الأربعاء 2014/08/20

آخر تحديث: 13:49 (بيروت)

فرقة "بيروت الأميركية": فيروز ونيويورك وغجر

الأربعاء 2014/08/20
فرقة "بيروت الأميركية": فيروز ونيويورك وغجر
فرقة بيروت في "مهرجان بيبلوس" أمس (المدن)
increase حجم الخط decrease
يتردد الاسم كثيراً بين الناس هنا، إنه زاك كوندون. لبيروت حصتها من كلام الناس، ما دامت الفرقة الأميركية، باسم "بيروت". فوق الكلام الكثير، تحلق الحقائق الأساسية بالفرقة الشبابية، الراسمة الأحاسيس عبر الموسيقى. لن تكتشف هذا الشيء في الكتيب الخاص بالمهرجانات الجبيلية. تكتشفه، من خلال حضور الشباب على المنصة مع الآتهم. اللحظات الجذابة للانتباه تقف خلف الفرقة، المؤسسة خلال الأعوام الأولى من الألفية الجديدة. 

تقدم المجموعة الموسيقية الزمن الكافي، للموسيقى الكوزموبوليتية. أو موسيقى العالم. لن يستشف السامع هذا في الترتيب، ولا في المسار الخطي للمؤلفات الإبداعية. يظهر هذا في التشبع من الموضوعات والكتابة المقرونة بالعلامات.

ثمة روح غجر، تنبثق فوق خشبة المسرح البحري، الطائرة فوق ماء جبيل والغارفة برطوبة شهر آب. أمام الحجاب الموسيقي وخلفه، موسيقات كثيرة. فولكلور بلقاني، موسيقى مكسيكية تكتسب حضورها المضاعف من مكسيكية زاك كوندون المولود في نيو مكسيكو، نفحات من الجاز، فولك، إنديا فولك، موسيقى الكترونية، موسيقى باروك بتفاصيلها وجملها الإحساسية، بوب. مرآة نظر داخلية ومرآة نظر خارجية، تدفع الموسيقات هذه، حتى تتخطى عتباتها، إلى اللقاء الفيّٓاض، حيث تتواصل الخطوط الساكنة والضاجة في الموسيقات هذه، على وعي شبابي متحرك، يرى في العالم امتداده اللامحدود، لا حدوده المرسومة بالقوة العسكرية أو الاتفاق السياسي. 

تستمد الفرقة، طاقة اندفاعها، من الحد/اللاحد هذا، حيث تحلم بالحياة والفضاء على هواها، الباحث عن أفعال العلاج من الرسوم الكاريكاتيرية، للوطنيات والقوميات. ردود الأفعال على المادة، تأخذ الإفتراضي في الحسبان أخذاً واقعياً. عندهم، في ردود الأفعال الخاصة بهم، أن الكاريكاتير العالمي الراهن، مؤقت وليس ممكناً، لأن ما هو مرسوم كاريكاتورياً، يمتلك طبيعة مختلفة عن تلك المتزود بها مؤقتاً. هذا قوس الفرقة الأميركية، ذات الروح البيروتية المتعددة. أحس الجمهور، من خلال اللقاء، أنه منقلب، حين طرد نفسه من الأحداث المكبلة والصور المُظَهرة على الزوايا الحادة لا على اللقاءات ذات الإيحاءات الكبرى. بالبوق المكسيكي، تقدم كوندون باستمرار. تثبيت الأشكال فعل من أفعال المجموعة، المستجيبة استجابة طبيعية ومباشرة، للمضي خلف أسباب تجرع معاناة البشر، وضد المذابح السائدة بالعالم. نيك بيتري، بول كولينز، ين لانز، بيران لولوتيه، كيل رزينغ... اكتسبت ممارسة الفرقة، تواضعاً ودقة، من تقليبها الأدوار على الأعضاء، من جانب إلى جانب. 

لا يسع المشاهد إلا أن يسأل عن أصل التسمية: فرقة بيروت. سماها كوندون بذلك، من تأثره بصوت السيدة فيروز. لا مراجع واضحة على هذا الصعيد. لعل فيروز موجودة في أغنية "بيروتاندو". كما أن روح بيروت، موجودة في النتاج العام للفرقة. الآسكا بالريح، الصمت. Kid crach. عند الفرقة، ينبغي أن يضحي العمل الفني شعاعاً. يتحول المؤقت، إلى لا مؤقت على الشعاع هذا. للأغنية، للقطعة الموسيقية، حضور فيزيائي، أوسع  من الأذن العادية. 

الأرجح، أن الإرتجالات الملموسة على الخشبة، من علاقة زاك كوندون وبعض أعضاء الفرقة الآخرين بالجاز. ذلك أنه حضر كعازف بوق مع واحدة من فرق الجاز الأميركية. لكوندون صوتان، صوته وصوت البوق المكسيكي، مدخله إلى عين العالم الواسعة المقبحة بالشنائع على مدار الأيام والسنوات. موسيقى عالمية، لا من رسومها الخارجية وانتماءاتها الإثنية فقط، من طاقتها، من تحفيز القوة البدائية فيها، على صناعة ما يحسب على العالم الحديث والحداثة.

أصوات كثيرة ولا ضجيج، لأن حقيقة الحضور الفني لفرقة "بيروت" الأميركية، ترتبط ارتباطاً لا فكاك منه في دعائم واقعها الذهني. ساكس وماندولين وبوق مكسيكي وباتري، وغيرها من الات الموسيقى العالمية الحسنى، في تأليفات الفرقة، ذات الإنتاجات القليلة. البومان، آخرهما بعنوان "the flying club cup". الديمومة أكيدة من روح التعدد والتنوع، الماثلة في الاستخدامات غير المبسطة للآلات والتأليفات. 

بيروت وفيروز ونيويورك في تشكيل أرسى الأشياء على المنصة الجبيلية. موسيقى العالم تنجو وحدها من فكي الزمن الجديد. لم ينقص سوى أن نتلمس حضور أمير كوستاريكا في إعادته ابتداع الموسيقى، على حوار الآلات، المعبرة عن معرفة الناس. الهامشيون في الدرجة الأولى.
increase حجم الخط decrease