السبت 2014/12/20

آخر تحديث: 16:33 (بيروت)

مشروع القرار الفلسطيني في طور التأجيل

مشروع القرار الفلسطيني في طور التأجيل
الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب الفلسطيني، أعلنا رفضهما لمسودة مشروع القرار المعدلة (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

كان من المفترض بحلول هذا الوقت أن يتم حسم مصير مشروع القرار الفلسطيني المقدم إلى مجلس الأمن الأربعاء الماضي، بحسب تصريحات وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، الذي أعلن أن التصويت على الطلب سيجري خلال 24 ساعة، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، كما أن ما من مؤشرات على حدوثه في المستقبل القريب.

التقارير الواردة تشير إلى أن الولايات المتحدى ستسعى إلى إطالة أمد المشاورات بخصوص الطلب إلى حين موعد الانتخابات الإسرائيلية في مارس/ آذار العام المقبل، حتى لا تضع نفسها في موقف تضطر فيه إلى استخدام الفيتو، بينما لا تزال الدول الأوروبية في المجلس تطالب السلطة بصيغة أكثر توافقية لنص القرار، رغم التعديلات الثمانية التي أُدخلت على النص الأصلي.


كل ذلك لا يدعو للتفاؤل بحسم قريب لهذا الملف، ومن الوارد جداً أن يبقى في طور التأجيل من دون أن يُعرض على التصويت المباشر، وهو ما حصل مع الطلب الذي قدمته السلطة إلى مجلس الأمن عام 2011 للحصول على العضوية الكاملة، وما حصل أيضاً مع مشاريع قرار كثيرة تحوّلت إلى مسودات في أدراج المجلس المغلقة.


الولايات المتحدة تجنبت حرج استخدام الفيتو عام 2011، وتسعى إلى تكرار الأمر هذه المرة أيضاً. يبدو أن واشنطن تعوّل على خسارة معسكر اليمين بزعامة نتنياهو في الانتخابات المقبلة، وفوز أعضاء الوسط الذين يمثلون حلفاء أكثر اعتدالاً بالنسبة لها، من أجل تحريك مياه التسوية الراكدة، وبالتالي تجنب "الحلول الأحادية". وفي حال لم يتحقق ذلك، فإن الجهود الأمريكية ستنصب على تمديد المشاورات حول القرار سعياً منها للحصول على تنازلات من السلطة، إلى حين الوصول إلى صيغة توافقية تجنّبها استخدام الفيتو، وفي هذه الحالة، سيفقد مشروع القرار الفلسطيني جوهره،لأنه سيحقق معظم المطالب الأمريكية التي لا تلبي بالتأكيد المصالح الفلسطينية.


السلطة الفلسطينية، التي أعلن رئيسها، محمود عباس، عقب اجتماع القيادة الأخير مساء الخميس الماضي، أنها أثبتت مصداقيتها بعد تقديم مسودة القرار إلى مجلس الأمن، يبدو أنها لا تمانع حدوث هذا السيناريو، فالرئيس الفلسطيني أعلن في الاجتماع ذاته عن أن السلطة مستعدة للمزيد من المشاورات للتوصل إلى صيغة مرضية للجميع، وسرعان ما التقطت المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض، جينيفر بساكي،هذه التصريحات لتقول :"إنها تمثل إشارة على عدم نية الفلسطينيين للدفع نحو التصويت في القريب العاجل"، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر مقربة من السلطة لـ"المدن" إلى أن أبو مازن يواجه ضغوطاً كبيرة للتمهل في هذا الملف، حيث تلقى اتصالات مكثفة خلال الأيام الماضية تحثه على تأجيل هذه الخطوة، وبعضها من دول عربية كانت قد شاركت في المصادقة على نص القرار.


من جهة ثانية، يعتقد البعض أن عدم استعجال السلطة في الوقت الراهن لا يعكس رضوخاً لتلك الضغوط، بل إن الظروف الراهنة غير مؤاتية لها للاستعجال في هذا الملف، فالسلطة لم تضمن حتى الآن حصولها على 9 أصوات في مجلس الأمن، وهو الحد الأدنى لتمرير القرار مع اشتراط عدم استخدام الفيتو.


حتى الآن، ثمة 7 أعضاء أكدوا تصويتهم لصالح الطلب الفلسطيني، كلهم سيستمرون خلال الدورة القادمة لمجلس الأمن، التي ستشهد دخول أربعة أعضاء جدد هم: ماليزيا وفنزويلا وأنغولا وإسبانيا، وهي دول صديقة لفلسطين، في الوقت الذي سيغادر فيه أربعة أعضاء المجلس، وهم: أستراليا وكوريا الجنوبية ولوكسبمرغ ورواندا، وهي دول تستطيع الولايات المتحدة التأثير على قرارها بقوة، كما سبق لبعضها أن صوتت ضد قرارات لصالح فلسطين، أو امتنعت عن التصويت.


في كل الأحوال، تبقى كل الاحتمالات واردة إلى نهاية العام الحالي. وحتى اللحظة، لم تعلن الولايات المتحدة نيتها استخدام الفيتو بشكل علني وصريح، رغم تأكيدها على لسان المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، أنها تعارض الطلب الفلسطيني.


بعض المراقبين ذهبوا للتفاؤل بموقف أميركي مغاير هذه المرة، لاسيما بعد اللقاء الأخير بين نتنياهو وكيري، الذي تشير التقارير الإخبارية إلى أنه لم يكن ناجحاً بالمقاييس الإسرائيلية. وعقب ذلك، كانت ذريعة كيري خلال لقاءاته مع المسؤولين الأوروبين لحثهم على عدم تأييد القرار الفلسطيني، هو أن هذا الموقف سيعزز قوة اليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو وبينيت.


لكن ثمة إشارات توحي بأن هذه الخلافات لم تؤثر فعلياً على جوهر الموقف الأميركي، فخلال اليومين الماضيين، صوتت الولايات المتحدة، إلى جانب إسرائيل و4 دول أخرى ضد مشروعي قرار في الجمعية العامة يدعمان الحقوق الفلسطينية، أحدهما يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، والآخر يؤكد على سيادته على موارده الطبيعية، وكلاهما حصل على أغلبية ساحقة، وهي، بالتالي، لن تمانع في استخدام الفيتو الحادي والأربعين ضد القضية الفلسطينية في حال انعقاد التصويت.


المؤشرات الراهنة تقول بأن السلطة مرنة في خياراتها السياسية، ولا تسعى نحو وصول الأمور إلى هذا السيناريو، ومن ثم التوجه إلى المحاكم الدولية وحل السلطة بشكل نهائي. فقد أجرت تعديلات جوهرية على مسودة القرار الأصلية، لتتقاطع مع المقترح الفرنسي. وشملت تمديد الحد النهائي لانسحاب الاحتلال حتى عام 2017، بعدما كان ينتهي بحلول عام 2016 في النص السابق، هذا بالإضافة إلى بدء جولة مفاوضات جديدة تستمر سنة كاملة، غير أن أكثر ما أثار حفيظة الفلسطينيين في مشروع القرار الجديد هو الإشارة إلى القرار 181، وهو قرار التقسيم الصادر عام 1947 قبيل النكبة، والذي يتضمن إشارة صريحة إلى إقامة دولة "يهودية"، إلى جانب دولة فلسطينية، الأمر الذي دفع كثيرين في الشارع الفلسطيني إلى القول بأن مشروع إنهاء الاحتلال لم يعد فلسطينياً، وأشعل سجالات حادة في اجتماع القيادة الأخير، انتهت بإعلان الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب الفلسطيني، رفضهما لمسودة مشروع القرار المعدلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها