الإثنين 2018/07/09

آخر تحديث: 09:22 (بيروت)

ما دور أحمد العودة في سقوط ريف درعا الشرقي؟

الإثنين 2018/07/09
ما دور أحمد العودة في سقوط ريف درعا الشرقي؟
محاولة تقديم العودة قائداً للمنطقة باءت بالفشل (انترنت)
increase حجم الخط decrease
ما زال الذهول يسيطر على المشهد في الجنوب السوري بسبب السرعة التي سقطت بها المناطق المحررة في ريف درعا الشرقي، وتحييد بعض القرى والبلدات عن القصف بشكل متعمد، ما أثار الشك والريبة. ولفهم ما حدث، لا بد من سرد مجموعة من الحقائق واﻷحداث جرت قبل أكثر من عام، كان السبب في إخفائها حتى اليوم هو الحرص على السلامة الشخصية.

في تموز/يوليو 2017، وبعد معارك عنيفة خاضتها فصائل المعارضة مجتمعة ضمن غرفة عمليات "البنيان المرصوص" في مدينة درعا، واستمرت ﻷكثر من 100 يوم، وجد الروس أن من مصلحتهم التهدئة في المنطقة، بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها قوات النظام والمليشيات المساندة لها من دون تحقيق نتائج تذكر. وذلك ما حدث فعلاً، إذ تم توقيع اتفاق "خفض التصعيد" بين روسيا وأميركا واﻷردن في العاصمة اﻷردنية عمان، وبضمانة تلك الدول، التي عملت على تأسيس مكتب مراقبة وتوثيق لخروق اﻹتفاق في المنطقة.

وبعد أقل من شهر على توقيع اﻹتفاق بدأ العمل بشكل حقيقي ﻹيجاد حل للوضع في الجنوب السوري. في تلك الفترة عمل نائب رئيس "الهيئة العليا للمفاوضات" خالد علوان المحاميد، وبتنسيق مع دولة الامارات العربية، على تأمين إتصال بين قائد "قوات شباب السنة" أحمد العودة، شقيق زوجة المحاميد، وبين ضباط روس من قاعدة حميميم الروسية. وعقد اجتماع عبر الـ"سكايب" بين الطرفين استمر ﻷقل من ساعة، تم خلاله التأكيد على ضرورة الإلتزام بإتفاق "خفض التصعيد"، والعمل على إقناع قادة الفصائل في الجنوب بحضور إجتماع مشابه مع الجانب الروسي لوضع خريطة طريق للحل في الجنوب.

في آب/اغسطس 2017 تم التجهيز ﻹجتماع حضره أحمد العودة وضباط روس، في بلدة خربا القريبة من السويداء، عرض فيه الجانب الروسي أن تضمن روسيا العمل في اتفاق "خفض التصعيد" مقابل حاجتها إلى حليف واحد فقط في المنطقة للتعامل معه، لا كمجموعة فصائل، وتوفير الدعم اللازم. ووقع اﻹختيار على العودة، قائداً للمنطقة، بدعم روسي، وتنسيق سياسي مسبق بين نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، وخالد المحاميد.

وحاول العودة في تلك الفترة جمع فصائل المنطقة من خلال طرح فكرة تشكيل غرفة عمليات مشتركة للفصائل في المنطقة الجنوبية، إلا أن اﻹجتماع الذي حضرته الفصائل في مدينة بصرى الشام، معقل "شباب السنّة" لم يثمر عن أي نتائج. وعللت الفصائل حينها ذلك بأن الإجتماع لم يكن تأسيسياً بقدر ما هو مشروع تم العمل عليه مسبقاً، وعُرِضَ على الفصائل للتنفيذ.

محاولة تعويم أحمد العودة بدأت بأكثر من طريقة وكان الهدف منها تسليط الضوء عليه، ولعل أهمها إعلان المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا، في أيلول/سبتمبر 2017، امتلاك "شباب السنة" أسلحة كيماوية، والتي لم تجد آذاناً صاغية، ففشلت تلك المحاولة.

وفي مطلع نيسان/أبريل 2018، انتشرت تسريبات عن تعاون بين العودة والروس. وبعد أيام على هذه التسريبات ظهر العودة في تسجيل مصور يقول إن قواته تمكنت من صد محاولة تسلل لقوات النظام بالقرب من مدينة بصرى الشام، ونفى أي تواصل مع أي جهة تدعم النظام.

كل تلك المحاولات الهادفة لتقديم العودة قائداً للمنطقة باءت بالفشل، ولم تنجح في تنفيذ المخطط الروسي، ما دفع النظام ومن خلفه روسيا لشن هجمات عسكرية على الجزء الشرقي من درعا، بعد تفاهمات مع اﻷطراف الفاعلة في المنطقة وعلى رأسها اﻷردن وإسرائيل. والتزم العودة الصمت في تلك المرحلة، ولم يرسل أي تعزيزات عسكرية لخطوط اﻹشتباكات ما أثار الشك لدى بعض الفصائل التي كانت تقاتل في بصر الحرير واللجاة والقرى القريبة منها. ومن دون سابق إنذار، بدأت قوات النظام تحشد في قرى المجيمر وبرد جنوب غربي السويداء من اتجاه بصرى الشام، لتبرير عدم دخول "قوات شباب السنة" للمعركة. وعزز تلك الحشود تسجيل صوتي من العودة لقواته بأن المعركة لم تبدأ، وأنه على استعداد تام لدخولها، وهو ما حدث بعد أيام عندما حاولت تلك التعزيزات التقدم بإتجاه بلدة جبيب في ريف السويداء، وتمكنت "قوات شباب السنة" من تدمير دبابة وقتل عدد من القوات المهاجمة. وبعد يوم واحد فقط، بدأت المفاوضات بين الروس والمعارضة، وفق شروط روسية بإتفاق مع قائد "شباب السنة" ونائب رئيس "الهيئة العليا للمفاوضات".

وكان المحاميد مبتدأ الحكاية في الجنوب، والعودة الخبر، وهو ما تم اﻹتفاق عليه لاحقاً بين المحاميد وبوغدانوف.

وللإنصاف فإن أحمد العودة عمل ﻷكثر من 3 سنوات على جعل بصرى الشام حاضرة المناطق المحررة من ناحية التنظيم وضبط اﻷمن فيها، وبدعم دولة خليجية وصل إلى مليون دولار شهرياً للإدارة المدنية. وكان أشقاء العودة؛ حمزه وحامد ومصطفى، قد قضوا تباعاً برصاص مليشيات النظام بين العامين 2012 و2014.

وامتلك العودة أكبر ترسانة سلاح بعد تحرير بصرى الشام في العام 2015 تجاوزت 300 صاروخ مضاد للدروع ومدافع ودبابات، بدأ تسليمها لقوات النظام، مقابل أن يضمن الروس عدم عودة النازحين الشيعة عن مدينة بصرى، والذين تجاوز عددهم قبل تحرير المدينة الـ5 آلاف. كما ضمن العودة عدم تسلط عائلة المقداد، أكبر عائلات بصرى، ليبقى هو المسيطر الوحيد فيها.

واعتبر البعض أن ذلك هو "ثورة" العودة ضد الشيعة وآل المقداد في بصرى، في حين اعتبره آخرون أفضل ما يمكن تحقيقه مع استمرار القصف الروسي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها