الثلاثاء 2014/11/11

آخر تحديث: 15:03 (بيروت)

بينالي قلنديا: لجيل لم يعاصر الثورة الفلسطينية أو الانتفاضتين

الثلاثاء 2014/11/11
بينالي قلنديا: لجيل لم يعاصر الثورة الفلسطينية أو الانتفاضتين
اختيار عنوان قلنديا، المخيم على تخوم القدس، لم يكن عبثاً، ويحيل إلى النكبة واللجوء
increase حجم الخط decrease

كان "بينالي" قلنديا هذه المرة، مختلفاً عن سابقه. المهرجان الذي ينظم، مرة كل سنتين، وانطلق هذا العام للمرة الثانية في فلسطين ليُختتم في 15 من الشهر الجاري، اتخذ من موضوع "الأرشفة" ثيمة أساسية في إعادة صياغة التاريخ الفلسطيني، وهي الرسالة التي يسعى المهرجان إلى إيصالها هذا العام، موظفاً الفنون البصرية بشكل أساسي في تكريس التراث الفلسطيني، والإضاءة على فترات منسية من تاريخ الفلسطينيين. وذلك من خلال معارض فنية تنوعت بين الرسم والموسيقى والشعر، في محاولة لإبراز دور الفن في استحضار الماضي وإحيائه، لا سيما في الحالة الفلسطينية، التي تكمن خصوصيتها في كونها تواجه محاولات ممنهجة لطمس وسرقة تراثها، وإرثها الفني والثقافي، الذي يمثل جزءاً من وجودها وارتباطها بالمكان. كما ويواجه جيلها الحالي كذلك، والذي لم يعاصر الانتفاضتين ولا الثورة الفلسطينية، عملية تشويه للوعي، بهدف إنتاج "جيل جديد" يؤمن بقيم "السلم والتعايش المشترك".

تظهر هذه الصورة من خلال رمزية الاسم: "مهرجان قلنديا الدولي: الأرشيف تاريخ ومشاركة". واختيار قلنديا - المخيم الواقع على تخوم القدس - ليكون عنوان المهرجان، لم يكن عبثاً. فهو يحيل إلى النكبة، واللجوء، والمعاناة، بعيداً من ترف "العاصمة السياسية" رام الله، التي باتت يرتبط باسمها معظم الفعاليات والمهرجانات المحلية. كما يحيل أيضاً إلى الحواجز الإسرائيلية التي تمنع الاتصال الجغرافي والحضاري بين الفلسطينيين وأرضهم، إذ يرتبط اسم قلنديا غالباً بالحاجز المقام على أراضيها، فاصلاً ما بين الضفة والقدس.

أما "التاريخ والمشاركة"، فيمثلان الفكرة التي قام عليها معظم فعاليات المهرجان، كفعالية "أدوات ترد الغياب" التي نظمتها مؤسسة "مشاريع من راسي" من الكويت، والتي شملت مجموعة من المعارض للتذكير بتاريخ الفلسطينيين في الكويت، إضافة إلى "الانتفاضة الفنية"، التي شملت مجموعة لوحات تحيل إلى فترة الانتفاضة الفلسطينية الأولى، المهمشة في الوجدان الفلسطيني حالياً. إذ عُرضت اللوحات على شكل جدارية في إحدى ساحات رام الله، بهدف التدخل والاشتباك مع الفضاء العام وبعث مشاهد الانتفاضة فيه من جديد، فضلاً عن مشروع "ألبوم العائلة" الذي يشرف عليه المتحف الفلسطيني، ويسعى إلى استكشاف "الكنوز الفوتوغرافية" التي يحتفظ بها الفلسطينيون في بيوتهم، وإعادة رقمنتها وحفظها ضمن أرشيف خاص، بهدف توثيق الذاكرة البصرية الجمعية التي تربط الأجيال الفلسطينية بإرثها وتاريخها.

الجديد في المهرجان هذا العام أيضاً، هو اتساع رقعة التفاعل، وحجم المشاركة على المستويين المحلي والعالمي، حيث شاركت هذا العام 100 شخصية فنية، محلية وعالمية، في فعاليات المهرجان، بالإضافة إلى 13 مؤسسة، بخلاف 6 مؤسسات شاركت قبل عامين. وتعدّ مؤسسة عبد المحسن القطان، ومركز خليل السكاكيني الثقافي، والمتحف الفلسطيني، أبرز القائمين على أعمال المهرجان هذه السنة.

تتحدث مديرة العلاقات العامة في المتحف الفلسطينية، رنا عناني، عن دور المتحف في تكريس فكرة الأرشفة القائم عليها المهرجان، تقول في حديثها لـ"المدن": "شارك المتحف الفلسطيني من خلال معرض للمتاحف الفلسطينية (3 متاحف) تحت سقف واحد، إضافة الى ثلاثة متاحف من خارج فلسطين: متحفان من لبنان (متحف التراث الفلسطيني في صور؛ ومتحف الذكريات والتراث في شاتيلا)، ومتحف "الجمعية الامبراطورية الأرثوذوكسية الفلسطينية" في موسكو. تضيف: "ركزنا على أرشفة المتاحف الفلسطينية وما تحتويه من مقتنيات وآثار، لنتلاقي مع الموضوع الأساسي لمهرجان قلنديا الدولي، وهو الارشيف حياة ومشاركة؛ فالمتاحف الفلسطينية تضم جزءاً مهماً وكبيراً من التاريخ الفلسطيني، وأصدرنا كذلك دليلاً عن المتاحف الموجودة في فلسطين، وعددها 56 متحفاً.

بدوره، يبدي مدير قسم الثقافة والفنون في مؤسسة عبد المحسن القطان، محمود أبو هشهش، رضاه عن مهرجان قلنديا لهذا العام، قائلاً لـ"المدن": "ما يميز مهرجان قلنديا هو أننا حددنا قبل سنة ونصف من انعقاده الموضوع الذي سنركز عليه، وهو الأرشيف، كما أنه للمرة الأولى هذا العام شاركت مؤسسات من الشتات. قلنديا الدولي مفهومه الاساسي هو الشراكة، وبناء شراكات حقيقية بين المؤسسات العاملة في مجال الفنون البصرية في فلسطين، وهذا ما كرسناه في المهرجان". وعن التمويل، يقول: "لم نتوجه الى ممولين اجانب، كل الممولين من داخل فلسطين، حيث ساهمت كل مؤسسة مشاركة في المهرجان بدفع رسوم اشتراك قدرها 5000 دولار".

ويتابع: "نحن كقائمين على المهرجان نشعر بالرضى عن نجاح مهرجان قلنديا الدولي، وهذا ما أثبته حجم المشاركة الجماهيرية والاقبال الجماهيري الكبير، فكان هناك زيارات مكثفة للمعارض وتغطية اعلامية واسعة. المهرجان وضع فلسطين على خريطة العمل الفني والثقافي في العالم، واستطعنا أن نوصل للعالم ان فلسطين منتجة للثقافة وفلسطين نقطة وصل ثقافية".

في معرض الانتفاضة الفنية، التي جرت نهاية الشهر الماضي على هامش فعاليات المهرجان، كانت لوحة "الغيرنيكا" للفنانين الفلسطينيين، محمد سباعنة، وحمزة أبو عاش، إحدى أبرز الإبداعات الفنية في المهرجان. يقول سباعنة في حديثه لـ"المدن": "عملنا على إحياء مظاهر الانتفاضة الأولى في عقول الناس والمشاركين من خلال تحوير لوحة الغيرنكا للفنان العالمي بيكاسو الى لوحة فلسطينية تعكس مظاهر الانتفاضة الأولى، ورسمت بطريقة فن الشوارع الغرافيتي"، بالاضافة الى جدار يعكس شكل الجدران في الانتفاضة الاولى، والذي كان لوحة إعلانات دائمة للجمهور، مثلا النعي والدعوة الى الاعتصامات بهدف إحياء شكل الجدران التي اعتمد عليها المناضلون الفلسطينيون في الانتفاضة الأولى".

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها