الجمعة 2019/10/11

آخر تحديث: 14:15 (بيروت)

العراق:المرجعية تدعم المحتجين وتمهل الحكومة أسبوعين

الجمعة 2019/10/11
العراق:المرجعية تدعم المحتجين وتمهل الحكومة أسبوعين
Getty ©
increase حجم الخط decrease
مع دخول العراق يومه الثاني من الحداد الرسمي على ضحايا ما بات يعرف بـ"انتفاضة تشرين"، والتي سقط ضحيتها أكثر من 200 قتيل و 6 الاف جريح وفقاً للارقام الرسمية، تشهد البلاد حالة ترقب بعد المبادرة التي أعلنها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، والمتعلقة باتخاذ خطوتين طال انتظارهما، الأولى حول تقديم قائمة جديدة من المتهمين بالفساد تكشف بالاسماء عن فاسدين كبار، فيما تتضمن الثانية تقديم اسماء شخصيات ضمن تعديل وزاري جديد.

ينظر الشارع بحيرة وريبة إلى هذه الوعود، بسبب فقدان الثقة بالحكومة في ما يتعلق بمكافحة الفساد، خصوصاً وأن كل المحاولات السابقة كانت تخلو من الإشارة إلى أسماء كبيرة، توصف إعلامياً بـ"حيتان الفساد"، الذين تتهمهم منظمات حقوقية داخلية وخارجية بهدر وسرقة ما يقارب الـ 400 مليار دولار من موازنات العراق منذ الإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين.

وتأتي هذه الخطوات الحكومية كخيار إجباري أمام الحكومة بعد "زلزال تشرين"، ما أجبرها على اتخاذ خطوات حقيقية وعملية وإلا فإن الشارع ما زال يهدد بإسقاط عروش الرئاسات الثلاث.

وأعلن المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، الجمعة، احالة ملفات تسعة من كبار المسؤولين إلى القضاء. ووفق بيان صدر عن المجلس ونقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية، فإن "القضايا المحالة تتعلق بوزيرين ووكيلي وزارة سابقينَ في وزارات (الصناعة والمعادن، والنقل، التعليم العالي، والصحة) وموظف سابق بدرجة وزير واربعة محافظين سابقين في محافظات (بابل، وكركوك، ونينوى، وصلاح الدين)".

كل ذلك يأتي وسط دعوات متواصلة لحشد تظاهرات جديدة، الجمعة، تطالب هذه المرة باسقاط النظام السياسي الحالي كونه فشل في ادارة البلاد عبر 4 حكومات، تتهم كلها بسرقة اموال العراق وزيادة معدلات الفقر فيه، وادخاله في ظل نظام قائم على المحاصصة بحروب داخلية طائفية وقومية راح ضحيتها ما يقارب مليون شخص فضلاً عن الاف المفقودين.

وقبل التظاهرات، توقفت عقارب الساعة عند خطبة الجمعة للمرجعية الشيعية في العراق. وقال عبدالمهدي الكربلائي، ممثل المرجع الشيعي علي السيستاني، إن "المرجعية الدينية إذ تدين بشدة ما جرى من اراقة للدماء البريئة واعتداءات جسيمة بمختلف اشكالها، وتبدي تعاطفها مع ذوي الشهداء الكرام ومع الجرحى والمصابين، تؤكد على تضامنها مع المطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين"، واقترحت مهلة أسبوعين "للكشف أمام الرأي العام عن العناصر التي أمرت أو باشرت بإطلاق النار على المتظاهرين أو غيرهم".

يبدو موقف المرجعية دعوة لتهدئة مرهونة بتنفيذ ما وعدت الحكومة به، لكن احتمال تواصل التظاهرات عال جداً، بسبب اعتبار شرائح كثيرة من الشعب الخطوات الحكومية والبرلمانية مجرد "حبر على ورق"، مثل ما حصل خلال حكومتي نوري المالكي عام 2011 وحيدر العبادي عام 2016.

هذا السيناريو قد يستثمر مهلة الأسبوعين التي اقترحتها المرجعية، لتأخذ الحركة الاحتجاجية استراحة محارب بانتظار فرصة قريبة لاحداث زلزال جديد قد يحول شتاء العراق القريب الى صيف ساخن جداً، بتعبير متظاهرين توعدوا بخطوات اوسع في حال اخلال الحكومة والبرلمان بالتزاماتهما.

في المقابل، يبدو ان برلمان العراق سيشهد هو الأخر في فترة قليلة مقبلة ساحة حرب احتجاجية، بطلها تحالف سائرون الفائز بالانتخابات التشريعية عام 2018 بـ 54 مقعداً. ومؤشر ذلك هو مطالبة الداعم للتحالف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قبل أيام، الحكومة الحالية بالاستقالة لوقف سفك دم العراقين المحتجين على سوء الاوضاع.

ولا يبدو أن دعوة الصدر كانت مجرد موقف يتماشى مع الأحداث فقط، إذ تم التأكيد عليه من خلال كلام قاله محمد صالح العراقي، الذي يوصف بأنه "ثقة السيد" لقربه من الصدر. وقال العراقي عبر صفحته في "فايسبوك": " إن لم يقم ( نواب الشعب ) بواجبهم ازاء الشعب أو لم يعلقوا عضويتهم ستتم معاقبتهم، (..) سيكون لنا موقف أخر، فيا ( سائرون )  كونوا ( ثائرين ) تحت قبة البرلمان لكي تصلحوا ما فسد والا فلنا وقفة جادة فالشعب ما عاد يتحمل بل ان الله سيصب علينا غضبه ان لم تصحوا من هذا الهجوع واسرعوا فقد برح الفؤاد".

هذا الموقف، المهدد بانتفاضة جديدة، يعيد إلى الاذهان ما فعله انصار الصدر عام 2016 عبر اقتحامهم للمنطقة الخضراء واحتلالهم لمبنى البرلمان، لكن هذه المرة هم ليسوا وحدهم، والظروف مهيأة لحشد أكبر إذا ما ساروا الى جانب المحتجين الغاضبين، وهو ما يضع الجميع أمام تحد حقيقي يشير بوضوح الى أن ايام العراق المقبلة ستكون صاخبة، وأن حكومته وضعت أمام عينيها صورة الحريق الشامل، فهل تقرر إشعاله بشرارة الفشل والتنصل مما التزمت به؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها