الثلاثاء 2014/09/02

آخر تحديث: 15:34 (بيروت)

قصر الأونيسكو... هل يتحول سوقاً ثقافية؟

الثلاثاء 2014/09/02
قصر الأونيسكو... هل يتحول سوقاً ثقافية؟
من نشاطات قصر الأونيسكو
increase حجم الخط decrease
تشيخ الأمكنة غير أن اللغة لا تشيخ. لم يشِخ قصر الأونيسكو على الرغم من ذلك. مكون مكاني استقبل آلاف الأعمال الفنية والثقافية، بين مسرح وسينما وفن تشكيلي وندوة ولقاء واجتماع. لعب أدواراً خلاقة، منذ عشرات السنين، اذ تحول إلى ملجأ الأعمال المهمشة على كل الصعد. كل من لا يجد له مطرحاً على أجندات مسارح المدينة وغاليرياتها، سوف يجد مستقره في صالات الصرح الثقافي الكبير.

نعرف أن الطائرات الإسرائيلية دمرت القصر في العام 1982. كان الهدف إيذاء ثقافياً، بالعين المجردة. ذلك أن الصراع بين لبنان واسرائيل، صراع ثقافي بالضرورة. لا صراع أولويات إقتصادية فقط، تدور رحاها بين مرفأ بيروت ومرفأ حيفا وبين المصارف اللبنانية والمصارف الإسرائيلية. لا صراع أولويات قيام الحضور على غلبة حضور على الحضور الآخر. لا يزال لبنان دملة إسرائيل الضاغطة على حججه بعدم القدرة على إنشاء دولة مختلطة، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على المستويات الأخلاقية والحضارية والإنسانية والحوارية.

أعيد تجديد قصر الأونيسكو، إثر العدوان الإسرائيلي على لبنان. أضحى مكاناً للكثير من الأنشطة والفاعليات البعيدة عن القدرة على نسج عرى الصداقة بينها من التفاوت الكبير بين نشاط وآخر، بين فاعلية وأخرى. يدرك ذلك، المدير العام الجديد سليمان الخوري، المكلف بإدارة شؤون الصرح الثقافي إثر الوفاة المفاجئة للمدير السابق انطوان حرب. يفتح الخوري، أجندة القصر على مدى الأشهر المقبلة. لا موطئ لنشاط، في حشد النشاطات المثبت على شاشة كومبيوتر القصر. حديث الجلسة المخصصة لـ"المدن"، يدور على ذلك في قسمه الأعظم. "لا بد من فرز الفاعليات الحقيقية عن الفاعليات غير الحقيقية. لكي لا يبدو القصر بلا رونق. أخذ الأنشطة بالجملة ليس في صالح الأنشطة، هذا من المهمات المطروحة على إدارة الأونيسكو بالتعاون مع مدير عام وزارة الثقافة ووزير الثقافة".

لا يخفي سليمان الخوري، سيكولوجية العمل القائمة على ثقافة قراءة المراحل اللاحقة بالمراحل الماضية ونتائجها على صيت الصرح وموقعه. يقول لـ"المدن": "أريد أن أورط كبار الفنانين بالعرض في قصر الأونيسكو. لا أريدهم أن يعتبروه تحصيل الحاصل للكثيرين، ممن يستأهلون التواجد في قاعاته وصالاته ومساحاته ومن لا يستأهلون ذلك. لا نريد أن نحرم أحد المستحقين من العرض بالقصر، غير أن بناء الثقة بكبار الفنانين اللبنانيين، لا تقوم على الصداقات الإلكترونية، بل تقوم على العلاقة المباشرة، القائمة على تقديم القصر بوصفه حارس المخزون الثقافي والحضاري اللبناني الهائل والمتنوع وحضانة الأعمال الحديثة ذات المرجعيات المفندة حضورها على الساحين اللبنانية والعربية. أريد من الفنان أن يرى جدران القصر، كما يرى جدران الغاليريهات الكبرى، حيث يعلق أعماله بطبائعها الجمالية والإقتصادية". 

يرى سليمان الخوري أن الإستهانة بنوعية الأعمال المعروضة استهانة بالكثير من الأسماء المهمة في تاريخ الفن اللبناني، "أريد من الفنان حسن الجوني أن يعرض أعماله هنا. هذا ما أريده أيضاً من حسين ماضي وريمون جبارة ورفيق علي أحمد". لن يستطيع القصر التعامل مع الأعمال كما تتعامل معها الغاليريهات والمسارح العامة، بمنحها الأوقات اللازمة للعرض. غير أن بمستطاع إدارته أن تمنح المسرحية بين أسبوعين وثلاثة أسابيع، إذا ما كانت تستأهل، كذلك المسرحية. المؤتمر في يوم أو يومين، الندوة في يوم، الأنشطة الأخرى لا تشكل مشكلة. 

يؤكد مدير قصر الأونيسكو أنه يريد "تحويل المساحات غير التقليدية في القصر إلى مساحات، أشبه بالسوق الثقافية. عروض خارج القاعات المعروفة. تكريس ذلك". يقول ذلك وسط انشغاله بأصغر القضايا، كتأمين الكهرباء من المولد بعد انقطاع التيار، ومتابعته شؤون القصر المتعاظمة، يحاول المدير الجديد أن يغذي العين بالمساحات الجديدة غير المشغولة. بخططه، تحويل جزء من كم المساحة الخارجية، إلى مقهى ثقافي يستضيف الفنانين والمثقفين. حامل ثقافي وفني، هكذا يجد سليمان الخوري القصر. لا يجده سوقاً ولو أنه لا يخشى روح السوق. لا يحب المونولوجات الداخلية، أي خطاب الفرد لذاته، لذا يسعى إلى تأطير الكثير من المشاركات والآراء فيما يضمن حضور الآخر في المكون الجديد المفترض للأونيسكو. إنه دار عامة. لا يطلق الرجل الكلمات إثر الكلمات على نية التواصل الإجتماعي، يقول كلماته برصانة، لعله من الجميل أن يرغب المسؤول بتحويل المكان إلى ميدان. الدعوة عامة على ما هي الحال دائماً في قصر الأونيسكو، غير أن في المستطاع الوصول إلى إتفاقات مع الفنانين ورزارة الثقافة على تسعير بطاقات الأنشطة والفاعليات بما يضمن مصالح جميع الأطراف، بدون أن نخسر الهدف من بناء القصر، كمحطة شبه مجانية، ضد التطرف والتعصب والعصاب في أي شيء. لأن لبنان بلد التسامح والإنفتاح".
increase حجم الخط decrease