الأربعاء 2016/03/16

آخر تحديث: 13:37 (بيروت)

صدمة وتشاؤم في الشارع المؤيد للأسد في اللاذقية

الأربعاء 2016/03/16
صدمة وتشاؤم في الشارع المؤيد للأسد في اللاذقية
الخبر الكارثي جاء ليلة 15 آذار الذي يصادف الذكرى الخامسة لانطلاق، ما جعل الضربة مضاعفة للمؤيدين (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
"كأن على رؤوسهم الطير"، عبارة تختصر حال مؤيدي النظام السوري في اللاذقية، خاصة العلويين منهم، بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبقرار شخصي منه سحب القوات الرئيسية من سوريا. خبر جاء كالصاعقة على مسامعهم، والمفاجأة التي تصنف تحت بند العيار الثقيل بددت أحلامهم باستعادة كل شبر من سوريا، بعد تدخل روسي لم يستمر أكثر من خمسة أشهر.

الخبر الكارثي جاء ليلة 15 آذار/مارس، الذي يصادف الذكرى الخامسة لانطلاق الثورة السورية، ما جعل الضربة مضاعفة بالنسبة للمؤيدين، لارتباطها بتاريخ طالما كان نذير شؤم بالنسبة لهم.

حالة من الصمت سادت الأجواء، الوجوم طغى على الوجوه، والعيون تاهت تبحث عن تفسير: لماذا هذا التوقيت بالذات؟ وأية مهمة حققتها بنجاح تلك القوات الروسية بينما "داعش" و"النصرة" وبقية الفصائل "الإرهابية" التي تريد اسقاط النظام لا زالت باقية وتتمدد؟

الكل يريد معرفة سبب القرار المفاجئ الذي اعتبره جمهور النظام ضربة معنوية كبيرة لهم، ولأول مرة حرموا مساء الأحد من سماع أغنية ناتاشا الروسية على قناة "سوريا دراما"، بعدما اعتادوا سماعها يومياً. والأغنية تتحدث عن قصة فتاة انتظرت عودة حبيبها من الحرب مكللاً بالنصر. بالفعل عاد الجندي مكللاً بكل شيء، إلا النصر الذي لم يلمسه حتى الآن.

كُثرٌ من سكان اللاذقية لاحظوا تغيراً كبيراً في سلوك الشارع المؤيد للنظام، بعد التدخل الروسي المباشر في سوريا. الاسراع بتعلم اللغة الروسية، وظهور مطاعم ومقاهٍ تحمل أسماءً روسية وتقدم أطعمة روسية، إلى جانب انتشار صور بوتين مزينة بالعلم الروسي في الشوارع وعلى الشرفات، والتهليل لكل جندي روسي يصادفه الموالون في الشوارع.

كان ذلك دليل ارتياح وتشجيع لوجود "الأخوة الروس" على الأراضي السورية، الذين نجحوا في خلق جو ايجابي مغاير لحالة الخوف والقلق التي طغت طوال فترة الثورة السورية، خاصة في العامين الماضيين اللذين شهدا انكسارات واضحة للقوات النظامية. الروس ساهموا في إعادة ريف اللاذقية الشمالي، بمعظمه، الى قبضة النظام الذي استماتت قواته طوال سنوات طويلة للتقدم فيه من دون فائدة. تقدم شجّع على إزالة مختلف الحواجز العسكرية من قلب مدينة اللاذقية، في خطوة جعلت المعنويات تصل السماء، ودفعت بالكثير من المؤيدين للتخطيط لمعركة جسر الشغور التي ستكون بوابة لاستعادة إدلب، الثقب الأسود الذي ابتلع الكثير من قتلاهم حتى الآن.

في صباح 15 آذار/مارس 2016 لم تُسمع أصوات طائرات السوخوي الروسية متجهة كعادتها لقصف بلدات أخرى، وغابت صافرات سيارات الإسعاف المحملة بالجرحى المصابين من العمليات الخاطفة التي تنفذها قوات المعارضة المتبقية في بعض المواقع في الريف الشمالي.

الأحاديث الجانبية والجلسات الجمعية تعقد هنا وهناك، فالجميع تحولوا إلى محللين سياسيين وخبراء استراتيجيين يحاولون قراءة ما حصل. لكن التشاؤم طغى على التفسيرات التي اتجهت إلى لوم وزير الخارجية وليد المعلم، وتحميله مسؤولية ذلك القرار المفاجئ إلى جانب رئيس وفد النظام في مفاوضات جنيف بشار الجعفري، الذي رفض الحديث عن فترة انتقالية في المفاوضات.

وللمفارقة، فلم يجد المؤيدون خطأ في تصريحات المعلم والجعفري، فمقام الرئاسة ما زال خطا أحمر بالنسبة لهما، كما أن الحديث عن تقسيم سوريا أمر مستبعد، لأنها ستعود بكاملها إلى سيطرة الأسد القوي عاجلاً أم آجلاً. فالرئيس، بحسب مؤيديه، سينجح بكل تأكيد في ابتلاع هذه الصدمة، وتحويلها إلى نصر إلهي. لكن نبرة اليأس والخوف في الحديث تدلك على خوف من شيء ما، ولعل "الصفقة عقدت وتم البيع"، كما يهمهم البعض منهم.

النظام بدوره حاول بذل بعض الجهود لامتصاص وقع الخبر على جمهوره، البيانات والأخبار العاجلة المتتالية أكدت التنسيق عالي المستوى مع الروس حول قرار الإنسحاب. النظام روّج من خلال نشراته الإعلامية ومحلليه السياسيين، بأن الوضع سيبقى على ما هو عليه، على الاقل من ناحية الطلعات الجوية. إلا أن تلك الوصفات السريعة لم تفلح كثيراً في تهدئة الموالين، الذين يعانون من حالة عدم توازن تدفعهم للتخبط بين أصوات تؤكد أن روسيا تخلت عن النظام، وأخرى تقول إن الموضوع إعلامي أكثر من كونه تطبيقاً واقعياً على الأرض.

أول المؤشرات السلبية المرتبطة بسعر صرف الدولار، أصبحت أمراً واقعاً وملموساً. فالليرة السورية سجلت تراجعات انهيارية أمام الدولار، منذ سماع الخبر، ووصلت إلى حدود 500 ليرة للدولار الواحد. خطوة تنذر بأن الأمور ليست بخير، وتؤكد مخاوف المؤيدين بأن ما قبل تاريخ إعلان انسحاب الروس الجزئي لن يكون كما بعده.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها