الأحد 2015/08/30

آخر تحديث: 06:54 (بيروت)

إيران تترقب زلزالها الانتخابي الاقوى

الأحد 2015/08/30
إيران تترقب زلزالها الانتخابي الاقوى
مفاوضات فيينا أنتجت الاتفاق النووي في توقيت اكمل مسار وضع ايران امام مفترق طرق دقيق
increase حجم الخط decrease

الايرانيون معتادون على الزلازل الطبيعية بكل أنواعها وحجم خسائرها، وهم يعرفون ان بعد كل زلزال تقع سلسلة من الزلازل الارتدادية، التي قد يكون بعضها أقوى من الزلزال الاول، لذلك يتحسبون لها. الايرانيون انتظروا بفارغ الصبر "زلزال" الاتفاق النووي، وهم حاليا ينتظرون بقلق، "الزلازل" الارتدادية من اقتصادية وسياسية واجتماعية، التي قد تغير حياتهم ومستقبل بلادهم، وهم يأملون ان تقع بهدوء ومن دون مفاجآت لا يمكن تقدير قوتها. يريد الايرانيون التغيير والتطوير وفتح الحدود، لكن من دون أن تصل المفاعيل الى حدود الانفجار.

"الصدفة أحياناً خير من ألف ميعاد". مفاوضات فيينا أنتجت الاتفاق النووي في توقيت وضع ايران امام مفترق طرق دقيق، وربما مصيري. فايران امام استحقاقين مهمين جداً: الانتخابات التشريعية ومجلس الخبراء، وذلك قبل نهاية السنة الشمسية في ٢٠ آذار/مارس من العام ٢٠١٦. البرلمان الحالي يمسك به المحافظون والمتشددون ولذلك فان كل قرار يريد ان يتخذه الرئيس حسن روحاني المعتدل والوسطي يستوجب معركة حقيقية. أما مجلس الخبراء فإنه على الرغم من بعده عن الاضواء فانه مهم جدا، خصوصا في المرحلة المقبلة. هذا المجلس الذي يتشكل من  ٨٦ عضوا ينتخبون مباشرة من الشعب، هو الذي يراقب عمل المرشد، وهو الذي ينتخب خليفته. والمعروف ان مدة هذا المجلس هي ٨ سنوات. وكان الشيخ هاشمي رفسنجاني رئيسه، وقد خاض المرشد آية الله علي خامنئي معركة قاسية لمنعه من الفوز برئاسته مؤخرا، ولذلك فإن السؤال الكبير: هل سيسمح لرفسنجاني أولاً أن يترشح؟ وهل سيتمكن من الفوز بالرئاسة ليصبح الممسك من جديد بـ"مفاتيح" السلطة، خصوصاً موقع ولاية الفقيه من جديد؟ 


كل ذلك أنتج فتح المعركة الانتخابية على مصراعيها، قبل ستة أشهر، وقبل فتح أبواب الترشيح، لأن في أساس "الزلزال" القادم شروط اجراء الانتخابات، وأهمها حق الترشح للجميع، أم سيبقى خاضعاً لـ"مصفاة" النظام، أي لـ"مجلس صيانة الدستور". وبسبب أهمية كل ذلك، فإن "عمودي" الجمهورية الروحانية، الرئيسان هاشمي رافسنجاني وحسن روحاني، افتتحا السجال بنفسيهما، ما يؤشر الى حرارة استثنائية لم تقع من قبل . 


الرئيس حسن روحاني اختار وضع القاعدة الاولى للانتخابات في اجتماع مشترك للحكومة والمحافظين، فاختار "عقب أخيل" في النظام الانتخابي وأطلق عليه "سهمه "، فقال: 


* "إن مجلس صيانة الدستور ليس سوى جهاز مراقبة وهو ليس هيئة تنفيذية، ولا سلطة لديه لتغيير ظروف الانتخابات". ولتأكيد شرعية ما يطالب به، ذهب روحاني مباشرة الى النبع فقال: "إن أفضل انتخابات هي التي جرت عام ١٩٧٩، التي لم يشطب فيها مجلس صيانة الدستور أي مرشح". وأضاف روحاني: "لا مكان في البلاد لحرمان أفراد ذوي خبرة، وأشخاص يرعون الناس من استخدام معرفتهم في خدمة البلاد، أياً يكن انتماءهم السياسي". 


* "الشعب هو صاحب القرار. اذا فكر احدهم في طريقة اخرى سيؤذي ايران". وهذه النقطة تعيد طرح مسألة لمن الاولوية في القرار، للشعب ام للمرشد؟

من الواضح، وهذه نقطة "زلزالية"، أن روحاني حسم الموقف بالعودة الى الاولوية للشعب.   


 * يرغب روحاني بالفوز الكامل ولكن حاليا يراعي المرشد فيقول: "يجب  الا ينتمي مجلس الشورى  الى حزب  او مجموعة واحدة"، اي ان تتدخل كل القوى من محافظة ووسطية وإصلاحية الى المجلس. 


يشدد روحاني على "ضرورة تأمين قاعدة لمشاركة شعبية في انتخابات تكون نزيهة وقانونية وزاهرة". في هذا المطلب الطبيعي ضربات "تحت الحزام"، لأن المكتوم فيه ان الانتخابات السابقة كان ينقصها على الأقل النزاهة والقانونية! واللافت للنظر ان روحاني لا يكتفي بالكلام النظري، بل يدعم كما هو واضح انشاء احزاب اصلاحية. فقد اصبح يوجد "حزب الاعتدال والتنمية". وإذا لم يترشح لرئاسته ناطق نوري المرشح الأسبق لرئاسة الجمهورية، الذي أصبح منذ فترة طويلة معتدلاً، فإن فاطمة هاشمي رفسنجاني هي المرشحة للرئاسة، ويوجد الى جانبه حزب "نداء الإيرانيين"، الذي أسسه صادق خرازي شقيق كمال خرازي والسفير السابق في باريس. كما أعلن عن تشكيل حزب جديد يكاد يكون نسخة عن حزب "مؤتلفة" باسم "اتحاد الشعب الإيراني"، وهو برئاسة علي شحوري زاد. وحضر تشكيله كل من: محمد رضا خاتمي، شقيق الرئيس محمد خاتمي، وزوجته زهرة إشرافي، حفيدة الإمام الخميني، وغلام كرباستجي رئيس بلدية طهران الأسبق، وحسين كروبي، والشيخ عبدالله نوري وزير الداخلية الأسبق، وقد سبق أن سجن بسبب مواقفه الاصلاحية، ومحمد رضا عارف، المرشح الإصلاحي الذي انسحب لمصلحة روحاني. 


"حصن" الجمهورية، و"ثعلب" الثورة هاشمي رفسنجاني، صوّب مباشرة على المتشددين أولاً، فوصفهم "بالجهلة والبلهاء الذين يريدون اثارة صراعات في ايران"، ثم انتقل الى المرشد مباشرة من دون ان يسميه، فقال: يعتقد بعضهم ان العقوبات جعلتنا ننهج سياسة المقاومة.. إن جعل بلادنا أكثر فقراً ليس مقاومة". المعروف أن خامنئي هو الذي وضع مبدأ ونهج "الاقتصاد المقاوم".


المعارضون لهذا النهج لم يجدوا ما يردون به سوى رسالة موقعة من٢٥ نائباً فقط، موجهة الى روحاني تتهمه "بتقويض المجلس". أما خصم رفسنجاني احمد جنتي، رئيس "مجلس صيانة الدستور"، فقد اتهم رفسنجاني مداورة "بأنه ومن معه يعملون على حرف المجلس"، وأكمل كلامه بشكر القضاء لأنه سجن مهدي رفسنجاني.


يبقى ان الجنرال نقدي، قائد "الباسيج"، استعاض عن الدخول في المواجهة الداخلية بالقول: "قبل عام ٢٠٢٥ سنكون في القدس". 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها