الخميس 2014/12/04

آخر تحديث: 13:53 (بيروت)

سعاد سليمان: أعاني كما يكتب الرجل معاناته

الخميس 2014/12/04
سعاد سليمان: أعاني كما يكتب الرجل معاناته
البسطاء والمهمشين هم مَن يشغلون عالمي القَصصي، رغم أن عالم الرواية أرحب في السرد
increase حجم الخط decrease

سعاد سليمان مولودة العام 1966 في مدينة سوهاج بصعيد مصر. انتقلت إلى الإسكندرية وعمرها خمس سنوات، وظلّت فيها حتى تخرجت في كلية الآداب قسم الإعلام، واشتغلت في القناة الخامسة فور تخرجها، قبل أن تنتقل إلى القاهرة وتعمل في "قناة النيل" الثقافية. صدرت لها روايتان هما "غير المباح" و"آخر المحظيات"، وقد حصلت الأولى على جائزة من اتحاد كتاب مصر، كما أصدرت ثلاث مجموعات قصصية هي: "هكذا ببساطة" و"الراقص" وأخيرًا "شهوة الملائكة" التي صدرت منذ أيام.. وكان لـ"المدن" معها هذا الحوار...

* هل هناك قضية محورية شغلتك في هذه المجموعة؟ ما ملامحها؟ وهل لها علاقة بانشغالاتك في كتاباتك السابقة؟

- عالم البسطاء والمهمشين ومن تحت خط الفقر هم من يشغلون عالمي القصصي، ورغم أن عالم الرواية أكثر رحابة في السرد عن هذا العالم ولكني- وعندما اكتشتف ذلك- تعجبت جدًّا: لماذا دائمًا يمتلئ عالمي القصصي بحكايات البسطاء والمهمشين والفقراء والصعايدة الذين يرتحلون في بلاد غريبة، ولا أستطيع كتابة هذا إلا في الكتابة القصصية فقط؟ أما التجربتان الروائيتان اللتان خضتهما فبعيدتين تمامًا عن هذا العالم البسيط العميق الذي أحبه والذي هو من المفترض أصلاً مشروعي الأدبي. فعندما أكتب القصة القصيرة أعود إلى قضيتي الأساسية، وعندما أكتب الرواية أشطح بعيدًا عن كل ما أود أن أقبض عليه، وتخايلني أطياف أخرى لحكايات آخر المحظيات وشعب الفئران في رواية غير المباح.

* المجموعات القصصية لم تعد مجرد كتاب يجمع قصصاً كتبت على فترات متقاربة، بل أصبحت وحدة فنية وموضوعية واحدة. هل تؤمنين بذلك؟ وهل جاءت مجموعتك ضمن هذا السياق؟

- بالطبع أؤمن بذلك، وأعتقد أن المجموعة القصصية "شهوة الملائكة" تتميز بهذه السمة من وحدة الموضوعات، ويضاف إلى ذلك وجود تجربة أعتقد أنها جديدة في كتابة المجموعات القصصية على مستوى الشكل والمضمون، وهي تتضمن 42 قصة ما بين القصة القصيرة جدًا "الومضة" والتي في بعض الأحيان لا تتعدى السطر أو السطرين، ويقابلها على الصفحة الأخرى قصة طويلة قد تتجاوز الصفحتين والثلات، وما بين القصتين اشتباك على مستوى المضمون وفق هندسة في الإخراج الفني في الكتاب، لا يستطيع حتى القارئ العادي تجاهل هذا الاشتباك، والذي يدعم من مضمون القصتين كلا على حدة، والقصص مقسمة بالتساوي ما بين 22 قصة قصيرة جدًّا "ومضة"، و22 قصة طويلة.

* كثيرون يعتقدون أن القصة الآن تتداخل مع الشعر، حيث استغنت عن الفضفضة القديمة، ولجأت إلى التكثيف اللغوي، كيف تنظرين إلى الأمر في ضوء تجربتك؟

- هذا صحيح إلى حد ما، لكن حتى الشكل والمضمون الجديد للرواية الجديدة أصبحا مكثفين ويداخلهما الشعر ويلجأ الكتّاب إلى التكثيف اللغوي، رغم ما تتيحه الرواية من قدرة على احتواء السرد المسترسل وتحتضن الكثير من التفاصيل والشخصيات، وعن تجربتي منذ صدور "هكذا ببساطة" 2001 أولى مجموعاتي القصصية فقد وقعت في غواية التكثيف وشعرية اللغة ولم أستطع الفكاك، ولم أشكُ من ذلك أبدًا. سأكشف سرًّا لأول مرة، فقد مارست كتابة الشعر من الإبتدائية وحتى التخرج من الجامعة، لكني لم أجرؤ على نشره حتى الآن رغم أني ما زلت أحتفظ ببعض قصائدي، لكني وجدت نفسي في كتابة القصة والرواية، ولأن الشعر كان رفيقي فصرت أناوشه من حين لحين، في القصص القصيرة وأحيانًا في الرواية وأعتقد أن رواية آخر المحظيات دليل على ذلك.

* أصدرتِ روايتين حظيتا باستقبال لافت، كيف ترين الفارق بين كتابة الرواية وكتابة القصة القصيرة؟ ولماذا تراوحين بين الشكلين؟

- مبدئيًّا أحب أن أعترف أني عاشقة لكتابه القصة القصيرة أكثر من الاستغراق في كتابة الرواية، وأتراوح بين الشكلين ليس لكوني أختار الشكل الذي تتبلور فيه الفكرة النهائية، وأعتقد بقوة أن النص هو الذي يحدد الشكل الذي يتخذه ليخرج في إطاره النهائي، فموضوعا الروايتين لم يكونا بأي حال من الأحوال صالحين للكتابة القصصية، وقد فاجأتني نفسي وأنا أكتب مسرحية، وتلك إحدى عجائب الكون، حيث إنني لا أحب الكتابة للمسرح ولا أعرف كيف تتم، ولم أفكر يومًا أن أكتب مسرحيات، حتى عندما كتبت الفانتازيا السياسية في "غير المباح" وكان بحسب رأي النقاد أن المسرح يليق بهذا النص أكثر من الرواية، لكني لم أجد النص إلا في شكل روائي، أما المسرحية فقد جاءتني كاملة في حلم وما كان عليَّ سوى أن أسجل ما أُملي عليَّ في الحلم.

* في كتاباتك اهتمام مبالغ فيه بقضايا المرأة والنسوية عمومًا، ألا تعتقدين أن التركيز على ذلك هو الجانب الآخر من إهماله؟ كلاهما يضر قضية المرأة ولا يفيدها؟

- لا أعتقد أن في كتاباتي اهتماماً مبالغاً فيه بقضايا المرأة ولا النسوية لا عمومًا ولا خصوصًا، وأنا كلي إيمان بأن الأدب إنساني، لا ذكوري ولا نسوي، لكني كامرأة أكتب عما أعرف وأعاني، كما يكتب الرجل عما يعرف ويعاني، وفي رواية "غير المباح" انحزت لأحزان وجنون شهريار كما انحزت لمأساة شهرزاد، وبالتأكيد كنت مع شعب الفئران ضد الحاكم وأعوانه، حتى "آخر المحظيات"، تعاطفت وجعلت القارئ يتعاطف بشدة مع "رامي"، هذا المسكين الذي قتله الانصياع للموروث الثقافي، وعندما تمرد عليه لم يعد ذلك متاحًا فأجهز عليه هذا التمرد وخسر الزوجة والعشيقة ونعمة الحب والسعادة، أعتقد أننا، رجالاً ونساء، جميعًا، في خندق القهر، وهذا التصنيف الذكوري والأنثوي يلقي بمزيد من القهر الذي لا بد أن نحاربه لا أن نؤسس له.

* مَنْ من الكاتبات العربيات تعجبك، وتعتقدين أنها تعبّر عنك في المضمون والشكل؟


- كثيرات يعجبنني: نجوى شعبان، رضوى عاشور، سلوى بكر، عفاف السيد، رحاب إبراهيم، بهية طلب، رباب كساب، هالة فهمي، فوزية مهران، سهى زكي، أحلام مستغانمي، علوية صبح، سمحية خريس، لكن أحداً لا يشبه أحدًا، كما أن القضايا والاهتمامات تختلف، وأستمتع بعالم كل منهن كعالم قائم بذاته.

* هل تعتقدين أن النقد واكب تجربتك بما تستحق؟

- لا أعتقد، ولست في عجلة من أمر التقدير بما أستحق، ربما لأن تجربتي الأدبية حتى الآن لم تكتمل، ولست مشغولة بهذا الاستحقاق قدر انشغالي بإنتاج هذا المشروع الأدبي الذي أنا منوط بي أن أنجزه، ربما لأني أعتقد أنها رسالة حملني إياها هؤلاء البسطاء الذين كانوا وقود إنضاج موهبتي كي أعبر عنهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها