الإثنين 2014/08/11

آخر تحديث: 14:21 (بيروت)

هاشتاغ: لا تكفي المودة في المسرح

الإثنين 2014/08/11
هاشتاغ: لا تكفي المودة في المسرح
ارتجال المسرح (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

لا تنحصر "هاشتاغ"، إعداد وإخراج جاد حكواتي ورؤى بزيع، في التقنيات البسيطة. طغت الأخيرة على أجواء وفضاءات العمل. لأن الأساس في الفكرة. فكرة وداع مجموعة من الشباب، بتجربة مسرحية. عمل الأخيرون، سوية، على مدى عامين، بصيدا. دربتهم "جمعية توين" قادتهم إلى اكتساب مهارات وتقنيات، وظفوها في"هاشتاغ". وإذ أرداوا ترك البلاد، كل باتجاه، رغبوا بوداع يليق بفكرة اللقاء. هم أبطال المسرحية، وأصحاب قصصها الكثيرة، حول الكثير من يومياتهم  الحياتية. العدد والحركة، التفرق والإتصال، السكون والخشونة، خشونة الأوضاع بالبلاد، الهوية، الإسم، المسؤولية. روايات شخصية، حوَّلها الثنائي، جاد حكواتي ورؤى بزيع، إلى عرض مشف، لا تهم أصحابه وأبطاله، الأعمال المحكمة الصنعة، قدر التعبير السيال، المتلون بالأشكال المستحسنة، من وجهات نظرهم.

جاء العرض، مصراً على التوزان بين البوح الإنساني واستعمال الأدوات الضرورية. لا شيء على المنصة، إلا بعض القواعد الخشبية والأوتاد، المستعملة في بناء البيت المُغادر. سوف تتكرر مشاهد الوداع في المسرحية، لأن الهجرة قدر اللبنانيين والفلسطينيين، المقيمين في لبنان. يعيد هؤلاء الأمر(الشريحة التمثيلية) إلى التاريخ. منذ إعلان لبنان الكبير. تطرقوا بإيجاز إلى ظروف النشأة وتبعاتها، من خلال الرواية. ولأن الأخيرة، مستلة من الواقع، توجهت التجربة بكلها، على المنصة البيروتية، إلى استلهام تجربة فرقة الحكواتي اللبنانية، حيث يروي الرواة حكاياتهم، بوصفهم أبطال الأحداث المروية المعاشة، إما عبر التواد مع الحكايات وإما لأن الحكايات جزءاً من طبيعة الراوي. غير أن اللعبة الخطرة، المعقدة هذه، بقيت على مشارف تمييز الحسن من القبيح في تجربة الفرقة اللبنانية الطليعية المعروفة في لبنان والعالم العربي. نأت عنها.

لا مفهوم اعتدال في "هاشتاغ"، لأن الأخيرة، استعملت المعاني الجزئية للأشياء، من عدم الفهم العميق للعبة المسرحية، ومن قلة الخبرة والدربة، ما أبقى الجزئيات في معانيها  المنفردة. لا تناسب ولا ائتلاف، ما يحدث بالغالب، بين المعاني الجزئية. هكذا، راوحت "هاشتاغ" أمام التخاطيط المسرحية، لأن بحوث أصحابها على تورايخهم، بقيت حكراً على الأجسام المشاهدة. ثمة لطشات تغريب بريشتية. ثمة لمحات واقعية. ثمة خيالات، تقود إلى عوالم افتراضية، ما يرغبه الشباب. الأخيرة الأكثر حضوراً، ما قدم المشاهد، مسطحة ملساء في أحيان وصقيلة بأحيان. لا تمام ولا كمال. ذلك أن "هاشتاغ" قامت على ارتجال أبطالها. كل ما خطر برؤوسهم، على خشبة المسرح. كلام كثير وصور كثيرة. اكتفى جاد حكواتي ورؤى بزيع بتنظيم الإرتجال والإتصال من خلاله.

لا تكفي المودة في صناعة عرض مسرحي. المبصرات ذات رغبة حضور أكيد في المسرحية. الميلان إلى المشهدية المسرحية واضح، غير أنه بلا هوية. لا هو أرسطوي ولا هو تبعيدي ولا هو سوريالي ولا هو واقعي أو واقعي سحري ولا هو طقسي ولا حسي، على قواعد الحسية المسرحية. لأن الكلام على الأخيرة، كلام على منهج آرتو. الأخير ، غير موجود لا بالنص ولا بالضوء. موجود بالمسافة الهائلة بين منهجه وما رغبت "هاشتاغ" في تخطيطه وتصويره أو نحته على منصة "دوار الشمس". لن يقلل هذا من القيمة المضمرة، في أفئدة الشباب، الجمع المتضرع إلى كتابة مسرحية من أشلاء حضور الشباب في بلد يقيم على صلوات الخوف الدائمة. هكذا، لن تطاوع الأشكال والمناهج "هاشتاغ". بقيت أشبه بالحديد البارد تحت مطرقة حداد، لا يزال يصلي النار، حتى يطوع الحديد بالشكل.

التفتت صفة العرض، حتى لا يوصف العرض بالعرض المأمول. الصفة الأخيرة، أقرب إلى الواقع، أقرب إلى الحقيقة، بحضور نثار الفئات المسرحية، بدون المرور، عبر ذلك، إلى الفئة الخاصة.


تعلق الشباب ببعضهم قاد إلى "هاشتاغ". لا أكثر. هاشتاغ، لأن الكلام، لا يدون على مسافات بالهاشتاغ. الكلام لصيق ببعضه فيه. هذه روح العرض الواضحة الوحيدة، لا قيامه على الجاهز ولا على الإلتحاق بمجالات التجريب، بأرواحها الإجتماعية والسياسية والثقافية.

عرضت مساء الأحد على خشبة مسرح دوار الشمس. مع هازار الصفدي وحسام ابراهيم ومايا سليمان ورجا المجذوب ورواد كنج ولارا خليفة.

 

increase حجم الخط decrease