الإثنين 2015/05/25

آخر تحديث: 13:13 (بيروت)

الأقليات في إيران: اتهام الخارج بالتآمر

الإثنين 2015/05/25
الأقليات في إيران: اتهام الخارج بالتآمر
تلك "الشجرة" تخفي "غابة"، يخاف نظام الولي الفقيه، أن تتمدد النار إليها. (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
انتحار الفتاة الكردية فريناز خسرواني، في مهاباد، ووقوع مظاهرات خلفت عشرات الجرحى، واشعال البائع المتجول يونس عساكرة  النار في نفسه، بعد مصادرة كشكه ووفاته في خوزستان "عربستان"، أمور استدعت تدخل المرشد آية الله خامنئي، مرات عديدة خلال أيام. لا بل تدخلت قيادات عسكرية على خط التصعيد والتهديد والطمأنة، في وقت واحد، مثل ما فعله قائد "الحرس الثوري" الجنرال جعفري، وقائد الباسيج الجنرال نقدي، والقائد السابق للحرس الجنرال محسن رضائي. فتلك "الشجرة" تخفي "غابة"، يخاف نظام الولي الفقيه، أن تتمدد النار إليها.

نزول "البيشمركة" الكردية و"صقور جمهورية كردستان" إلى الشوارع في مهاباد، ومدن كردية إيرانية، علناً، لدعم المتظاهرين وحمايتهم بعد إطلاق "الحرس" النار عليهم وسقوط عشرات الجرحى، أثار قلق السلطات من القاعدة إلى القمة. لم يسبق حصول ذلك بمثل هذه الطريقة. وَمِمَّا رفع منسوب القلق، توقيت القضية التي بدأت بانتحار عاملة الفندق فريناز، صوناً لشرفها، بعدما حاول رجل أمن اغتصابها، وتطورت إلى اضطرابات واسعة.

في البداية عملت السلطات على نمنمة الجريمة، ثم جاء تدخل خامنئي ليؤكد استشعاره الخطر. وكما المتوقع فقد اتهم خامنئي الخارج بالتآمر، قائلاً :"هناك من يحاول إثارة نيران عصبيات مذهبية، وتفرقة بين الشيعة والسنة.. وهناك من تنطلي عليه، فيصبح أداة لتنفيذ هذه الخطط". وأضاف: "البيشمركة الأكراد المسلمون من خلال حضورهم في الساحة عرضوا حياتهم للخطر، وأمن عائلاتهم واستقرارها، لتهديد من زمر معادية للثورة". وفي هذا النصح الكثير من التهديد.

يعرف المرشد أن لديه مشكلة "أقليات" مكتومة تحت شعار "الثورة الإسلامية"، وأن الأكراد أخطرها، منذ العام 1946 عندما قامت جمهورية مهاباد غربي إيران، واستمرت 11 شهراً وتم القضاء عليها بالقوة. وبعد الثورة الإسلامية، تم قتل وسجن قادة الأكراد وعلى رأسهم الدكتور قاسملو، الذي اغتيل في فيينا في نهاية التسعينيات.

فروع المشكلة تتوزع على العرب في الجنوب والجنوب الغربي، حيث الصدامات والإعدامات ومصادرة الأراضي التي لم تتوقف منذ ما قبل الثورة حتى الآن. والبلوش في الجنوب والجنوب الشرقي، والتركمان في الشمال والشمال الشرقي، والآذريين. يشكل مجموع هذه الأقليات حوالي نصف عدد الشعب الإيراني أو أقل بقليل، في حين أن الفرس يشكلون تقريباً 51 في المئة.

وما يرفع منسوب القلق، أن جغرافية الأقليات تشكل "حزاماً" حول إيران، وأنها جميعها مفتوحة على محيطها الجغرافي والعرقي والقومي، ما يفتح الأبواب للاختلاط والانخراط.

وفي قلب هذه المشاكل موضوع حساس جداً، أصبح في هذه المرحلة وقوداً يرفع منسوب اللهب: السنّة، لأنهم وإن كانوا أقلية لا تزيد نسبتهم على 10 في المئة من الإيرانيين، فقد ظهر مؤخراً تململ واضح يتعلق بعزلهم عن الدولة والتنمية. وقد حاول كل من الرئيس حسن روحاني، وهاشمي رفسنجاني، معالجة هذا الموضوع، دون نتيجة، خصوصاً وأن المشكلة مزمنة. فمن قبل الثورة وحتى الآن، ورغم الوعود والالتزامات المتكررة، لا يوجد وزير ولا جنرال ولا محافظ سني. وقد حاول روحاني تعيين وزير للرياضة ولم يتمكن، كل هذا في وقت تعمل وتطالب وتدعم فيه إيران، الشيعة سواء كانوا أقلية أو أكثرية أينما كانوا. وكانت الفائزة بجائزة نوبل للسلام شيرين عبادي، قد قالت في مؤتمر بجنيف، حول الأقليات، قبل أسبوعين: "إن القوميات في إيران ما زالت محرومة من أبسط حقوقها".

الفصام الإيراني واضح في مواجهة هذه المشاكل المزمنة، والتي ازدادت ضخامتها، فلا يمكن للمرشد أن يقول للأكراد: لا تتفاعلوا مع إخوتكم في العراق، ولا للعرب في الأحواز: لا تنفعلوا مع ما يحدث في العالم العربي، ولا تطالبوا بمزيد من الحقوق. بدلاً من ذلك، أقحم المرشد مشكلات إيران الداخلية في أحداث المحيط الخارجي وفي إطار التآمر، إذ قال: "إن إثارة الخلافات والفتن والفرقة من خلال اللجوء إلى عبارات السنة والشيعة والعرب والعجم، لا بدّ من التصدي لها". ثم ذهب بعيداً في توصيفه للأزمة: "فليعلموا أن ردّ إيران سيكون قاسياً جداً.. هناك أنباء عن وجود تواطؤ بين الأعداء وبعض قادة الخليج الفارسي، لجر الحروب بالوكالة إلى حدود إيران".

وقد أضاف الجنرال رضائي، إلى ذلك، كل ما يلزم من التهديدات، موضحاً الهدف منها، فقال: "السعودية ستقوم بمغامرة أخرى غير اليمن.. وتوجد تحليلات بأنهم يخططون لمدّ الانفلات الأمني إلى حدودنا، لا سيما الحدود الغربية والشرقية".

هذا الفصام الإيراني، يكتمل، في وقت يرفض فيه المرشد خامنئي "اللجوء إلى عبارات السنة والشيعة"، ويتباهى قائد الحرس الثوري الجنرال جعفري، بتمدد "الهلال الشيعي" إلى اليمن.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها