً عنيدة وقاسية للحياة السياسية والاجتماعية، وحيثُ تأخذ خرافات ورمزيّات الهويّة الأسبقيّة على البُعد الرّوحاني. يهدف المعرض إلى استدعاء توزيعٍ مختلفٍ لهذه القِوى، ويقترحُ تجربةً لها. يستقي كوستر من مصادرٍ مختلفة، كالرَّقص والسّينما والممارسات الرّائجة كما الشَّعائريّة، لكن أيضاً من التّقنيات الشِّفائيّة والحاثّة على النَّشوة. مَهَّدَت هذه المصادر الطريق لمجموعةٍ من المنظورات التي وَسَمَت عالم الفن لعشرين عاماً من الزَّمَن. من الممارسات المكانيّة التي بدأها المخرج المسرحي البولندي ييجي غروتوفسكي في الستينيّات (ربما على المرء أن يبدأ في أماكنٍ معيّنة، 2012)، إلى التَّجارب السّابقة للنسويّة المتعلّقة باختراع آلات من النَّشوة والحركة (من الأرواح والمساحات الفارغة، 2012). تجمع أعمال يواخيم كوستر عوالم وأفكاراً مفاجِئة وغير منظورة.

يواخيم كوستر، فنان دنماركي، ولد في كوبنهاغن العام 1962. تخرج في الأكاديمية الملكية للفنون العام 1993 في مدينته الأم. إبتداءً من منتصف عقد التسعينات، طوّر مجموعة أعمال يمكن وصفها بالشبكة المعقّدة، حيث بحوث صحافية وتاريخية تندمج مع حكايات شخصية ووهمية.  

***

أما "عن الكلمات والحجارة"، فهو المعرض الفردي الأول للفنانة زينب سديرة، في بيروت. يضمُّ مجموعة واسعة من الأعمال، بدءاً بأول أفلامها في أواخر التسعينيّات، وصولاً إلى أعمالها الأخيرة. تشتهر سديرة باستخدامها للفيلم والتَّصوير الفوتوغرافي، وغيرها من الوسائط، لتستكشف من خلالها تاريخ الجزائر الحديث.

تاريخيّاً، كانت الكلمات والحجارة تُستخدم كمواد للبناء وكأسلحةٍ مُرتَجَلة. كانت الأحجار أيضاً كناية عن علامات ماديّة، سواء كآثار نَتَجَت عن تشكُّلِ منظرٍ طبيعي، أو كأدوات لترسيم الحدود، أو كمعالم تشير إلى المسافة بين موقعَين. يشيرُ عنوان المعرض – "عن الكلمات والحجارة" – إلى الطريقة التي تتمكّنُ من خلالها بعض الأصوات الفرديّة من رسمِ مساراتٍ عبر أزقّة التاريخ العمياء، بينما تبني السَّرديّات وتحلّ خيوط الصّدمة والنِّسيان.

تلعبُ اللغة والإبلاغ الشَّفهي دوراً مهماً في أعمال سديرة البصريّة الأخيرة، التي تكشفُ فيها الفنانة عن قضايا شخصيّة عميقة، كالتاريخ العائلي المُدوَّن في السَّرديّة الطويلة والعنيفة للاستعمار الفرنسي في الجزائر.

في أعمال سديرة، تكتسبُ الانفعالات والعواطف، بوصفها قِوى للتَّحوّل والانتقال، بعداً إجرائيّاً واستدلاليّاً.

ينظر معرض "عن الكلمات والحجارة" إلى أعمال الفنانة من وجهاتِ نظرٍ مختلفة؛ من أفعال التكلُّم البَطنِيّ إلى التَّوسّطات، من خلال الحوار والتَّبادل، المدعومة بحافزٍ للكشف عن موقفٍ ذاتيٍّ وإعادة تكوينه وصياغته مراراً وتكراراً. ونظراً لعدم وجود لغة عالميّة، وإنما عدد من اللهجات الإصطلاحيّة العامِّيّة، يشدّدُ المعرض على تنوّع هذه الأعمال المرتكزة على عمليّات تتَّبعُ أنماطاً "تعريفيّة"، خلافاً لميثولوجيا الهويّة وأساطيرها.

وتعمل المجموعة المُختارة من أعمال زينب سديرة الفوتوغرافيّة العديدة، بالإضافة إلى جزء من عملها حول رسّامي الكاريكاتير الجزائريين، على تقديم صورةٍ شاملة لفنانة امتدت ممارستها ثلاثين عاماً، والتي يُقدَّم معرضها اليوم في سياق مدينة بيروت.

يرافق المعرض، برنامج من العروض والمحاضرات التي ستشكل منصّة لنقاشاتٍ أوسع وأعمق، للتطرّق إلى تراث الاستعمار في المنطقة وتعبيراته المختلفة ضمن الممارسات الفنية.

ولدت زينب سديرة في باريس العام 1963، وحالياً تقيم وتعمل بين لندن، الجزائر وباريس. بالإضافة إلى شهادة البكالوريوس في الفنون الجميلة الحاسمة من المدرسة للفنون سنترال سنت مارتن، لندن 1995، تحمل سديرة شهادة ماجستير في الميديا من مدرسة سليد للفنون، لندن 1997. اتّبعت بعدها الدراسة في مجال الفوتوغرافيا في الكليّة الملكية للفنون، لندن (1998-2003).

في العام 2011، أسّست سديرة في الجزائر برنامج "آريا" لإقامة الفنانين. ترشّحت العام 2015 لجائزة مارسيل دوشامب وحازت جائزة الفنون SAM، باريس 2009، بالإضافة إلى جائزة "ديسيبل" من مجلس الفنون، لندن 2004.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها